الزلازل المدمرة التي ضربت بلاد المسلمين

ضرب جنوب تركيا وشمال غربي سورية زلزال مدمر كانت قوته 8/7 درجات على مقياس رختر يوم الإثنين السادس من شباط 2023، تأثرت به عشرة ولايات تركية وأربعة محافظات سورية، وكان قوياً إلى درجة لم تستطع مقاومته معظم مباني وعمارات هذه الولايات والمحافظات التي هوت وتساقطت على رؤوس ساكنيها فجأة وبلا إنذار، مخلفة عشرات الآلاف من الضحايا والمفقودين والمصابين وتشريد مئات الألوف ممن كتب الله لهم النجاة.

وفي مراجعة لما روته كتب التاريخ لما أصاب عالمنا الإسلامي من مثل هذا الزلزال المدمر وما خلف من موت ودمار؛ وصلت إلى معلومة أن ما أصابنا من وقع هذا الزلزال ليس بأكثر مما أصاب أجدادنا من كوارث نتجت عن مثل هذا الزلزال المدمر من خراب ودمار وموت.

لم يكن أجدادنا يمتلكون أي وسيلة من الوسائل الحديثة مثل تلك التي بين أيدينا تساعدنا في البحث عن ناجين، ولا في رفع هذا الردم الهائل وإزالة العمارات المتصدعة التي يُخشى من وقوعها على رؤوس الناس فتهلكهم فجأة وهم عنها غافلون، ولم يكن لديهم سيارات إسعاف أو طواقم إنقاذ أو إسعاف أو ممرضين أو أطباء، أو دول تسمع بما حل بهم فتهرع لإنقاذهم، وتسارع بإرسال المعونات وفرق الإنقاذ، فقد يقع زلزال مدمر في أنطاكية فلا يسمع بما حل بها أهل حلب.

ومثال على ما تقدم مأساة حماة في سورية عام 1982 عندما دمر القاتل السفاح حافظ أسد مدينة حماة على رؤوس ساكنيها وسوى أحياءها بالأرض، وقتل فيها أكثر من أربعين ألفاً وهجّر نحو 300 ألف من أهلها، ولم يُسمع بهذه المأساة إلا بعد أيام وأسابيع من وقوعها.

وهذه الأحداث الكارثية جعلت الناس{يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق}، ويردون أيديهم على أعينهم من البوارق، ولا عاصم لخطف الأبصار، ولا ملجأ من الخطب إلا معاقل الاستغفار. وفر الناس نساءً ورجالاً وأطفالاً، ونفروا من دورهم خفافاً وثقالاً، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، فاعتصموا بالمساجد الجامعة، وأذعنوا للنازلة بأعناق خاضعة، بوجوه عانية، ونفوس عن الأهل والمال سالية، ينظرون من طرف خفي، ويتوقعون أي خطب جلي، قد انقطعت من الحياة علقهم، وعميت عن النجاة طرقهم، ووقعت الفكرة فيما هم عليه قادمون، وقاموا على صلاتهم وودوا لو كانوا من الذين عليها دائمون، إلى أن أذن بالركود، وأسعف لها الهاجدون بالهجود، فأصبح كل مسلم على رفيقه، ويهنيه بسلامة طريقه، ويرى أنه قد بعث بعد النفخة، وأفاق بعد الصرخة والصيحة، وأن الله قد رد له الكرة، وأحياه بعد أن كاد يأخذه على غرة، ووردت الأخبار بأنها قد كسرت المراكب في البحار، والأشجار في القفار، وأتلفت.

نعود إلى ما روته كتب التاريخ عن وقوع مثل هذا الزلزال المدمر الذي حلّ بأوطاننا وأهلك ودمر وشرد، فقد ضربت بلاد الشام زلازل مدمرة سنة (94هـ/712م). ودامت تهز مدن الشام وقراها أربعين يوماً متتالياً، ‏فخربت معظم هذه المدن وهذه القرى. وقد أتت هذه الزلازل على مدينة (أنطاكية) فسوتها مع الأرض.

