( شرعية ) دولية ..أم ( شريعة ) الغاب ورعاة البقر !!؟

( شرعية ) دولية ..أم ( شريعة ) الغاب ورعاة البقر !!؟

د. فوّاز القاسم / سوريا

لقد شاع مؤخراً فيما يسمى ب( النظام العالمي الجديد ) .! استخدام الكثير من المصطلحات في الإعلام المتصهين مثل : ( الشرعية الدولية ) ، و ( حقوق الإنسان ) و ( سيادة الدول ) و ( وحدتها الوطنية ) .. وغيرها …

ولقد ثبت لدينا بما لا يقبل الجدل ، أن هذه المصطلحات وأمثالها ، ما هي إلا ألفاظ جوفاء ، لا معنى لها ، وهي إنما تستمد تفسيرها فقط من قاموس الأقوياء .

فاحتلال اليهود لفلسطين العربية ، وتشريد شعبها ، وتدنيس مقدساتها ، في واحدة من أكثر المؤامرات الدولية خسة وهبوطاً ، وامتلاك الكيان الصهيوني لما يريد من القوة العسكرية ، بما فيها الترسانة النووية ، واحتلاله الأرض العربية ، وضرب ما تطاله ذراعه الغادرة من منشآتنا الحيوية ، في لبنان وبغداد وتونس وسورية ومصر وغيرها من العواصم والمدن العربية .!

وإحتلال الأمريكان لأفغانستان المسلمة ، وذبح شعبها المسكين ، وتدمير مدنها ثم احتلالهم للعراق الشقيق ، وذبح شعبه ، وتدمير مدنه ، و طمس هويته العربية وحضارته الإسلامية ، ثم إلقائه لقمة سائغة لعملائهم الفرس يعيثون في أهله الشرفاء من أهل السنة  ذبحاً واعتقالاً وتشريداً ، في واحدة من أخسّ جرائم التاريخ المعاصر ...!!!

واحتلال الأمريكان من قبل للصومال ، واعتدائهم على السودان ، هذه وغيرها الكثير من المآسي بحق أمتنا العربية والإسلامية ، إنما هي أشياء عادية في نصوص ولوائح ( قانونهم الدولي ) .!

ولا تتعارض البتة مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ..!

وهي لا تعدو أن تكون حقوق مشروعة في الدفاع عن النفس ، وحماية المصالح الوطنية والقومية .!!!

ولكن الشيء المحظور وغير المسموح به هو : أن يرتفع صوت عربي شجاع يطالب بحق مسلوب .!

أو أن تطلق طلقة من مجموعة مجاهدة ، تنتقم لطفل مغدور .!

أو أن يفكر قائد عربي مسلم شريف ، مجرد تفكير ، ببناء قوة دفاعية ذاتية ، أو الوصول المشروع إلى أسرار التكنولوجيا المتطورة ، أو يهدد مجرد تهديد ، بالرد على الطغيان و العنجهية الصهيونية ، إذا هي تمادت في إذلال العرب والمسلمين .

فهذه من أعمال الإرهاب ، والاعتداء على حقوق الإنسان ، وخرق الشرعية الدولية ، وهي من المحرمات التي يدخل صاحبها تحت دائرة (  الكفر الأمريكي )  بل هي جريمة يعاقب عليها ( النظام الدولي المزعوم ) بأقسى العقوبات ، حتى لو اقتضى الأمر تدمير بلد بأكمله ،  وقتل نسائه وشيوخه وأطفاله .!!!

إذاً … هو قانون ( القوة الغاشمة ) .! ذلك الذي يحكم العالم هذه الأيام .!

وليس القانون الدولي كما يزعمون  و ( النفاق ) و ( الازدواجية ) ، هي التي تحدد شكل العلاقات الدولية ، وليست ( القيم ) و  (الأخلاق ) و ( المبادئ ) ، التي طالما شاهدناها تداس بأقدام الكاوبوي الأمريكي القبيح .!!!

