أيها السورين حكوا جلودكم بأظافركم

أيها السورين حكوا جلودكم بأظافركم

ناديا مظفر سلطان

(1)

بعد عام من الجرأة المذهلة والشجاعة الأسطورية ، بعد عام من الصبر على القتل والتمثيل وهتك الأعراض ، بعد عام من تحدي الاعتقالات وآلات التعذيب الجهنمية الأسدية

أما آن للسوريين أن يتدبروا مقولة الإمام الشافعي ماحك جلدك مثل ظفرك... فتول أنت جميع أمرك ؟ ؟

أما آن للسوريين أن يتولوا أمر أنفسهم ويكفوا عن لوم المجتمع الدولي ، وتقريع مجلس الأمن ، واستصراخ العالم الاسلامي واستنهاض الجامعة العربية؟

منذ متى وكان المجتمع الدولي حامي الحمى ؟ منذ متى كانت الدول العظمى - في لعبة القوة وسياسة العالم القذرة - تذود عن المظلومين وتكف أيدي الظالمين .... ثم "تعفّ عند المغنم"؟؟

منذ متى ومجلس الأمن قد اتخذ قرارا منصفا تجاوز فيه" فيتو "مسخرا دوما لصالح الدول الكبرى ؟

منذ متى و الضمير يلعب دوره في حلبة الصراع الدولي؟

منذ متى ومسرح الدمى العربي كان له شأن في الحدث العالمي ؟

منذ متى والأمة الاسلامية تطبق شعائر رجم إبليس ، على شياطين الإنس فترجمهم ؟

الأمة الإسلامية منذ عهد صلاح الدين الأيوبي قلمت أظافرها ونوت الإحرام ولم تنمو أظافرها منذ ذلك الحين!

وإدارة أوباما المناصرة سرا وعلنا لإسرائيل قد اعترفت تواضعا منها بأنها ليست وراء الحراك الشعبي في سوريا ولكن لا يعني هذا أن رائحة الدم السوري لم تحرك شهية النسر الأمريكي للتربص للمغنم وهو يضم تحت جناحيه فرخه الاسرائيلي المدلل.

أما الدب الروسي فلن يقلم أظافره ويكف أذاه ، إلا لأجل وجبة أشهى تعرضها عليه المعارضة ،وكذلك شأن صديقه التنين

منذ أن اندلعت الثورة السورية وأنا استمع إلى النداءات من هنا وهناك حناجر تجأر ، " صمتكم يقتلنا " ، "الجامعة العربية تقتلنا " ، عام والثورة تناشد المسلمين ، تعلق الآمال على مهزلة اسمها الجامعة العربية ، وأخرى تدعى مجلس الأمن ،

 عام وسوريا تنتظر" ظفرا" يحك لها جلدها المقرح.

الاحصائيات التقريبية تفيد أن هنالك ثلاثين مليون سوري يقيم في الأرض السورية يعادلها ثلاثين مليون أخرى تقيم خارجه وباستخدام الأصابع العشر لهؤلاء الستين مليونا سيكون لدينا ستمائة مليون ظفر ! أليست كافية لحك الجسد السوري المثخن بالجراح؟

 بالطبع لابد من استثناء آلاف من الأصابع المنزوعة الأظافر في أقبية التعذيب الأسدية!

ولابد من استثناء بضعة آلاف أخرى من الأظافر لازال أصحابها يهرشون بها رؤوسهم للتفكر في مصدر" المؤامرة "!

ولابد من استثناء بضعة آلاف أخرى لازالت أياديها تصافح مخالب النظام المخضبة بالدم.

وبضعة أخرى لاتزال ترتاد صالونات التجميل لتقليم الأظافر "لأن الأمر لا يعنيها"

ولكن هكذا هو التصنيف الإلهي للبشر" فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق للخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير"

لقد سارعت حمص وحماة ودرعا وادلب لتقديم الشهداء بينما لازالت دمشق وحلب -وبعد مرور عام كامل، بين ظالم ومقتصد - مستنكفتين عن اللحاق بركب "السبّاقين للخيرات"

 فهل يمكن أن نلوم الدول الغربية على تقصيرها بينما المدينتين اللتين يمكن أن تقصما ظهر النظام لم تبلغا بعد مستوى تضحيات بقية المحافظات ؟

أليس هنالك من طريقة لاستنهاض المدينتين بالحسنى أو بغير ذلك ، حتى يحك السويون جلودهم بالأصابع العشرة

حربنا من أجل اسقاط النظام نصفها عسكري وأمرها موكل إلى الجيش الحر الذي ينمو بشكل متسارع مما يستدعي دعمه بأقصى الجهد ماليا والعمل على توجيهه لأجل وحدة صفه وحمايته من الانشقاق و الاختراق

 ونصفها الآخر سياسي وأمرها موكل إلى المجلس الوطني ، الذي أعتقد - كما الجميع -أنه لازال "خديجا "،ينمو ببطء ،و يعاني من نعومة الأظافر ، وبراءة الأطفال ، وحسن الظن ب "الظلف الأجنبي " الذي قد يساعد على حك الجلد قليلا ، ولكنه حتما سيسبب الالتهاب فيما بعد.