وفي سنة (130هـ/747م) ضربت الزلازل بلاد الشام بشدة، مما أدى إلى خراب بيت المقدس، فاندفع ‏الناس إلى خارج المدن قاصدين البراري خوفاً وهلعاً، ودامت هذه الزلازل أربعين يوماً.

كما روى الطبري وابن الأثير والترمانيني

وضربت مصر زلازل سنة (180هـ/796م) عنيفة، سقطت من شدته منارة الإسكندرية، ومات تحت ‏أنقاض الدور والأبنية التي تهدمت خلق كثير.‏

كم وقع في بلاد خراسان سنة (203هـ/818م) زلازل مدمرة دامت سبعين يوماً. وكان أشدها في مدينة ‏‏(بلخ) وهي مدينة مشهورة بخراسان. ينسب إليها عدد كبير من الفقهاء والمفسرين والمحدثين، فقد دمرت ربع ما فيها من الأبنية، وقتل من جراء ذلك الألوف من الناس. كما تهدمت الدور ‏في مدن (الجوزجان) و(الفارياب) و(الطالقان) و(ما وراء النهر). وهلك ألوف الناس وشرد أضعاف ‏أضعافهم.

كما هزت الزلازل بلاد اليمن سنة (212هـ/827م)، فخربت هذه الزلازل كثيراً من المدن والقرى، وهلك تحت ‏الردم خلق كثير. وكان أشد هذه الزلازل في مدينة عدن، حيث أتى الزلزال على أكثرها ومات من أهلها ‏الآلاف. كما روى الطبري وابن كثير وابن الأثير والترمانيني.‏

وضرب مدينة نيسابور وما حولها زلزل سنة (223هـ/837م) فتهدم معظم أبنيتها، ومات تحت الأنقاض ‏خلق كثير.

وهز زلزال عنيف منطقة الأحواز سنة (225هـ/839م)، ودام لأيام، هدم العديد من الدور والأبنية.‏

كما وقعت الزلازل ببلاد منطقة الري فدمرتها، ودامت أربعين يوماً، وذهب تحت الردم خلقاً لا ‏يحصون، واكتسحت العواصف بلاد ما وراء النهر وخراسان، كما خربت ريح قوية بعض بلاد الترك وقتلت ‏كثيراً من الناس.‏

وبقيت الزلازل الهائلة تضرب بلاد المسلمين حتى دخلت السنة التالية، فمنها ما كان بمدينة (قومس) ‏في شعبان، حيث تهدمت كثير من أبنيتها، ومات من أهلها نحو من خمسة وأربعين ألفاً وستة وتسعين ‏نفساً، وضربت هذه الزلازل اليمن وخراسان وفارس والشام والدامغان، فأهلكت الآلاف من الناس، ‏وهدمت المئات من الدور والمساكن والسدود. كما روى الطبري وابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

كما وقعت زلازل كثيرة في بلاد شتى من بلاد المسلمين سنة (245هـ/859م). فدمرت العديد من مباني أنطاكية، فقد سقط فيها ما يزيد على ألف وخمسمائة دار، وانهدم من سورها نيف وتسعون برجاً. وسمعت من كوى دورها أصوات مزعجة جداً فخرج الناس من منازلهم سراعاً يهرعون فراراً وخوفاً، وسقط الجبل الذي إلى جانبها الذي يقال له الأقرع فساخ في البحر، فهاج البحر عند ذلك وارتفع دخان أسود مظلم منتن، وغار نهر على فرسخ منها فلا يدرى أين ذهب، وسمع أهل (تنيس) ضجة طويلة مات منها خلق كثير، كما زلزلت (الرها) و(الرقة) و(حران) و(رأس العين) و(حمص) و(طرطوس) و(المصيصة) و(أذنة) وسواحل الشام. ورجفت (اللاذقية) بأهلها فلم يبق منها منزل إلا انهدم، وما بقي من أهلها إلا القليل، وذهبت (جبلة) بأهلها وغارت (مشاش) - عين مكة - حتى بلغ ثمن القربة فيها بثمانين درهماً. كما ضربت الزلازل مصر والعراق والجزيرة، وتهدمت (الرملة). كما زلزلت في هذه السنة بلاد المغرب حتى تهدمت الحصون والمنازل والقناطر، وزلزل المعسكر في بغداد، وزلزلت (المدائن). كما روى ابن كثير وابن الأثير والطبري والترمانيني.

