مدى إسلامية انتفاضة الشعوب العربية

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين /‏27‏/04‏/12/ لا تزال انتفاضة بعض الشعوب العربية حديث الساعة في اوساط السياسة والثقافة في المانيا واوروبا فانطلاق المظاهرات العفوية في مصر وتونس  وبدون تنظيم ضد حكومتي تلك الدولتين السابقتين ونجاح الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية التي جرت بهما تعتبر اعجاب الرأي العام في العالم على حسب رأي تأكيد رئيس شئون لجان  السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني روبريخت بولنتس بندوة حول اسلامية الانتفاضة العربية دعا اليها مبرة / كوربر / للدرسات والتنمية الدولية بالعاصمة برلين مساء يوم الخميس 26  نيسان/ابريل الحالي بمشاركة السويسري من اصل / مصري / طارق رمضان الذي اصبح وجها معروفا لدى اوساط السياسة والثقافة في اوروبا لآراءه حول الاسلام والغرب .

وأكد بولنتس ان الانتخابات التي جرت بتونس ومصر كانتا حرة ونزيهة للغاية واسلامية انتفاضة الشعب الليبي ضد معمر القذافي وخروج المظاهرات ضد بشار اسد ونظامه في سوريا من المساجد دليل واضح على ان تلك الانتفاضة اسلامية الطابع ، هذه الظاهرة ترغم الغرب على حوار صريح مع الاسلام من جديد واعادة ترتيب اوراق السياسة الدولية  من جديد .

طارق رمضان اشار بان طبيعة الشعوب العربية المذكورة التدين ولا عجب بنجاح الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية وتشكيلهم حكومة في تونس بالرغم من ان النظام العَلَماني وشخصيات تابعة لهذا النظام شريكة في البرلمان وقيام ائتلافية بين الاسلاميين والعَلَمانيين في تونس دليل على نجاح مثل هذه السياسة فتركيا التي يحكمها اسلاميون تحت ظل العَلَمانية استطاعوا ابراز بلادهم كقوة سياسية واقتصادية يشار لها بالبنان  وقد اثبتت حكومات العلمانيين الذين حكموا تونس ومصر وتركيا فشلها في جميع السياسات التي انتهجتها في بلادها ولا سيما فصل الدين عن الدولة والقضاء على الظاهرة الاسلامية .

الا أن بروز السلفيين   كقوة اسلامية ثانية في مصر ومحاولتهم البروز كقوة ثانية في تونس بمواجهة الاخوان المسلمين تعتبر قلقا للغرب ، فرئيس شئون السياسة الخارجية بولنتس يرى بالسلفيين حجرة عثرة امام ارساء الديموقراطية والحريات العامة في مصر وتونس وربما ليبيا ايضا عندما يذهب شعبها الى انتخابات برلمانية . وعزا بولنتس رأيه تجاه السلفيين بانهم متعصبون  الا انه اشر الى ضرورة الحوار معهم وان المانيا واوروبا يجب عليهما الاستمرار في تقديم المساعدات التنموية وتقديم مشورات ونصائح لتحقيق نتائج انتفاضات شعوب تلك الدول وعلاقات قوية بين الاسلاميين والغرب يجت ان تتم وفقَ حماية وجود الكيان الصهيوني على ارض فلسطين .

ويرى طارق رمضان بالسلفيين بانهم طامة كبرى فهم لم يشاركوا في الحياة السياسية بمصر وتونس وليبيا على مدى حكم انظمة تلك الدول السابقة ولم يشاركوا ايضا في الحرب الافغانية ودفاع المسلمين عن اهالي البلقان ونجاحهم في الانتخابات جاء بدعم من السعودية وقطر  ودعم تلك الدولتين لهم يأتي من اجل لحد من قوة الاخوان المسلمين مشيرا ان اتهامه للسعودية وقطر بدعمها السلفيين نجم عنه منعه من السفر الى الدولتين المذكورتين .

واتفق بولنتس ورمضان على ذلك الراي الذي يقول ضرورة محاورة الغرب مع الاسلاميين وضرورة احترام الغرب لارادة الشعوب الذي اختاروا الاسلاميين ليحكموا بلادهم من جديد على حد رأيهما .

ونسي بولنتس بأن الغرب كان وراء الحرب الاهلية التي وقعت بالجزائر اوائل التسعينات فما ان نجح قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ  في تلك الدولة بانتخابات نزيهة وحرة عزا لجيش تلك الدولة بالغاء تلك الانتخابات وزج بقادتها في السجون الامر الذي نجم عنه   بروز قوة التطرف التي حصدت اكثر من 60 الف شخص كما كان الغرب وراء ما يعاني منه شعب غزة فالانتخابات التي جرت في الضفة الغربية عام 2004 التي فازت بها حماس كانت نزيهة وحرة باشراف الاوروبيين ولما بذلت حكومة المملكة العربية السعودية بالمصالحة بين حماس وفتح وقامت حكومة وطنية عام 2006 مارس الغرب سياسة التمييز الذيني بها اذ كان يستقبل وزراء من فتح ويستبعد وزراء من حماس الامر الذي نجم عنه انفصال غزة عن الضفة الغربية .

وأخطأ طارق رمضان بآراءه عن السلفيين ووقوف السعودية وقطر وراءهم ، فمدرسة السلف تضم في احشاءها الاخوان المسلمين وكان السلفيون في السعودية وراء حث المسلمين على تحرير افغانستان من الاحتلال السوفييتي كما كانوا في مقدمة من دافع عن البوسنة وغيرها ، كما ان الاخوان المسلمين مدرسة تضم في احشاءها ايضا السلفييين . الا أن عودة الحريات العامة الى مصر وقيام الاحزاب فيها ساهم بظهور احزاب جديدة , ويسعى الغرب للايقاع بين الاخوان والسلف .