 يقول المثل ( الله يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم)

وفي القرآن يقول الله سبحانه وتعالى "وتوكل على الحي الذي لا يموت "

كل حيوانات الغابة ستهلك وتفنى لامحالة ، أسدها الأجرب ، ودبها الأحمق ، ونسرها الأصلع ، وتنينها الأخرق

ولكن "ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"

(ثورة سورية الصنع ((Made in Syria)

قال لي: قرأت مقالتك أيها السوريون حكوا جلوكم بأظافركم(1) أرى أنك سوف تتهمين بخيانة الثورة ... أنت تمشين ضد التيار الحالي وهو التدخل الأجنبي .

قلت له: أجد أن الخيانة الحقيقية للثورة هو التدخل الأجنبي ، إنه خيانة لدماء الشهداء الذين ماتوا لأجل لا للتدخل الأجنبي ، شعار رفعوه في بداية الثورة.

قال لي: لم يحتمل الناس المجزرة الأخيرة للأطفال في كرم الزيتون لقد بلغ السيل الزبى السوريون في الخارج ، انهارت أعصابهم .

قلت له : هذا ما يسعى إليه النظام أن نفقد أعصابنا ، منذ البداية ، وهو يراهن على الوقت .

قال لي : السوريون في الخارج مختلفون عن أولئك الذين هم في الداخل ، أعتقد أن هؤلاء لا يحبذون التدخل الأجنبي .

قلت له : أهل الثورة من الداخل كانوا يهتفون لا للتدخل الأجنبي لأنهم كانوا واثقين من انضمام حلب ودمشق بالكامل ، لم يتوقع أحد البتة أن يخذل هؤلاء الثورة بهذا الشكل المخزي.

قال لي : طبعا الثورة قامت تصارع بيد واحدة واليد الأخرى مغلولة كل المحافظات في كفة ، ودمشق وحلب في كفة أخرى .

قلت له :في هذه الحال هل من العدل أن نهرع للغرب لطلب المعونة بعد هذا الاستبسال ، أم أن نعالج مشاكلنا ونراجع أخطاءنا ونواجه من خذلنا " بقوة " حتى يعود ل جادة الصواب، في القرآن" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا"، إنه التوجيه القرآني الأول من آدم وزوجه ،عودوا إلى أنفسكم ، وعالجوا أخطاءكم ، ولا تلقوا بهمومكم على كاهل الآخرين.

قال لي : وكيف ترغمين المدينتين على الانضمام للثورة؟

قلت له : حقا لا تستطيع إرغام الشباب على الخروج ، ولكن تستطيع إرغام المدينة على العصيان المدني ، إنه أمر الله " كلا لا تطعه واسجد واقترب "، أقفلوا الدكاكين ، لا يذهب أحدكم إلى عمل أو مدرسة أو حتى جامع .. صلاة الناس في بيوتهم أقرب إلى الله من الاستماع إلى خطبة حسون الملعون وأمثاله من أئمة الرياء والنفاق.

قال لي : الثورة تلقائية كان ينبغي التخطيط لها لضمان مشاركة كل المحافظات وانضمامها للثورة ، هكذا كانت ستنجح وتختصر الزمن وتحقن الدماء

قلت له : إنها مشيئة الله سبحانه أن تقوم الثورة على هذا الشكل وفي هذا التوقيت أربعون عاما من الغيبوبة والتيه مع فرعون يحتاج لبعض الوقت لأجل اليقظة " قال إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض"

الأربعون يبدو أن له أسراره ودلالاته .لابد أنها المدة اللازمة لنشء جيل جديد يقوى على مواجهة ريح الانقلاب والتغيير.

قال لي : ولكن من يأكل العصي ليس مثل الذي يعدها ،هكذا المثل يقول.

قلت له : فعلا ولكن الله لا يضيع عنده مثقال ذرة وهو الذي قال" و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما"

لكأنني اسمع صوت الشهداء من أعلى –وهم يشاهدون ما ذرفت لأجلهم من دمع - يقولون الحمد لله الذي كتب لنا الشهادة ، كم نشعر بالأسى لحالكم أنتم القاعدون في المنفى ، المقتصدون بالخيرات ، كم تستحقون أن تذرف لأجلكم الدموع!

قال لي بنفاذ صبر : متى نصر الله؟لكنللأنا

قلت له :ألا إن نصر الله قريب.

الثورة السورية ثورة متميزة بشجاعة أبنائها ، منفردة بكامل تسليمها لله وتوكلها عليه ، وستحمل في النهاية- بإذن الله - ختم "ثورة سورية الصنع مائة بالمائة ".