القوة الغاشمة ، والنفاق الدولي ، هي التي أباحت للصهيونية ارتكاب جرائمها تحت سمع العالم (المتحضر) وبصره ، وبرعاية تامة من أوربا ، وحماية مطلقة من أمريكا ، وسكوت ذليل من أغلب أعضاء الأسرة الدولية ، وبعض حكام العرب الخونة .! وهي نفسها التي أعطت لأمريكا حق سحق الهنود الحمر وطردهم من أرضهم ، واحتلال فيتنام ، وبنما ، وضرب اليابان بالقنابل النووية ، وذبح شعبها ، وحرق مدنها ، ثم احتلال أفغانستان ، والعراق ، والصومال  ..إلخ 

 

هذا القانون العجيب .! يبيح للصهيونية الغادرة  والإمبريالية الأمريكية الفاجرة ، ارتكاب ما يندى له جبين الإنسانية خجلاً ، من الفضائح والمهازل والمآسي .!

كل ذلك بمنطوق ( القوة الغاشمة ) ، المعراة من أي سند قانوني ، أو حضاري ، أو أخلاقي .!

ومن أراد شيئاً من التفاصيل ، نحيله الى ملفات ( وتر غيت ) .! و ( إيران كونترا ) .! و ( عواصف ) الصحراء و (ثعالبها ) .!!!

ولماذا نذهب بعيداً ، فهاهو الشعب السوريّ العظيم ، يُذبح على أيدي عصابة قرمطية صهيونية صفوية حاقدة ، منذ ما يقارب ثلاث سنوات ، وتدمّر مدنه وحضارته ، تحت سمع العرب والأمريكان والغرب ، دون أن تهتز شعرة واحدة في شوارب ( العالم المتحضّر ) و ( النظام الدولي الجديد ) ، وكيف تهتزّ إذا كانوا عديمي الضمير والشوارب ...!!!

ثم استداروا إلى مصر الشقيقة بعد أن اطمأنوا إلى تدمير سورية ، فأوعزوا إلى عملائهم من أوباش العلمانية في الجيش والشرطة والأمن والإعلام ، لسحق الشرعية الثوروية والشعبية والانتخابية ، ووأد الديمقراطية ، وإشعال حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ... بعد أن كانوا صدّعوا رؤوسنا ، وثقبوا آذاننا ، عبر عشرات السنين ، وهم يتحدّثون عن ( الديمقراطية ) و ( حقوق الإنسان )...!!!

لذلك كله ، فقد بات حديث الغرب عموماً ، والأمريكان خصوصاً عن مصطلحات ، كحقوق الإنسان ، والديمقراطية ، والشرعية الدولية ، يثير فينا من مشاعر القرف والاشمئزاز ، والغثيان ، حدّ التقيؤ .!

فهم لا يحترمون هذه المعاني إلا عندما تخدم مخططاتهم الخبيثة ، ولا يعترفون بها إلا عندما تحقق مصالحهم الأنانية الضيّقة .!

وإلا فأية ( شرعية ) ، وأية ( قوانين ) تلك التي تبيح لأقوى دولة في العالم كما تزعم ، أن ترتكب من الجرائم في العراق وحده إبان احتلالها له ، ما يندى له جبين الإنسانية خجلاً ، كلّ ذلك من أجل برميل من النفط .!!!

وأية (حضارة ) أو ( أخلاق ) تلك التي تسمح لأعظم دولة في العالم كما تدّعي ، أن تعتدي على بلد ضعيف مثل السودان ، أو أفغانستان ، فتضربه بالصواريخ ، وتدمِّر منشآته الحيوية ، تحت دعاوى كاذبة مثل : ( التطرّف والإرهاب ) ..!

أو أن تغزو بلداً فقيراً مثل الصومال ، يموت أبناؤه من الجوع في الطرقات ، من أجل دفن مخلفاتها النووية في أرضه .!

ألا .. ما أقبح هكذا (حضارة ).!! وما أرخص هكذا  (مدنية ) .!!

وألف لعنة وبصقة ..  على هكذا  ( نظام عالمي جديد ) …!!!