نحن لا نسب آلهة ولو مدعاة .. ولا نحرق كتبا !!

إقدام مغفل أحمق جاهل بإحراق "نسخة من القرآن الكريم" في السويد، عمل مستنكر ومدان ومرفوض، مستنكر من الذي أقدم عليه، ومن الذي أذن به. وعنوان حرية التعبير، لا يسوغه ولا يغطيه.

والفعل في حد ذاته تعبير عن "كراهية" ممجوجة ومرفوضة. والانسانية في هذا العصر بحاجة أكثر إلى التفاهم والتقارب والتواد، ولا تحتاج الى مثل "جرعات او حقن الكراهية" هذه..!!

ومنذ أكثر من ١٤٠٠ عام نهى القرآن الكريم بلغة علوية مستشرفة، عن مثل هذا السلوك، نهى عن أن يكون تبادل المسبات لغة سائدة بين البشر، وبدأ بالنهي اتباعه، حتى لا تستجر المسبةُ المسبةَ، ويجيّش التعبير عن الكراهية الكراهيةَ؛ فقال تعالى، في الكتاب الذي يقدم مروجو الكراهية على إحراق نسخة منه: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)

وانظر في طلاقة التعبير القرآني (الَّذِينَ يَدْعُونَ) الموصول وصلته، وما يعبر عنه من "مدعويين" غارقين في العموم وفي الجهالة ايضا..

فكل قوم يدعون شيئا من دون الله، دعه لهم، حتى لو كان عجلا او جعلا أو شجرا أو حجرا أو فكرة أو مبدأ..

نهيٌ على العموم يقطع على الناس، كل الناس، طريق الشحناء والبغضاء والكراهية أبدا..

وانقل لكم هذا من منظومة قيمية أخلاقية معرفية، كانت قبل الميثاق العالمي لحقوق الانسان بأكثر من ألف عام..

والفعلة التي أقدم عليها الانسان السويدي، فعلة نُكر. على مستوى الخُلق الانساني الفردي القويم.

وإذن الحكومة السويدية بذلك، نُكر آخر. وإنما جُعل الكبار في كل مجتمع ليعلموا وينبهوا ويرشدوا. ويأخذوا الناس الى الارقى والأجمل. حتى لو سكتت عن ذلك القوانين.

ثم الفعلة في سياقها الانساني مع ما فيها من إشعال نار العداوة والبغضاء بين الناس، وقد أصبح اختلاطهم أمرا واقعا، وتعايشهم فريضة ثابتة، كل ذلك يزيد من ضخامة الفعلة، وكبر النكير، ليخرج من إطار النكير على الفرد، إلى إطار النكير على من سمح وحمى وأعان.

ثم إن تنفيذ جريمة الاحراق لنسخة المصحف الشريف، وأنبه إخواني المسلمين، ان لا يكتبوا "إحراق القرآن الكريم" فالقرآن الكريم، أجل وأقدس وأبقى من أن يحرق، تنفيذ العملية أمام السفارة التركية، بالذات من بين دول العالم، فعل له دلالة متعددة الشعب في عوالم الدين والفكر والسياسة والاجتماع..

ومع كل ذلك، وفوق كل ذلك..

أعود لأذكر أخواني المسلمين بقوله تعالى (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى) ونعم الأذى الذي يذكرنا بحقيقتنا وحقيقة بعض الذين لا خلاق لهم من حولنا…

وأقول بعض، لأن الكراهية جرب معد، فلنحذر ولنحرص على إعادة تقديم القرآن الكريم نصا وخلقا ومنهج حياة للناس…ولنقطع على دعاة الكراهية سبلها، وطرقها وأدواتها..

(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)

وليغلبنّ مغالبُ الغلّاب

وكم غالبوا القرآنَ الكريمَ فغلبهم القرآنُ الكريمُ.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1016