إسرائيل ورقة جافة في عاصفة لا تهدأ

لا مغالاة في هذا العنوان الشاعري الذي أوحى لنا به قرب الخريف  . ولننظر في الوقائع والأخبار التالية النافية لأي مغالاة : أخفقت إسرائيل إخفاقا روعها جيشا ومستوطنين وساسة وأمنيين وإعلاميين  في وقف المقاومة المسلحة في الضفة والقدس ، ويدفعها إخفاقها ويأسها إلى التفكير في اغتيال بعض قادة المقاومة في غزة والخارج مع علمها أن هذا الاغتيال الذي لجأت إليه على مدى صراعها مع الفلسطينيين لم يُنهِ صراعها معهم ، ولم ياتِ لها بالأمن الذي تنشده ، وفعل العكس : زادهم قوة وصلابة وصبرا في مقاتلتها ، وطور وسائلهم فيها . وهي تتردد في الإقدام عليه خوفا من عواقبه المرتدة عليها التي توعدتها بها المقاومة ، وإذا مضت فيه فسيكون مضيها هربا من الاتهامات التي توجه إلى حكومة نتنياهو داخليا  بعدم فعل ما يردع الفلسطينيين ، ومن ثم رأيناه يهدد صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس تهديدا مباشرا بالاغتيال . 

وفي الأخبار : ليبرمان رئيس حزب " إسرائيل بيتنا " يهاجم نتنياهو وبن غفير ، ويقول إن إسرائيل تفقد السيطرة الأمنية وتنهار اقتصاديا ، ويؤكد تقرير أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ما قاله  عن الانهيار الاقتصادي ؛ إذ جاء فيه  أن مستوى الأسعار في إسرائيل أعلى بنسبة 38 % موازنة مع  بقية دول المنظمة  .  والعميد في الاحتياط هرئيل كنافو يعترف متحسرا  متوجعا : " نحن في حالة احتضار أمني . " ، وأيمن عودة عضو الكنيست يدعو إلى العصيان المدني والإضراب الشامل احتجاجا على تفشي جرائم القتل في الوسط الفلسطيني التي راح ضحيتها هذا العام 168 نفسا ، ويتهم الفلسطينيون أجهزة الأمن الإسرائيلية بالتواطؤ في هذه الجرائم ، ويتساءل كل من يتابع مسلسلها الدموي منهم : هل كانت هذه الأجهزة ستتصرف نفس تصرفها الحالي اللامبالي لو كان الضحايا يهودا ؟! وفي التقارير الإخبارية أن تهريب الأسلحة من الأردن إلى الضفة والداخل الفلسطيني المحتل نشط متواتر ، ونحن نتابع هذه الأخبار ونستبشر بها مع علمنا الواثق بصعوبة هذا التهريب ، وفحش ارتفاع أسعار تلك الأسلحة البسيطة النوعية ، واستبشارنا باعثه أن يكون لها ما يشبه دور الأسلحة التي كانت ومازالت تهرب إلى غزة عبر سيناء ، نقصد دور مقاومة إسرائيل وردعها بالسلاح عن العدوان ، وقلناها مرارا إنه لولا السلاح المهرب إلى غزة والسلاح المصنع فيها ما انسحبت إسرائيل منها ، ولا ارتدعت بعد انسحابها عن التحرش بها ، والدخول المحدود إليها بين وقت وآخر في حرية ومزاجية وأمان . ونتابع الأخبار التي تسوء إسرائيل قلبا ووجها ، وتهيج عواصف الغم والخوف والقلق واليأس والخلافات المحتدة في نفوس قادتها ومستوطنيها . كشف عمر عوض الله المسئول المساعد  في الخارجية الفلسطينية أن جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة سيزور رام الله في آخر سبتمبر / أيلول المقبل ، وأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية سيزورها في أكتوبر / تشرين الأول المقبل ، وسيطلع الاثنان على الأحوال في فلسطين ، ومهما كان هزال ما سيقولانه أو يفعلانه فلن يكون سارا لإسرائيل . ونمضي إلى لبنان في مسار الأخبار التي تغم  إسرائيل وترعبها وتقذف تيارات اليأس في غور روحها  . قام  حزب الله في بعلبك بعرض قوة ظهرت فيه دبابات ومدرعات ومسيرات وراجمات صواريخ ، وإسرائيل تعلم أن رسالة القوة هذه مسددة إليها تسديد رصاص مسدس إلى رأس عدو لقتله . ونعود إلى فلسطين . السبت ، قبل يومين ، بدأ العام الدراسي الجديد في فلسطين ، في الضفة والقدس وغزة ، وتوجه إلى المدارس 625 ألف طالب وطالبة ، ولا نتحدث عن الجامعات . 625 ألفا في التعليم العام ! إنهم في ذاتهم شعب صغير . إنهم قوة فلسطين المستقبلية . سيظهر بينهم المهنيون  المهرة والخبراء والعلماء والكتاب والمقاومون الشجعان المؤمنون بعدالة قضية شعبهم وحقه في الحياة الحرة الآمنة في وطنه  ، وسينجبون أضعاف أضعافهم في عشرين عاما تعزيزا وتقوية لشعبهم في هذا الوطن إرث الآباء والأجداد  ، وكل هذا سيقرب نهاية إسرائيل التي ترك مؤسسوها سعة العالم ، وشجعوا اليهود على ترك أوطانهم في قاراته الخمس  ، والقدوم إلى أرض شعب آخر بفرية خلو هذه الأرض ، وافتقارها لمن يسكنها . وكون إسرائيل الآن ورقة جافة في عاصفة لا تهدأ استعرضنا بعض ظواهرها المرعبة لها والمهددة لوجودها هو المآل الإجباري لتلك الفرية ، ولن يخلصها من قبضة هذا المآل الإفراط في استعمال القوة الذي جربته طويلا ضد الفلسطينيين ، ولا اغتيال قيادي فلسطيني في مكان أو آخر ، في زمن أو آخر .    

وسوم: العدد 1047