استراتيجية "الإلهاء" في عشر استراتيجيات للتحكم في الشعوب

وأرسل لي "حميم" منذ أيام مقالا "لنعوم تشومسكي" عن عشر استراتيجيات للقوة العالمية المسيطرة، للتحكم في الشعوب، وجعل أول هذه الاستراتيجيات استراتيجية:: "الإلهاء"

وأخشى ما أخشاه عن نفسي، أن أكون عاملا على هذه الاستراتيجية، أضيف إلى طنبور المشهد السوري نغما، في وقت كنت وما زلت منذ أيام الثورة الأولى، أنعى هذه الاستراتيجية، وأندد في العاملين عليها..

وأعود اليوم لأقول، وقد قرأت مقال المفكر الأمريكي، المنشق فيما يبدو على مشروعات الهيمنة العالمية، إن انغماس سوادنا ا في عملية "الإلهاء" كان عملا تطوعيا اندفاعيا، شارك فيه الكثير منا بالنيات الحسنة، والطيبة أو السذاجة الغالبة. وبينما كانت العواجل عن تطورات الوضع في سورية تنهمر علينا دراكا ورشا، كان الكثير منا يجدون الوقت ليعقدوا مجالس اللهو كما المستعصم، عندما كان التتار تحت أسوار بغداد، أو كما كهنة القسطنطينة، ومحمد الفاتح رحمه الله يحاصرها، وكان من أمرهم فيما يذكرون، أنهم كانوايتفاوضون في جنس الملائكة ذكور هم أو إناث!! وأرجو أن لا يدفعنا هذا العرض لمحاولة الإجابة على السؤال!!

الانغماس في استراتيجية "الإلهاء" بحسن نية، أو بسوء نية، أو بغير نية، أكل الكثير من وقت السوريين، ومن جهدهم، وليس هذا فقط بل وشارك في تشتيتهم وشرمذتهم، وتأريث العداوة والبغضاء بينهم...

وكما اختلف السوريون في مساجلاتهم حول الماضي، البعيد اختلفوا حول القريب. واختلفوا على الفول الذي لم يوضع بعد في المكيول  وكما اختلفوا على المجرد اختلفوا على الراهن. وما زالوا يتداولون حول مشروعية "اليوم التالي" وما سيكون فيه، وكيف سيلعق السوريون بأصابعهم حلوى الانتصار العزيز...

وكم نظم السوريون الأحرار من قصائد في لعن الظلام الذي ما زال جاثما على الصدور..يشبعونه سبا وقد أودى االغزاة بالمعاطن والإبل على السواء.

لا أريد أن أضرب أمثلة أكثر بمخاضاتنا العبثية التي أطاحت بأوقاتنا وجهودنا في دوامات الإلهاء، الذي اشتغلنا عليه، ثلاثة عشر عاما. ولا أريد أن أذكر عينات من الجهود والدعوات والادعاءات العقيمة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، لأنني إن فعلت، فسأكون قد خضت مع الخائضين، واشتغلت فيما أحذرنا منه...

قلت وسأظل أقول نحن في حاجة إلى جهة مركزية موحدة ما استطعنا، تحدثنا عن الخبر السوري اليوم، والقضية السورية كما هي هذا الشهر!!

لنسلط عليها المزيد من الأشعة العقلية، التي تهدينا للتعامل معها بأكثر الطرق جدوى وسلامة وأمنا...

نحن بحاجة إلى المظلة السورية التي تجمع، والمحطة السورية، والقطار السوري الذي نملك قاطرته وسائقه وليس فقط عرباته التي نتكدس فيها!!

هل ترون هذا التفكك الذي يضرب أطنابه في الفضاء السوري موضوعا يستحق منا أن ندرسه انطلاقا من سؤال: لماذا الآن!!..

هل تشعرون أن إعادة النظر في دلالة وحدة الجغرافيا والديمغرافيا السورية أمر يحتاج... هل تجربة أهلنا في السويداء أمر يستحق الاعتبار؟؟

السؤال الأهم كيف يمسك السوريون بطرف حبل قضيتهم، في لعبة شد الحبل، طرف الحبل الذي يتجاذبه الكثيرون غير السوريين، ولله في خلقه شؤون..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1070