إلى السيد الأستاذ أحمد الجربا

إلى السيد الأستاذ أحمد الجربا:

قبل أن تسوقنا كالأغنام إلى مؤتمر جنيف إثنان..

هذا هو الدرس الأول في السياسة

م. هشام نجار

المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده 

najjarh1.maktoobblog.com

 عزيزي الأستاذ أحمد

في كل العلوم التي ندرسها وفي كل المشاريع التي ننفذها سواءاً كانت سياسيه او هندسيه او إقتصاديه او عسكريه او طبيه ... هناك ما يسمى بنظام البدائل . 

في إختصاصي الهندسي على سبيل المثال عندما اقوم بتصميم بناء ما , فعلي ان ازود هذا البناء بنظام المصاعد كبديل عن الدرج مع تصميم مولد كهربائي إحتياطي يعمل آليآ خلال خمسة عشر ثانيه من إنقطاع التيار الكهربائي لتشغيل المصاعد والإناره الإحتياطيه وغيرها من التجهيزات الحساسه الأخرى, وليس هذا فقط بل علي ان ازود البناء بسلم خلفي إضافي لإستخدامه كبديل إحتياطي في حال حصول حريق لا قدّر الله كمنفذ للنجاة, كما يجب ان اصمم خزان مياه علوي كبديل مؤقت عند إنقطاع المياه عن البناء , خذوا مثالآ آخر في العلوم العسكريه فعندما تضع القياده العسكريه خطه هجوميه معينه فإنها تضع في نفس الوقت خطه بديله في حال تعرض الخطه الاساسيه لعقبات غير محسوبه, وخذوا هذا المثال على المستوى الشخصي فعندما تسافر بسيارتك فأول ماتصنعه هو تأكدك من وجود دولاب إحتياطي لإستبداله بالدولاب التالف عند الضروره وهذا الدولاب يعتبر نظامآ بدائليآ بجداره. اما في السياسه فحاجة الأمه للبدائل تكون اكثر إلحاحآ من الأمثله السابقه , لماذا؟ لان نتائج المباحثات السياسيه تمس وطناً وشعباً ومستقبلاً وليس سكان بناية واحده.

عزيزي الأستاذ احمد  

إخترت لكم هذه الرساله بعنوان- التجربه الفيتناميه- كدرس عملي معاصر للإستفاده منه قبل ان تورطونا بجنيف إثنان ,فيجلسوكم على طاولة مفاوضات وحقائبكم فارغه.. واياديكم فارغه.. وبدائلكم معدومه . فالجميع يعلم ان حقيبتكم ليس فيها سوى بعض المناديل لتمسحوا بها عرقكم بعد جلسات عبثيه مرهقه خالية المضمون تجاورون فيها القتله وشركاءهم

فقبل ذهابكم الى جنيف تمعنوا هذا الدرس من فيتنام وهذا لايعني انه لا يوجد في تاريخنا العربي والإسلامي صولات وجولات من معارك سياسيه وعسكريه تصلح ان تكون دروساً تقتدوا بها, ولكن لحداثة التجربه الفيتناميه ووضوحها اخترتها لكم لتتأملوا معانيها

أخي الأستاذ احمد

في شهر تشرين الثاني من عام ١٩٥٣م. بدأت فرنسا ببناء قاعدة للجيش حول قرية ديان بيان فو بشمال غربي فيتنام ، وكان الغرض من هذه القاعدة هو تعطيل حركة الجيش الفيتنامي. وفي ١٣ آذار عام ١٩٥٤م. شنَّ الفيتناميون هجومًا على قوات فرنسية يزيد قوامها على ١٠٠٠٠ جندي في القاعدة، ودمروا سريعًا مطار القاعدة تاركين الفرنسيين بدون مؤن كافية وإستمر الحصار لمدة ٥٦ يومًا.

طلبت فرنسا من القياده الفيتناميه اللجوء الى المفاوضات وعقدت هذه المفاوضات في مدينة جنيف ودخلها الفيتناميون وبدائلهم جاهزه واكررها ثانية بدائلهم جاهزه وهي قوة مقاتليهم على الأرض فكلما حاول الفرنسيون تحسين موقفهم التفاوضي كانت الأوامر تصدر فورآ الى القياده العسكريه الفيتناميه بتشديد ضرباتها على المواقع الفرنسيه مما اضعف مطالب المحتلين الفرنسيين وانتهت هذه المفاوضات بإجبارهم على الاستسلام في أيار ١٩٥٤ وانتهى القتال في أوائل اليوم التالي.

بعد الهزيمة الفرنسيه دخل الأمريكيون على الخط وتمركزوا في فيتنام الجنوبيه بعد فصلها عند خط عرض ١٧عن فيتنام الشماليه المحرره وفور رحيل فرنسا من فيتنام بدأت الولايات المتحدة تساعد حكومة سايغون عسكريا .فبدأ المستشارون العسكريون الأميركيون يتوافدون على فيتنام الجنوبية بدءا من شباط ١٩٥٥من أجل تدريب الجنود الجنوبيون هناك.

وحصل الصدام من جديد بين المحتلين الجدد وجيش التحرير الفيتنامي الشمالي . الحرب كانت حرب قتل مدنيين بجداره وحرق وتدمير غابات وقرى كامله تماما كما تقوم به عصابات الأسد ولكنهم لم يصلوا لمستواه الإجرامي .

عندما فشلت امريكا من تحقيق مآربها في الهند الصينيه واوشكت على حافة الأنهيار طلبت بعقد مفاوضات في باريس حول طاولة مستديره. دخل الفيتناميون المفاوضات للمره الثانيه وبدائلهم جاهزة معهم واكررها ثانية بدائلهم جاهزة معهم, فكلما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود يهم الفيتناميون بمغادرة المكان بكل هدوء فيلحق بهم الأمريكان يرجوهم العودة إلى المفاوضات لان بديل عدم عودتهم كان دروسآ في ارض المعركه طالما ذاق الأمريكان منها طعم الموت الزؤام . وانتهت المفاوضات وخرج الأمريكان من فيتنام خروجآ ذليلآ تاركين عملاءهم لمصيرهم الأسود .

انتهز الشماليون فرصة انشغال واشنطن بووترغيت فشنوا هجوما كاسحا على الجنوب محتلين مدينة فيوك بنه في كانون الثاني ١٩٧٥ ، وتابعوا هجومهم الكاسح الذي توج بدخول سايغون يوم ٣٠ نيسان من نفس السنة ثم توحدت فيتنام

نحن السوريون لسنا ضد جنيف ٢ بحد ذاته , ولكننا ضد ان تذهبوا إليه واياديكم فارغه... وبدائلكم يحاصرها القريب والغريب... ويبنون عليها أسواراً محكمه.فإياكم ثم إياكم وخدع الشرق والغرب..وإياكم ثم إياكم ان تحضروا جنيف بدون بدائل ...وبدائلكم واضحه وهي وحدة مقاتليكم على الأرض والإتفاق معهم على جدول المفاوضات سقفه وارضه, فبدون ذلك فإن باطن الأرض خير لنا من ظاهرها .

مع تحياتي