وأصاب مناطق الري سنة (249هـ/863م) زلزال شديد مدمر، هدم الدور، وقتل الآلاف من الناس. وتبع الزلزال رجفة هائلة، وهرب من بقي من الناس إلى البراري والصحراء.

ووقعت في العراق سنة (258هـ/871م) زلزلة شديدة، وهدة عظيمة، تهدمت من قوتها بيوت ودور كثيرة، ومات من الناس نحو عشرين ألفاً. كما حدثت هزات بالبصرة تساقط منها أكثر أحياء المدينة، ومات من هذه الهزة أكثر من عشرين ألف إنسان.

كما أصاب بلاد الشام سنة (267هـ/880م) زلزلة عظيمة، وامتدت إلى مصر وأفريقيا والأندلس. وسبق هذه الزلزلة هزة عظيمة وقوية، تهدمت العديد من الدور والبيوت في تلك المناطق.

ووقع في جمادى الأولى من عام (272هـ/885م) زلزال مدمر في مصر، خرب الدور والبيوت في القاهرة، وتهدم بعض أجزاء من المسجد الجامع، وأحصي من مات تحت الهدم في اليوم الأول ما يزيد على ألف نفس. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

وفي شهر شوال من عام (280هـ/893م) خسف القمر في دبيل(2)، ثم تجلى في آخر الليل، فأصبح الناس صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمة، ودامت الظلمة عليهم، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديدة دامت إلى ثلث الليل، فلما كان ثلث الليل زلزلوا فأصبحوا وقد ذهبت المدينة، فلم ينج من منازلها ودورها إلا القليل، قدر مئة دار، ودفن الناس تحت الأنقاض. وقدر من دفن بحوالي ثلاثين ألف نفس، كان البقية من الأحياء يخرجون الأموات من تحت الأنقاض ويدفنونهم.

كذلك زلزلت دبيل خمس مرات بعد تلك الزلزلة المدمرة، وقيل إنه - بعد توقف الهزات - أخرج من تحت الهدم مئة وخمسون ألف إنسان ميت. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

وضربت دبيل زلزلة قوية في سنة (288هـ/900م) ، فخسفت المدينة بالناس، فلم ينج من هذأ الزلزال إلا القليل. وأحصي من مات تحت الردم في اليوم الأول فكان أكثر من ثلاثين ألف نفس. ودامت الزلازل تضرب دبيل أياماً، حتى بلغ من هلك من هذه الزلازل نحو مئة وخمسين ألف إنسان.

وضربت مناطق نسا سنة (331هـ/942م) زلزلة مدمرة، خربت البلدان وهدمت القرى، ومات تحت الهدم بشر لا يحصون. وكانت زلزلة عظيمة لم يسمع بمثلها من قبل.

وضربت الزلازل الجزيرة وحلب والعديد من بلاد الشام سنة (340هـ/951م)، فدمرت هذه الزلازل ثغر رعبان - قرب الفرات - وأتت على قلعتها. كما خربت مدينة حلب وبعض المناطق حولها، ودامت هذه الزلازل أربعين يوماً، وهلك تحت الردم والأنقاض خلق كثير. كما تأثر ثغر دلوك وثغر حامد بهذه الزلازل تأثيراً كبيراً، فقد سقط من سور دلوك ثلاثة أبراج. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

وضربت القاهرة زلزلة عظيمة مدمرة سنة (344هـ/955م)، هدمت البيوت ودكت الدور، ودامت لثلاث ساعات متواصلة، ففزع الناس إلى الله تعالى بالدعاء، ثم سكنت بعد ذلك.

ووقعت زلزلة مدمرة سنة (345هـ/956م) في همذان واسترباذ ونواحيها، فتهدمت البيوت، وانشق قصر شيرين بصاعقة، ومات تحت الهدم خلق كثير لا يحصون لكثرتهم.

