السوريون والدرس المصري ...

زهير سالم*

[email protected]

تابعنا في الفضاء الإعلامي خبرا عن وجود وثيقة لدى جماعة الإخوان المسلمين في سورية تضع فيها تجربة إخوان مصر تحت الدراسة والتقويم للاستفادة من الدرس بأبعاده وانعكاساته . أعتبر وجودهذه الوثيقة – إن وجدت -  دليل صحة وحيوية . بل أعتبر مثل هذه الدراسة ضرورة أكثر إلحاحا في دراسة الاحتمالات والسعي لتجنب العثرات ، والسعيد من اتعظ بغيره .

 وإذا أردنا أن نستفيد من التجربة المصرية بحثا وتقويما فلا يجوز أن ندرسها بروح الحزبي أو السياسي وإنما يجب أن ندخل غمار الدراسة بروح الباحث الموضوعي بقدر ما يتاح لنا من الموضوعية .

سيكون مدخلا ضروريا تمهيدا لهذه المقاربة إعلان الولاء للشرعية في مصر ولصندوق الانتخاب ولنتائجه . وتأكيد الرفض المطلق للانقلاب العسكري و تفاهة كل ما يعلنه ويتترس به داعموه . وتخفيفا عن أهلنا الممتحنين في مصر سنوجه خطاب الاعتبار إلى المستفيدين منه المفترضين في سورية  

فنقول لأصحاب المشروع الإسلامي – لا تسرفوا في إطلاق الوعود – فالوعد قيد  والقيد ملزم . ولا يصح في ديننا ولا في عرفنا إلا الوفاء . ولم يكن إخوان مصر مثلا مضطرين لأن يعدوا بأنهم لن يشغلوا إلا ثلث مقاعد مجلس الشعب ، حتى إذا كان إمكان تجاوزا ، ولم يكونوا مضطرين ليعدوا أنهم لن ينافسوا على كرسي الرئاسة ، ثم إن حانت فرصة أو تغير ظرف أقدموا . ..

لأصحاب المشروع الإسلامي نقول تنبهوا إلى الفالق الكبير بين ( المشروع السياسي ) و ( المشروع الدعوي ) . فالأول يقوم على تقنين وتشريع والآخر يقوم على تغيير ما في ( الأنفس ) وما في العقول والقلوب . الأول ينجح بحامل شعبي 51% من المؤيدين والثاني يحتاج إلى سواد عام تقول فيه البنت لأمها إذ تأمرها بمزج الحليب بالماء : إذا كان عمر لا يدري فإن رب عمر معنا يسمع ويرى .

لأصحاب المشروع الإسلامي نتحدث عن ضرورة ( روز العبء ) قبل الإقدام على حمله . لقد قدم الانقلابيون مخرجا لإخوان مصر من الورطة التي وضعوا أنفسهم فيها . نعم دفعوهم فأسقطوهم . ولو صبروا عليهم لكان السقوط الحر أشد وأقسى.

لأصحاب المشروع الإسلامي نقول إن  تجربة المعارضة العدمية ، معارضة الشجب والتنديد ، مهما اختلفنا في تقدير نجاحها ، لا تمنح الخبرة الضرورية لإدارة الدولة . الخبرة الضرورية تستفاد من التجربة العملية في الجهد الإيجابي المشارك وليس المستقل . العمل السياسي في ظل مجتمع متحرر ودولة تعددية وتشاركية .

المصريون أو الإخوان المصريون بشكل خاص أحسنوا الظن كثيرا بخصومهم في الداخل والخارج وهذا ليس عذرا لهم ، ولن يكون عذرا لغيرهم . ليس الرئيس مرسي هو من رفض التعاون أو آثر الانفراد ، ولكن الكثيرين كانوا يرفضون أي شكل من أشكال الشراكة معه أو مع جماعته مراهنين منذ اليوم الأول على مخطط لإسقاطه . لا يكفي أن تكون إيجابيا في عالم من الصراع ، بل لا بد أن تضمن إيجابية الآخرين أيضا . وكانت تلك بعض مشكلة مرسي التي يجب أن يستفيد منها السوريون ..

الدرس المصري حين نعكسه على الحالة السورية لا ينبغي أن يغيب عن عقولنا فروقا جوهرية في المكان والسكان والإمكان ، ألفاظ لها دلالتها عند قوم يريدون وعي الواقع والاستفادة من درسه ...

هذا شطر الدرس المصري الذي يجب أن يقرأ على أصحاب المشروع الإسلامي أما الشطر الآخر فهو الذي يجب أن يقرأه الآخرون على أنفسهم . والحرية شمس إن لم تسطع على الجميع فلن تسطع عليك .

اقرؤوا الدرس على ضوء

أنتم حقيقة وهم حقيقة ، و من جمع الحقيقتين تنتج نحن الكبيرة المعبرة . الرسالة التي تقرأ على الآخرين في مصر لم يكتب سطرها الأخير بعد.

وأظن أن في مائة يوم بعد الانقلاب أكثر من مائة درس ولا يعلم إلا الله أين سيحط الدرس الأخير بعدُ . وتلك الأيام نداولها بين الناس .

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية