ابنتي الغالية " كوني أنتِ "...

ابنتي الغالية " كوني أنتِ "...

هنادي نصر الله

[email protected]

هي ازدواجية معايير بعض الناس، يُجبر بعضُ الأحرارِ على التعايش معها مؤقتًا؛ إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا؛ فيُحققوا ما يحلو لهم من أحلامٍ نظيفةٍ من تدليسِ كثيرين؛ اقتحموا عوالمَ أبرياء؛ ولطخوها بقُبح مصالحهم الشخصية، التي لا تعترفُ بالمطلق بمبدأ التضحيةِ وقت الأزمات، والتي تسعى على الدوام؛ إلى النأيِ بنفسها عن العملِ في أيامِ المناسبات، لتترك المجالَ للشرفاء؛ كي يقُودوا معركةَ الإستبسالِ وحدهم؛ فمن يحصلُ على لقمةِ عيشه بسهولةٍ؛ لن يعرفَ قيمتها، ولن يُدرك قط ماذا تعني الطوارئ؟ وماذا تُساوي لحظة عملٍ واحدةٍ في وقتٍ صعب؟؟

لا يعشقُ التضحيةَ إلا من جُبل عليها، وتربى على مبادئها منذ نعومةِ أظافره، قد يعرفها الجنديُ ويتنكرُ لها بعض القادةِ حال وصولهم إلى مبتغاهم؛ فيُباشروا بمحاباةِ أبنائهم أو أبناءِ أصدقائهم؛ يُربوهم على الترفِ وانعدام المسئوليةِ؛ فينشأوا فاقدين لأحاسيس إدارةِ الأزمات، بينهم وبين تطويقِ الإشكالياتِ في الأوقات الحرجة ألفَ جدارٍ يُصبح جدار برلين، في حين يبني آباؤهم وحلفاؤهم جدارًا من التمييز العنصري؛ يجعلُ منهم " أبناء أكابر" يحق لهم ما لا يحقُ لغيرهم من البشر!، جدارٌ عنصريٌ لا يقلُ خطورةً في عالم الإنسانيةِ عن جدار الفصل العنصري الذي يُقيمه الإحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة...!

حالهم يُذكرني بأبي الفوارس عنترة بن شداد حين قال" قد شفى نفسي و أبرأ سقمها، قيل الفوارس ويك عنتر أقدمِ، والخيل تقتحم الغبار عوابسا، ما بين شيظمةٍ وأجرد شيظم"..

فقد يتنكرون لك، لكنهم يضعونك على رؤوسهم، يوم لا يجدوا ممن جعلوا منهم " أسيادًا" مواقف بارةَ وشجاعةً في أوقاتٍ حرجة؛ يستغيثون بكَ؛ فتُلبي مثلما كان يُلبي عنترة ويُردد" سكتُ فغرّ أعدائي السكوت، وظنوني لأهلي قد نسيتُ، وكيف أنامُ عن حمي قومي وأنا في ظلِ نعمتهم ربيتُ".....

رغبتُ لهذه المقدمةِ التي تعتلي سطوري السباقة أن تكونَ وصيةً لابنتي وقد تخيلتُها ابنة جنرالات المراسلات التلفزيونيات في العالم، يا ابنتي الغالية" سلامٌ عليكِ حين تُبصرين النورَ أميرةً بأخلاقك، وحين تعملينَ عملاً شريفًا لا تتوسطُ لكِ أمكِ فيه، فأنتِ بنفسكِ لا بأمكِ وأبيكِ" ..

غاليتي..

كم سأُحبكِ لو كنتِ" عصامية" تبنين نفسكِ بنفسكِ، واثقةً بأنكِ أهلاً للمسئوليةِ، تقولين لنفسكِ بينما الصعاب تحفكِ كما حفتْ أمُكِ من قبل" يا جبل ما يهزك ريح"..

كم سأتباهي بكِ" بنيتي" وكم سأرددُ اسمكَ معجبةً بصنيعكِ الحسن، سأقولها في كل المحافل والميادين" اقلبْ على الجرة على فمهما، بتطلع البنتْ لإمها" لا تُحب أن تصعد على أكتافِ غيرها، بل تُحب أن تكون مثلَ أبسط البسطاء، تلهثُ وراء طموحها بقدميْها..

كم سأُحبك غاليتي.. حينما تلفظين المظاهر وتتجنبينها، تذكرين قولَ أمكِ لك" لا يعجبك زين ومليح غير تفتش ع قراره، إثر بير مطوي بليف ومسوسات حجارة"..

كم سأُحبك " بنيتي" وأنتِ لا تيأسين بل دومًا تبتسمين، تُحدثيني عن مغامراتكِ؛ فأُصغي لك؛ لأشجعكَ على المضي قُدمًا في درب الريادةِ التي لا تقبل شبيهات البنات،مثلما لا تقبل بأشباه الرجال..

بنيتي.. سأُحبك من الآن، لأنني واثقةً أنكِ ستمتلكين روحًا كروح أمك، حلوةً رغم مرارةِ الحياة... فكوني بنيتي أنتِ ، كما كانتْ وما زالتْ أمك ..