وهي تهدم البيوت على الأطفال الفلسطينيين.. إسرائيل: أرسلنا “بعثة إنقاذ” إلى تركيا

العيون تدمع والقلب يتسع بفخر: جنود الجيش الإسرائيلي أنقذوا جثثاً ليهوديين قتلا في أنطاكيا. العيون تدمع والقلب يتسع: بعثة “أغصان الزيتون” أنقذت أول أمس طفلاً ابن 9 سنوات و19 شخصاً، ومثل كل شيء آخر، أعطى الجيش هذه العملية اسماً طفولياً وثمة علاقات عامة من قبل مكتب العلاقات العامة الأكبر في الدولة، ووحدة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. إسرائيل هي الثانية بعد أذربيجان من حيث حجم بعثة الإنقاذ التي أرسلتها إلى تركيا. وثمة شك بأن أكثر الصحف انتشاراً في أذربيجان قد خرجت بعنوانها الرئيسي “مهمة قيمية” كما فعلت صحيفة “إسرائيل اليوم”. امتلأ القلب فخراً.

ما يفعله الجيش الإسرائيلي في تركيا في الحقيقة يثير التقدير: قضوا أياماً وليالي وهم ينبشون في الأنقاض في دولة أجنبية، وبعد ذلك تقديم العلاج للناجين بإخلاص ليس له حد، وأيضاً في دولة شبه معادية. كل الاحترام للجيش الإسرائيلي. ولكن هل هذا هو الجيش الإسرائيلي الذي عرفناه؟ الجيش الإسرائيلي الذي صدمنا منه؟ ينقذ أطفالاً في تركيا ويقتل أطفالاً في الضفة؛ ينبش في الأنقاض ويبحث عن جثث لأتراك ويخطف عشرات الجثث لفلسطينيين ويحفظها في الثلاجات؛ يخلي أنقاض البيوت التي تدمرت في الزلزال ويهدم بالجرافات مئات البيوت في السنة. من غير الغريب إذا كان نفس الجنود الذين أرسلوا إلى تركيا هم أنفسهم الجنود الذين يهدمون في مسافر يطا. والضابطة التي أغلقت أمام العدسات بيت عائلة خيري علقم في الطور، ربما أيضاً هي التي تخلي الأنقاض الآن في تركيا بانفعال.

هذا ما يبثه الجيش الإسرائيلي: انفعال لمرة واحدة، أخلاقي ومثير للفخر. هو يفعل ذلك من خلال الشعور بالمسؤولية، بالتأكيد، ولكن لا يمكن إخفاء الجهود الكبيرة المبذولة للحصول على مكاسب من عملية إنسانية. كم هو مؤثر إحضار جثماني ترتونا وشاؤول من أنطاكيا لدفنهما في إسرائيل – وماذا بشأن جثمان وديع أبو رموز (17 سنة) من سلوان؟ هل نحتاج إلى النبش من أجل دفنه؟ لا نحتاج أكثر من إخراجه من الثلاجة التي تم اختطافه وإدخاله إليها. وماذا بشأن مئات العائلات التي صادر الجيش الإسرائيلي جثامين أعزائهم، وهي تقوم بالحداد عليهم بدون وجود قبور لهم؟ كيف يمكن فهم أن جيشاً كهذا بهذه الوحشية والبربرية يمكن أن يغير جلده مرة واحدة ويتحول إلى جيش خلاص. نفس القادة ونفس الجنود ونفس الزي – ينقذون ويقتلون، يرممون ويصلحون ويهدمون، ينقذون من تحت الأنقاض وفي الوقت نفسه ينزلون الدمار على الآخرين.

لا يوجد أي فرق بين ضحية زلزال وضحية هدم على يد إنسان من ناحية الكارثة التي نزلت عليهم. هؤلاء وأولئك بقوا من دون مأوى ودون أي شيء. في اليوم الذي التقطت فيه بعثة الجيش الإسرائيلي الصور وهي في الطريق إلى تركيا، تم التخطيط لهدم بيت من عدة طوابق في سلوان، 12 شقة، 77 شخصاً جدداً أصبحوا بدون مأوى، من بينهم 12 طفلاً. ما لا يفعله الزلزال يفعله الجيش. هل سيقدم لهم الجيش مساعدة إنسانية بعد الزلزال الخاص بهم؟

هكذا نحب أن نظهر، إنسانيين جداً ومنقذين جداً. نذهب إلى منطقة الكارثة لبضعة أيام، نقوم بالإنقاذ والإخلاء وبالطبع نلتقط الصور، وبعد ذلك نعود إلى الروتين. مسموح التفاخر بالمنقذين، لكن يجب ألا ننسى بأن إسرائيل من الدول الوحشية وقاسية القلب في العالم بالنسبة لطالبي اللجوء، لاجئي الحرب والناجين من الكوارث. من السهل إرسال بعثات إنقاذ، ويصعب بدرجة أكثر استيعاب اللاجئين. الأردن وتركيا والسويد وألمانيا منارة للأغيار أكثر من إسرائيل المنقذة. هذه الدول استوعبت ملايين اللاجئين من سوريا والعراق والبلقان في السنوات الأخيرة. هي تدفع ثمناً باهظاً مقابل عملية الإنقاذ هذه، ولا يصفق لها أحد. في المقابل، لا يخطر ببال إسرائيل استيعاب عدد من الناجين من الزلزال.

تغريدة مجهولة في تويتر نشرت قصة تقول: “في الوقت الذي ينقذ فيه جنود الجيش الإسرائيلي المسلمين في تركيا، فإن مسلمين آخرين يقتلون الإسرائيليين”. حقاً، ألن نحصل على المقابل الكامل عن عملية “أغصان الزيتون”؟ وكيف لا يغفر لنا الفلسطينيون كل ما فعلناه ضدهم؟ في نهاية المطاف، أنقذنا 19 شخصاً من تحت الأنقاض!

وسوم: العدد 1019