كما ضربت العراق وبلاد الري والجبل وقم وما حولها زلازل كثيرة استمرت نحو أربعين يوماً، تسكن ثم تعود، فتهدمت من هذه الزلازل أبنية كثيرة، وغارت مياه كثيرة، ومات خلق كثير. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

ووقعت في نيسان من سنة (347هـ/958م) زلزلة شديدة في بغداد، كما ضربت الزلازل العنيفة حلوان وبلدان الجبل وقم وقاشان، فقتلت خلقاً كثيراً تحت أنقاض البيوت والدور المهدمة.

وضربت واسط سنة (363هـ/974م) زلزلة قوية في ذي الحجة، وهدمت بعض البيوت.

وضربت المهدية(2) سنة (367هـ/977م) الزلازل لمدة أربعين ليلة، ذاق أهلها الأهوال، وفارقوا منازلهم فراراً من الموت مخلفين أموالهم وأمتعتهم.

كما ضربت العراق في السنة القابلة زلازل شديدة، وكان أقواها في بغداد.

وفي رجب من عام (376هـ/986م) ضربت زلزلة قوية مدينة الموصل، فهدمت كثيراً من المنازل وأهلكت خلقاً كثيراً تحت الهدم والأنقاض. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

في ليلة الأحد السادس عشر من شعبان من سنة (398هـ/1007م) ضربت زلزلة عظيمة الدينور، فهدمت المنازل، وهلك تحت أنقاضها أكثر من ستة عشر ألف نفس، ما عدا ما لم يتمكن الناس من إخراجه من تحت الأنقاض، وفر من بقي من الناس إلى الصحراء، وأقاموا في أكواخ أقاموها، وذهب من الأثاث والمتاع تحت الهدم مالا يحصى.

وكثرت في سنة (425هـ/1033م) الزلازل، فضربت مصر والشام، فهدمت شيئاً كثيراً من بيوتها ودورها، ومات تحت الردم خلق كثير. ودمر بفعل الزلازل ثلث مدينة الرملة، وتقطع جامعها تقطيعاً، وفر من تبقى من أهلها هاربين، فأقاموا بظاهرها ثمانية أيام، ثم سكن الحال فعادوا إليها. وسقط بعض حائط بيت المقدس، ووقع محراب داود، وتهدم بعض مسجد إبراهيم، وسلمت الحجرة، وسقطت منارة عسقلان(1)، ورأس منارة غزة، وسقط نصف بنيان نابلس، وخسف بقرية البارزاد فهلك أهلها وبقرها وغنمها، وساخت الأرض في كثير من القرى. كما روى ابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

وضربت تبريز سنة (434هـ/1042م) زلزلة عظيمة، هدمت قلعتها وسورها وما فيها من دور، وكان في مقدمة ما تهدم دار الإمارة، وعامة قصورها، ومات تحت الهدم نحو خمسون ألفاً من الناس، ولبس من تبقى من أهلها السواد حداداً على الأموات. كما روى ابن الجوزي وابن الأثير.

وهزت أرجان والأهواز ونواحيهما سنة (444هـ/1052م)، زلازل عظيمة ارتجت منها الأرض وتهدمت منها الحيطان، ووقعت شرفات القصور. وحكى بعض من يُعتمد على قوله أنه كان قاعداً في إيوان داره فانفرج حتى رأى السماء من وسطه ثم رجع إلى حاله.

كما ضربت خراسان زلزلة عنيفة خربت كثيراً من دورها، وهلك بسببها خلق كثير، وكان أشدها بمدينة بيهق حيث خربت بمجملها. كما روى ابن الجوزي وابن الأثير.

وفي الثامن عشر من شوال بين المغرب والعشاء كانت زلزلة عظيمة ببغداد والموصل لبثت ساعة، ولحق بالناس منها خوف شديد، وتهدمت دور كثيرة.

ثم وردت الأخبار أن هذه الزلزلة وصلت إلى همذان وواسط وعانة وتكريت. وذكر أن رحى الطواحين توقفت بسبب هذه الزلازل.

وفي ليلة الاثنين لخمس بقين من ربيع الآخر سنة (455هـ/1063م) انقض كوكب كبير على بغداد، كان له ضوء كبير، وفي صبيحة اليوم التالي جاءت ريح ومطر فيه برق ورعد.

