إعادة هيكلة الأحزاب السياسية ضرورة ملحة

د. عبد الله علي الخلاقي

لمواكبة التطورات الاجتماعية

د. عبد الله علي الخلاقي

النظرة إلى العمل السياسي والحزبي على انه قدرات لا يمتلكها إلا ثلة من الأفراد دون غيرهم خطا فادح جعلت الأحزاب السياسية تعيش أسلوب وحيد تدار به أمورها وعن طريق قياده يتصف اختيارها مسبقا وقبل انعقاد مؤتمراتها بفترة طويلة بحيث يمكن للمندوبين معرفة الرئيس ونوابه وأعضاء اللجان العليا دون عناء يذكر وما الاجتماعات الانتخابية (المؤتمرات) إلا تحصيل حاصل .

هذه صوره لواقع أحزابنا اليمنية وان ادعت (كلها)إنها منتهجه الديمقراطية وزينت مؤتمراتها بشعارات ومقولات لكبار القادة الديمقراطيين في العالم وأحضرت القضاة كشهود على شفافية الانتخابات الداخلية وديمقراطية الحزب.

هذا لا يعني أنني أنكر توافر ولو الحد الأدنى من الديمقراطية الداخلية بالأحزاب وبالذات بعد الوحدة التي أعلنت وبكل وضوح في دستورها بان التعددية السياسية والفكرية أساس بناء الدولة فأعطيت الحرية في تأسيس الأحزاب كما اتصفت مرحلة الوحدة بالجرأة للأعضاء الحزبيين بالطرح للأفكار والمناقشة للقيادات الحزبية وتحميلهم المسؤولية في تردي أوضاع أحزابهم ولكنها لم ترتقي بعد إلى المستوى الذي تكون فيه الديمقراطية الداخلية قادرة على إحداث تغييرات في البنية التقليدية لأحزابنا السياسية ، لذا فقد ترسخ لدى جمهور المواطنين بان كل ما يجري في الاجتماعات والمؤتمرات الانتخابية ما هي إلا أمور شكلية وبهرجة إعلامية لا تقنع احد حتى إن الأعضاء الحزبيين أصبحوا مقتنعين بما يطرح في الشارع.

ويستند هولا في طرحهم إلى الآتي :

1. إن المؤتمرات والاجتماعات الانتخابية لا تحدث أي تغيير في المناصب القيادية للأحزاب حتى إن منتقدي الرئيس علي عبدالله صالح هم أقدم منه في قيادة أحزابهم .

2. فقدان المساءلة للقادة الحزبين تجاه التصرفات المسيئة للحزب.

3. فقدان العلاقة الرابطة بين القيادات الحزبية العليا والوسطى وانعدامها تماما مع الأعضاء (القواعد).

4. تهميش الأعضاء واللامبالاة بما يطرح من قبلهم في هذه الاجتماعات والمؤتمرات من ملاحظات ونقد هادف إلى تطوير وتفعيل النشاط الحزبي وقد يصل الأمر بالقيادة إلى الاستهزاء بالمتحدثين مما يؤدي إلى امتناع الآخرين من طلب التحدث في المواضيع الهامة الخاصة بالحزب والقيادة .

لقد جرت في مجرى الحياة إحداث تستدعي الوقوف أمامها ولكن تأخر قرأتها أدى إلى عدم الاستفادة منها ولم تتفادى تأثيراتها المستقبلية .وما زاد في الطين بله هو القرارات الخاطئة المتخذة تجاه المشكلات الاجتماعية والمطالبات الحقوقية وما أحدثته من تأثيرات وتغييرات في مجتمعنا ،بالإضافة إلى المتغيرات والمواقف الدولية تجاه مختلف القضايا ومن بينها الإرهاب والتطرف الفكري فرضت أجنده والتزامات محدده على حكوماتنا المتلاحقة عليها تحقيقها (انجازها) كل هذا جعل الأحزاب السياسية عاجزة في تحديد مواقف إزاءها لارتباط قيادتها بالقضايا المطروحة ومصادر تمويلها وبالإطراف الإقليمية والدولية المستفيدة من إثارتها تارة وإخمادها تارة أخرى دون اجتثاثها.

فعجز هذه الأحزاب عن التأقلم مع بيئتها وبنفس القدر الذي أحدثته المتغيرات في هذه البيئة يقود عاجلا أم آجلا إلى انهيار كل ما بناه أي حزب في ماضيه وسيكون الاضمحلال والفناء هو الثمن الذي عليه أن يدفعه لعدم قدرة القيادات الحزبية على التطور والابتكار والإبداع في العمل الحزبي.

* أستاذ الإدارة المشارك – جامعة حضرموت