الفساد السعيد

الفساد السعيد

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

من الطبيعي أن يشارك رئيس مجلس الوزراء في محاولة لإصلاح ما فسد من الثقافة الوزارة والمفهوم والمعطيات ولكن من غير المقبول أن يستمر الفساد هانئا سعيدا يضرب بأذرعه في شتي أرجاء المؤسسة التي ينفق عليها الشعب البائس الفقير‏!.‏

تحدث كثيرون في الفضائيات والصحف وغيرها عن فساد الوزارة ماديا ومعنويا, ولكنها ظلت صامدة وراسخة تتحدي المطالبين بتطهيرها, ولم تحفل السلطة بأصوات المطالبين بالتطهير, بل إنها تراجعت أمام الحملات الشرسة التي قادها مثقفون لعبوا دورا مهما في عهد مبارك ضد تعيين وزير قيل إنه يصلي, وأبقت علي الوزير الذي صنعته الوزارة في عنفوان فسادها.

يردد رئيس مجلس الوزراء ما يقوله هؤلاء عن الثقافة الوافدة من البلدان المجاورة, وتغير شكل التدين الذي عرفه المصريون علي مدار تاريخهم, دون أن يتذكر أن تدين الشعب المصري أمر فطري مركوز في طبيعته منذ فجر النبوة علي عهد إدريس عليه السلام, وأن ما يراه من تمسك ببعض المظاهر الإسلامية هو رد فعل للتوحش ضد الإسلام وعلمائه ورموزه طوال ستين عاما كئيبة.

أن يقال إن مصر تتعرض لغزو ثقافي من الغرب القوي فهذا أمر يقبله العقل, وله شواهده في الواقع المحسوس, أما أن يقال إن الدول المجاورة تغزو مصر ثقافيا فمزحة ثقيلة رددها البعض طوال حكم مبارك.

كان الأحري بالسيد رئيس مجلس الوزراء أن يطهر الوزارة قبل أن يعقد اجتماعه بمثقفين, أله بعضهم مبارك ورفعوه إلي عنان السماء وجعلوه النسر الأعظم وأفضل رئيس عرفته مصر! ولكنه آثر استرضاءهم وأعلن أنه ليس من الإخوان, وكأن الانتساب إلي الإخوان الذين عينوه في منصبه عار عظيم ينبغي التبرؤ منه! من المضحك أن يتحدث بعضهم عن مأزق العقل الثقافي المصري, وينسي أنه من وضع بذور الفساد في هذا العقل, وعطله عن الانتماء إلي جذوره الحقيقية وأورثه ضغينة مع ينبوعه الأول والأصيل وهو الإسلام, بل إنهم يواصلون نهجهم ويصرون علي وصايتهم علي المنابر, ويطلبون إلغاء قانون الحسبة ليفسدوا في الأرض. يجب تطهير وزارة الثقافة أو إلغاؤها فلن تخسر مصر شيئا!.