مصر بعد الانقلاب

عثمان أيت مهدي

قال عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع ورئيس الأعلى للقوات المسلحة أنّ كلّ دبابة تنزل إلى شوارع مصر تعيد البلد أربعين سنة إلى الوراء. وبهذه المناسبة المشؤومة والحزينة التي أودت بمئات القتلى والجرحى بفض اعتصامي النهضة والرابعة العدوية، نسأل السيسي: كم سنة أعادت دبابتك مصر إلى الوراء؟

لا يحتاج هذا الانقلاب إلى دراسات عميقة للتعرف على نتائجه، لأن العالم العربي يزخر بمثل هذه الانقلابات، ويلدغ من نفس الجحر عشرات المرات، دون حياء من التاريخ ولا من الأمم الأخرى. سئل موشي ديان بعد حرب 1967 عن سبب نشر بعض الخطط الحربية قبل تنفيذها، فقال: العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يعملون. ما أريد قوله هو أنّ التاريخ يعيد نفسه، ما تعيشه مصر اليوم عاشته دولة عربية أخرى البارحة، وما وقع البارحة سيعاد بحذافيره اليوم.

في المدى القريب:

-         اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.

-         إصدار قانون الطوارئ ليتسنى لقوات الجيش والشرطة من المداهمات الليلية وترعيب عائلات المشبوه في تورطهم في قيادة الاعتصامات ومواجهة الدولة.

-         تبدأ الحركات الإخوانية والمتعاطفة معها في ترويج فتاوى للدفاع عن النفس وردّ الاعتبار وتأسيس خلايا إرهابية مندسة في أوساط الشعب.

-         تفتح الدولة مسلسل الإرهاب الذي لا تتوقف حلقاته بعد ثلاثين أو أربعين سنة..

في المدى البعيد:

-         يصبح الإرهاب عبئا ثقيلا على الدولة والشعب معا، بعدها تقوم الدولة بسن قوانين الرحمة والعفو عمن يلقي بسلاحه ويتوب.

-         يبقى العسكر هو القائد الواحد الأوحد في تسيير شؤون العامة، وإن بدا ظاهريا أنّ الحكومة المدنية هي القائمة بتصريف شؤون المواطنين.

-         يبدأ الفساد ينخر جسد الدولة، وتبدأ الفضائح المالية الرهيبة تتصدر عنوانين الجرائد المحلية والدولية.

-         مظاهرات وتجمعات واعتصامات تحت غطاء المطالب الاجتماعية تنتشر في كلّ أنحاء ومحافظات الدولة.

-         تقوم الدولة بتسيير أزمات البلاد من الإرهاب والمشاكل الاجتماعية الكثيرة.

أيّها الشعب المصري الأبيّ: إنّ أخطر ما قدمته الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر للسلطة الحاكمة آنذاك هو حملها السلاح والصعود للجبال وتأسيس الجيش الإسلامي للإنقاذ، والحركة الإسلامية المسلحة، ومنذ ذلك التاريخ والجزائر تحت رحمة الإرهاب الحقيقي والمفتعل، والبلاد لا تخرج من أزمة إلا وتدخل أخرى تحت مسببات ومسميات مختلفة. احذروا من حمل السلاح، وإن دفعتم إلى ذلك، لأن مصر هي الخاسر الأكبر وليس الجيش الذي لعن الكواكبي يوم تأسس عند الشعوب العربية.

أيّها الشعب المصري الكبير: الشعوب العربية والإسلامية في حاجة ماسة إليكم، أنتم قلب هذه الأمة، إن توقف القلب ماتت الأمة بأسرها.

واصلوا نضالكم السلمي، ستدفعون النفس والنفيس من أجل استرداد حريتكم، وقد قال شاعركم الكبير أحمد شوقي:         وللحرية الحمراء باب  ==   بكل يد مضرجة يدق

تعايشوا ولا تنافروا مع الحركات العلمانية، فما لله لله وما لقيصر هو لقيصر، الجنة والنار هما بيد الله يدخل إليهما من يشاء وليس من تشاؤون.

لا تتركوا الديموقراطية تسقط بأرض الكنانة، فسقوطها هو خراب ودمار لكلّ شعوب المنطقة، لقد عشنا ما فيه الكفاية من التخلف والجهل والتقاتل. نريد الحياة، نريد أن نشبه العالم ولو في الأدمية؟