كما ضربت الزلازل في نفس الشهر أنطاكية واللاذقية، وبعض بلاد الروم وطرابلس وصور(3) وأماكن من بلاد الشام، ووقع قطعة كبيرة من سور طرابلس.

وفي ذي الحجة كانت زلزلة بأرض واسط لبثت طويلا. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

كما ضربت فلسطين في جمادى الأولى من سنة (460هـ/1068م) زلزلة مدمرة، أهلكت مدينة الرملة، فتركتها قاعاً وخراباً ينعق البوم على أطلالها، فقد خسفت الأرض بها، ولم يسلم من مبانيها إلا داران فقط، وهلك من أهلها خمس وعشرون ألف نسمة.

كما ضربت الزلازل بلاد الحجاز، حيث وقعت شراريف من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحقت وادي الصفر وخيبر.

وفي يوم الثلاثاء الحادي عشر من جمادى الأولى - الثامن والعشرين من آذار - من سنة (462هـ/1070م) ضربت مدينة الرملة مرة ثانية زلزلة عظيمة أتت على ما تبقى وما تجدد بها من بيوت في الزلزلة السابقة، وأضافت إلى خرابها خراب، وانهدم سورها.

كما ضربت الزلازل بيت المقدس ونابلس، وانخسفت إيليا - القدس - وانهدمت إحدى زوايا جامع القاهرة، وتبعت هذه الزلازل زلزلتان أخريان. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير والترمانيني.

وفي ليلة الجمعة لأربع بقين من ربيع الآخر سنة (464هـ/1071م) عند طلوع الفجر، ضربت بغداد زلزلة ارتجت لها الأرض ست مرات.

وفي المحرم من عام (478هـ/1085م)، ضربت أرجان وما حولها زلزلة قوية تهدمت البيوت والدور على أهلها، فهلك تحت الأنقاض خلق كثير، وسقطت منارة الجامع فيها، وهلك عدد من الحيوانات لا تحصى.

وضربت بغداد زلزلة قوية سنة (479هـ/1086م)، ثم امتدت إلى باقي العراق والجزيرة لتصل إلى الشام، فهدمت كثيراً من العمران في بغداد والعديد من مدن العراق والجزيرة والشام، وفر الناس من بيوتهم إلى الصحراء، ثم عادوا بعد أن سكنت البلاد. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير.

وفي الشهر نفسه وقعت زلزلة في همذان وما داناها من أرض الجبل، فرجفت بها الأرض سبعة أيام. ووقعت منازل كثيرة، وهلك خلق كثير تحت الردم، وسقط برجان من قلعة همذان، وهلك من سوادها ناحيتان، وخرج الناس إلى الصحراء حتى سكنت الزلزلة ثم عادوا.

وفي التاسع من شعبان من سنة (484هـ/1091م) ضربت دمشق وكثير من البلاد الشامية زلازل متواصلة، وفر الناس من المدن خوفاً من هذه الزلازل، تاركين أمتعتهم ودوابهم.

وتهدمت أكثر دور وبيوت أنطاكية، وهلك تحت أنقاض هذه الدور عدد لا يحصى من الناس، وخرب من سورها تسعون برجاً.

وفي المحرم من سنة (487هـ/1094م)، ضربت بغداد زلزلة قوية بين العشائين، خربت بيوت ومساكن كثيرة في بغداد، وكان ممن مات بفعل هذه الزلزلة (الخليفة المقتدي). كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير.

وضربت الجزيرة وبلاد الشام سنة (508هـ/1114م) زلزلة هائلة، هدمت منها ثلاثة عشر برجاً، وخربت من الرها بيوتاً كثيرة، وتساقطت بعض بيوت خراسان، وتهدمت دوراً كثيرة في بلاد شتى، وهلك من أهل خراسان بفعل هذا الزلزال نحو مئة ألف نفس، وخسفت الأرض بنصف قلعة حران، وسلم نصفها، وخسفت الأرض بمدينة سميساط، وهلك تحت الردم خلق كثير.

