جناية الصهيونية على اليهود العرب

يعترف كثير من الكتاب والمفكرين اليهود بجناية الصهيونية على اليهود العرب ويهود العالم عموما . ومن أوائل المعترفين بهذه الجناية الكاتب الأميركي اليهودي ألفريد ليلنثال الذي قال إن علم إسرائيل ليس علمه ، وله  في شأنها كتاب " ثمن إسرائيل " في 1954 ، وسار المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند في ذات الطريق ، فكتب " اختراع الشعب اليهودي " ، و " كيف لم أعد يهوديا ؟! " ، وصدر أخيرا كتاب " ثلاثة عوالم ... مذكرات عربي يهودي " للمؤرخ آفي شلايم العراقي  الأصل الذي عمل حتى تقاعده أستاذا للتاريخ في جامعة أكسفورد . وقدم الكاتب البريطاني جاستن ماروزي عرضا للكتاب في أسبوعية  the spectator اللندنية . ويقول جاستن إن شلايم يمزج في الكتاب بين الشخصي والسياسي ، وهذا طبيعي ، فمن العرض نستنتج أن الكتاب سيرة شخصية لتجربته وتجربة عائلته التي اضطرت بعد تفجيرات بغداد التي تعرضت لها بيوت ومحلات اليهود في 1950 و 1951 إلى الهجرة إلى إسرائيل مع 124 ألفا من يهود العراق . ويشهد شلايم على أن الموساد هو الذي قام بتلك التفجيرات لإجبارهم  على الهجرة إليها  تضليلا لهم بأن التفجيرات انتقام عراقي  لاغتصاب فلسطين . وما قام  به الموساد في العراق قام به في أكثر من بلد عربي لذات الغاية . واضطرت عائلته إلى الهجرة  مخلفة حياة الغنى والرخاء والوجاهة إلى حياة الفقر وضيق العيش وانحسار القيمة . فوالده لم يكن يحسن العبرية ، وأخفق مرتين في تأسيس نشاط تجاري ، ووالدته الفذة الجمال صارت عاملة هاتف  في مستوطنة رامات جان ، وختم الطلاق حياة الزوجين تأثرا بمشقة العيش وكده ونكده .  وتوفي والده في 1970 غريبا مغموما . ويتحدث شلايم عن ويلات العنصرية وأهوالها التي قاساها اليهود العرب واليهود الشرقيون جملةً من اليهود الأوروبيين الذين كانوا يزدرونهم ويعدونهم همجا متخلفين . والصورة التاريخية تظهر بن جوريون معارضا متشددا لجلب اليهود الشرقيين إلى الدولة الجديدة تخوفا من أن يكونوا ثقلا حضاريا عليها يجرها للوراء ،  وهي التي تأسست لتكون منارة حضارة وازدهار على الصورة الأوروبية إلا أن الحاجة إلى زخم بشري استيطاني اضطره إلى الموافقة على جلبهم . ويقر شلايم بأن الحركة الصهيونية وإسرائيل لعنة ، ويعلل هذا الوصف العادل بأنهما " كثفا الانقسامات بين العرب واليهود ، وبين الإسرائيليين والفلسطينيين ، وبين العبرية والعربية ، وبين اليهودية والإسلام . " ، ويضيف أن الحركة الصهيونية عملت بجد على محو التراث القديم  المتمثل في " التعددية والتسامح الديني والعالمية والتعايش . " . ويفيد هنا أن نشير في التسامح الديني  والمساواة إلى أن الخلافة العثمانية أعفت اليهود من دفع الجزية . فماذا فعل المشروع الصهيوني بهم ؟! يجيب شلايم : " وجه ضربة قاتلة لموقف اليهود في الأراضي العربية ، وحولهم من مواطنين مقبولين إلى طابور خامس مشتبه به ، متحالف مع الدولة اليهودية . " . ولا يرى شلايم حلا لمعضلة وجود إسرائيل وصراعها مع الفلسطينيين إلا في الدولة الواحدة التي يتساوى مواطنوها حقوقا وواجبات بصرف النظر عن العرق والدين ، وفي هذه الدولة  نهاية إسرائيل اليهودية ، ويجزم بأنه لا مكان للفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين ، فما الحال وإسرائيل أسوأ وأبشع من دولة فصل عنصري ، وأنها دولة قتل وتطهير عرقي ، وتوغل في مسارها هذا في سرعة متهورة عمياء ، منطلقة نحو نهاية ستكون الدولة الواحدة جنة ظليلة الأشجار موازنة  بجحيمها المستعر الأوار   ؟! . وربما كتب شلايم كتابه قبل التحولات والعواصف العاتية التي تضرب إسرائيل وتمزقها منذ تشكيل ائتلافها الحالي الذي يهيمن عليه المشددون دينيا وقوميا ، والذي فتح جحيم العنصرية والتطهير على الفلسطينيين في جنون طافح جامح . لو كتبه بعدها  لقال الكثير المروع  لمستوطني إسرائيل وقادتها .  

                                     *** 

حكاية رمزية يتداولها يهود العراق أن عراقيا مسلما قدم بغداد للتسوق، وفاجأه إغلاق محلاتها ، فسأل شخصا عن السبب ، وصدف أن الشخص كان يهوديا ، فأجابه مفتخرا : " اليوم شبات يا حبيبي . "، أي اليوم السبت ، ومدلول الحكاية أن اليهود يملكون كل المحلات التجارية في بغداد ، وهم اليوم في إجازتهم الأسبوعية . 

                                          *** 

في حرب الاستنزاف التي بدأتها مصر ضد الجيش الإسرائيلي في سيناء بعد احتلالها بوقت قصير ، تسللت مجموعة جنود مصريين إلى موقع إسرائيلي شرقي القناة ، وأسروا عدة جنود ، وأثناء العودة بهم إلى غربي القناة ، قال جندي إسرائيلي مسترحما متذللا  : " أنا عراقي . " ، فرد عليه جندي مصري : " ماذا تفعل هنا ما دمت عراقيا ؟! " .  

وسوم: العدد 1037