وفي الرابع من صفر سنة (511هـ/1117م) انخسف القمر خسوفاً كلياً. وكانت في هذه السنة زلازل مدمرة ببغداد، سقطت منه دور كثيرة بالجانب الغربي، وانقطع الغيث عن العراق كافة في السنة القابلة.

ووقعت في سنة (524هـ/1129م) زلازل مدمرة ببغداد والجبل والموصل والجزيرة، وكانت بدايتها في ليلة الجمعة السادس عشر من ربيع الأول - آخر شباط - واهتزت الأرض مراراً كثيرة، ووقعت دور لا تحصى من بغداد في الجانب الشرقي والغربي. ثم حدث موت بين الناس. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير.

ووقعت في جمادى الثانية وقت الضحى في بغداد من سنة (529هـ/1135م) زلزلة شديدة ضربتها ثلاث مرات متوالية، تحركت جدران البيوت والدور لقوتها.

كذلك ضربت الزلازل الموصل وبلاد الجبل، وتهدم من قوتها بيوت كثيرة، ودفن تحت الأنقاض بشر لا يعدون.

وفي شوال من نفس العام عادت هذه الزلازل وضربت بغداد مراراً ما بين 5-6 مرات، وبقيت على ذلك حتى يوم الجمعة السابع والعشرين من شوال. وفي يوم الثلاثاء منتصف الليل، ارتجت الأرض تحت بغداد رجة عظيمة تفرقت لوقعها السقوف، وانتثرت الحيطان، ولم تزل الأرض تميد من منتصف الليل إلى الفجر والناس يستغيثون. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير.

وفي يوم السبت غرة ذي الحجة عند الضحى من سنة (544هـ/1150م) ضربت بغداد زلزلة عظيمة، وبقيت الأرض ترتج نحواً من عشر مرات، كما ضربت زلزلة حلوان فتقطّع جبل وساخ في الأرض، وتهدم الرباط البهروزي وهلك جمع غفير من التركمان، كما اشتدت بأهل بغداد علة عمت الخلق.

وفي شهر رجب من عام (552هـ/1157م) ضربت بلاد الشام الزلازل، فتهدمت منها ثلاثة عشر بلداً، ثمانية منها في بلاد الإسلام، وخمسة كان يحتلها الصليبيون، أما بلاد الإسلام فهي:

وهلك من أهل حلب نحو مئة نفس، وأما حماة فهلك جميع أهلها إلا القليل، وأما شيزر فلم يسلم منها إلا امرأة وخادم لها، وهلك جميع أهلها، وأما كفر طاب فلم يبق منها أحد، وأما أفاميا فهلكت وساخت قلعتها، وأما حمص فهلك منها خلق عظيم، وأما المعرة فهلك بعضها، وأما تل حران فإنه انقسم نصفين وظهر من وسطه نواويس وبيوت كثيرة، وأما حصن الأكراد وعرقة فهلكتا جميعاً، وهلكت اللاذقية، ولم يبق منها إلا نفر قليل، ونبع فيها جومة فيها حمأة وفي وسطها صنم واقف. وأما طرابلس فهلك معظم أهلها، وأما أنطاكيا فسلم بعض أهلها. كما روى الجوزي وابن كثير وابن الأثير.

ووقعت زلزلة عظيمة في بلاد الشام والجزيرة سنة (565هـ/1169م) وعمت أكثر الأرض، وتهدمت أسوار كثيرة في مدن وثغور الشام، وسقطت دور كثيرة على أهلها، ولا سيما في دمشق وحمص وحماة وحلب وبعلبك التي سقط معظم سورها وقلعتها.

وامتدت الزلازل لتضرب العراق والموصل وغيرها من البلاد. كما روى ابن كثير وابن الأثير.

وفي نفس السنة أيضاً زلزلت بلاد العجم من جهة العراق إلى ما وراء الري، وهلك منها خلق كثير، وتهدمت دور كثيرة، وكان أكبر الدمار بالري وقزوين.

وضربت زلازل مدمرة بلاد كثيرة من ديار المسلمين، وخسفت الأرض بمدن وقرى، وذكر منها: الري وقزوين، فقضى الآلاف تحت الهدم والأنقاض.

وفي ربيع الأول من عام (590هـ/1194م) ضربت الزلازل الجزيرة والعراق وكثير من البلاد وسقطت منها الجبانة التي عند مشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وضربت الزلازل العظيمة سنة (597هـ/1200م) عموم بلاد المسلمين تقريباً، فقد بدأت ببلاد الشام وامتدت إلى الجزيرة وبلاد الروم والعراق، وكان أقواها وأشدها بدمشق، حيث تهدمت فيها بيوت كثيرة، وتخرّبت محال لا تعد، وخسفت الأرض بقرية من أرض بصرى الشام. وأما سواحل الشام وغيرها، فقد هلك فيها بلدان وقرى كثيرة. وخرب في طرابلس وصور وعكا دور ومحال كثيرة، وكذلك كان الحال في نابلس، التي لم يبق منها سوى حارة السامرة، وقيل أن من مات بها وبقراها ينوف عن ثلاثين ألف نفس تحت الردم، وسقطت أجزاء كبيرة من المنارة الشرقية بدمشق (في الجامع الأموي)، وأربع عشرة شرافة منه، وسقطت معظم الكلاسة والمارستان النوري، وخرج الناس إلى الميادين يستغيثون، وسقط معظم قلعة بعلبك مع وثاقة بنيانها. وانفرق البحر إلى قبرص، وألقى البحر بالمراكب إلى ساحله، وتعدى إلى ناحية الشرق، فسقط بسبب ذلك دور كثيرة، ومات أمم لا يحصون ولا يعدون، حتى قال صاحب (مرآة الزمان): إنه مات في هذه السنة بسبب الزلزلة نحو من ألف ألف ومئة ألف إنسان (1,100,000) قتلاً تحت أنقاض البيوت والجدر، وقيل إن أحداً لم يحص من مات في هذه السنة من هذه الزلازل والله سبحانه أعلم. خلقاً كثيراً من السفّار، ومنهم من فر فلا ينفعه الفرار. كما روى ابن كثير وابن الأثير.

وضربت زلزلة قوية سنة (600هـ/1203 مصر والشام والجزيرة وقبرص وغيرها من البلاد، ووصلت الزلزلة إلى الموصل والعراق وغيرها، وتهدم من مدينة صور سورها، وأثّرت هذه الزلزلة في أبنية معظم بلاد الشام.

وفي ليلة الأربعاء لخمس بقين من شهر رجب من سنة (604هـ/1207م) زلزلت الأرض وقت السحر بالموصل، وجاءت الأخبار بأن كثيراً من البلاد زلزلت ولم تقع خرائب ولم يحدث دمار كثير.

وامتدت الزلزلة إلى السنة القابلة، فقد ضربت زلزلة عظيمة نيسابور وخراسان، وكان أشدها بنيسابور، حيث فر أهلها إلى الصحراء وبقوا هناك أياماً حتى سكنت الأرض وعادوا إلى مساكنهم.

ووقعت زلزلة عنيفة سنة (608هـ/1211م) بالقاهرة وعامة مصر، وتهدمت منها دور كثيرة.

كذلك ضربت الزلازل الكرك والشوبك، وهدمت من قلعتها أبراجاً، ومات خلق كثير من الصبيان والنسوان تحت الهدم، وشوهد دخان نازل من السماء فيما بين المغرب والعشاء عند قبر (عاتكة) غربي دمشق. كما روى ابن كثير وابن الأثير وياقوت الحموي.

وفي ليلة الواحد والعشرين من صفر من سنة (622هـ/1225م) زلزلت الأرض بالموصل وديار الجزيرة والعراق عامة، وكانت زلزلة متوسطة القوة.

وفي الخامس عشر من صفر قبل وقوع الزلزلة خسف القمر في سماء مدن العراق.

وامتدت الزلازل إلى السنة القابلة، فقد ذكر ابن الأثير: أن زلازل قوية ضربت الموصل والجزيرة، هدمت كثيراً من القرى والقلاع في نواحيها. كما روى ابن الأثير وابن كثير.

وضربت الموصل سنة (661هـ/1262م) زلزلة عظيمة أتت على الكثير من أحيائها فهدمت الدور والبيوت، وراح عدد من الناس قتلى تحت الأنقاض.

وفي يوم الثالث والعشرين من ذي الحجة من عام (702هـ/1303م) وقعت زلزلة عظيمة، ضربت الديار المصرية، تلاطمت بسببها البحار فكسرت المراكب وتهدمت الدور، ومات خلق كثير لا يعلمهم إلا الله، وشققت الحيطان. ولم ير مثل هذه الزلزلة في تلك الأيام، وكان منها بالشام طائفة، ولكنها كانت خفيفة ولم يكن هناك أضرار.

وفي المحرم من عام (722هـ/1322م) ضربت دمشق زلزلة عظيمة.

وفي ربيع الأول من عام (727هـ/1327م) ضربت بلاد الشام زلزلة قوية. كما روى ابن كثير.

وفي يوم السبت الخامس عشر من شعبان من سنة (744هـ/1343م) ضربت زلزلة دمشق، لم يشعر بها أكثر الناس للطافتها.

وتواترت الأخبار بأن الزلازل ضربت حلب وهدمت كثيراً من دورها، وسقط بعض الأبراج بقلعتها، وتساقط العديد من مساجدها ومشاهدها وجدرانها.

كما هدمت الزلازل العديد من القلاع حول حلب. وذكر أن مدينة منبج لم يبق من دورها إلا القليل، وأن عامة الساكنين بها هلكوا تحت الردم.

وفي جمادى الأولى من سنة (807هـ/1404م) زلزلت مدينة حلب زلزلة عظيمة، ففزع الناس لها ولجأوا إلى الله، فسكنت ثم عادت مراراً دون أن تؤدي إلى خسائر تذكر.كما روى ابن حجر وابن كثير.

وفي شعبان من سنة (787هـ/1385م) زلزلت مصر والقاهرة زلزلة لطيفة، وذلك في ليلة الثالث عشر من شعبان.

وفي ذي القعدة من عام (809هـ/1407م) زلزلت أنطاكية زلزلة عظيمة مات من جرائها تحت الهدم عدد كثير قيل مئة وأكثر.

وفي العاشر من شعبان من سنة (811هـ/1408م) هزت زلزلة عظيمة الأرض في بلاد حلب وطرابلس، فخربت في اللاذقية وجبلة وبلاطيس أماكن عديدة، وسقطت قلعة بلاطيس فمات تحت الردم خمسة عشر نفساً، وخربت بلاد شعر بكاسكلها وقلعتها، ومات جميع أهلها إلا خمسين نفساً. كما روى ابن حجر.

وضربت مدينة غرناطة بالأندلس سنة (834هـ/1430م) زلزلة أدت إلى خسف الأرض في عدد من الأماكن، وانهدم بعض أجزاء من القلعة، وبقيت الأرض تهتز أياماً، وسقط بعض جدار الجامع الأعظم، وخاف أهل البلد فخرجوا يهيمون على وجوههم إلى الصحراء. كما روى ابن حجر.

وفي ليلة السبت الثالث عشر من المحرم من سنة (1225هـ/1810م) ضربت القاهرة زلزلة عجيبة ارتجت منها الجهات ثلاث درجات متواليات، واستمرت نحو أربع دقائق، فخاف الناس منها، وفر كثير من السكان من دورهم إلى الأزقة يريدون الخلاص إلى الفضاء مع بعدهم عنه، وكان ذلك في أول الساعة السابعة من الليل. وأصبح الناس يتحدثون بها فيما بينهم. وسقط بسببها بعض حيطان ودور قديمة، وتشققت جدران كثيرة من البيوت، وسقطت منارة بسوس، ونصف منارة بأم أخنان بالمنوفية، وغير ذلك. كما روى الجبرتي.

وفي ليلة الإثنين، التاسع من شهر رجب من سنة (1229هـ/1814م) حصلت وقت أذان العشاء زلزلة نحو دقيقتين في القاهرة، سقط بعض شراشف جامع الأزهر، وتحركت الأرض أيضاً في خامس ساعة من الليل، وكذلك وقت الشروق. كما روى الجبرتي.

وسوم: العدد 1020