التمرد الطائفي والتقسيم الجغرافي 1

التمرد الطائفي والتقسيم الجغرافي !

( 1 -2 )

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

 قام السيد / سلفا كير رئيس جنوب السودان المنشق عن دولة السودان عضو الجامعة العربية في يوم 20/12/2011م بأول زيارة رسمية ومعلنة إلى الكيان النازي اليهودي الغاصب في فلسطين المحتلة ، وخاطب الغزاة اليهود فى حفل علني بحضور رئيس الكيان شمعون بيريز قائلا : «لقد وقفتم إلى جانبنا طوال الوقت، ولولا الدعم الذي قدمتموه لنا لما قامت لنا قائمة». وجاء كلامه تعليقا على قول الأخير : " إن علاقة بلاده بقادة انفصال الجنوب بدأت في أثناء حكومة ليفي اشكول (النصف الثاني من الستينيات) عندما كان بيريز نائبا لوزير الدفاع. والتقى لأول مرة بممثلي الجنوب فى اجتماع تم ترتيبه فى باريس، واتفق فيه على تقديم مساعدات كبيرة فى مجالات البنية التحتية والزراعة "، أضاف بيريز: " أن بلاده لا تزال تقدم لجنوب السودان ما يحتاجه من مساعدات فى شتى المجالات ".

زيارة سلفا كير للكيان الصهيوني تؤكد على حقيقة المؤامرة التي تقودها الدول الاستعمارية والكيان الصهيوني لتقسيم البلاد العربية وتفتيتها اعتمادا على النزعات الطائفية والعرقية والقبلية وغيرها ، لتأمين وجود الكيان الصهيوني وحمايته ، وجعل القيادة في المنطقة بيمينه ، وذلك للهيمنة الإستراتيجية على مقدراتها ونهب ثرواتها وحرمانها من الحرية والكرامة والشرف والتقدم ، وهو ما تحقق إلى حد ما في العراق ولبنان واليمن والصومال ؛ فضلا عن السودان ، وفي طريقه إلى التحقق في بقية الدول العربية وفي القلب منها مصر !

لقد تحقق انفصال جنوب السودان في يوليو 2011م ؛ بعد قرابة خمسين عاما من التمرد المسلح والدعم الاستعماري الصهيوني الدءوب المستمر للمتمردين ، تمويلا وتدريبا عسكريا وإداريا ، بالإضافة إلى الحملات الإعلامية والدبلوماسية والسياسية . وفي خلال العمل من أجل الانفصال كانت تتردد مقولات عن التمييز والاضطهاد واستبعاد المتمردين من المناصب والوظائف العليا وتطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين ، وأسلمة النصارى والوثنيين ، وهي الدعاوى ذاتها تقريبا التي يرددها المتمردون الطائفيون في مصر مذ تولي رئيس الكنيسة الحالي قيادة الطائفة الأرثوذكسية عام 1971م ، وتطبيقه أفكار جماعة الأمة القبطية الإرهابية في الواقع العملي بفصل الطائفة معنويا ونفسيا عن المحيط الاجتماعي الحاضن ، وبث ثقافة الاستشهاد من أجل تحرير مصر من الغزاة المسلمين ، واستخدام اللغة الهيروغليفية بوصفها لغة قومية بدلا من اللغة العربية ( لغة المحتلين) ، وصناعة إعلام محلي وخارجي يشارك فيه الشيوعيون واليساريون والعلمانيون المصريون ، يتبنى ادعاءات التمرد الطائفي عن طريق الرشاوى المقنعة ، وسلطة النظام البائد الفاسد الذي كان يطارد الإسلام ويضطهد المسلمين ويقدمهم لمحاكمات عسكرية واستثنائية وقد نجح في ذلك نجاحا ملموسا .

الأمر المهم في هذا السياق هو إنكار الإعلام الرسمي والإعلام الطائفي أو ما أسميه الإعلام الصربي ، فكرة أن قادة التمرد يفكرون في تقسيم مصر أو تحريرها من المسلمين ، ويرى أن تلك الفكرة ساذجة ومن يرددونها محكومون بنظرية المؤامرة الموهومة .

ولكن واقع التمرد الطائفي أو حركته وخاصة بعد نجاح ثورة يناير في خلع الطاغية وأعوانه الكبار ، وتقديمهم للمحاكمة ؛ تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن التمرد يعمل من أجل غاياته الشيطانية بتقسيم مصر أو تحريرها من الإسلام ؛ سواء بتغيير الإسلام على طريقته أو طرد المسلمين كما يحلم وفقا للتجربة الأندلسية ، أو التجربة اليهودية في فلسطين ، أو التجربة الصربية في البوسنة والهرسك ،أو التجربة السودانية الجنوبية!

لقد شجعت التجربة السودانية الجنوبية قادة التمرد الطائفي في مصر على إعلان ما يسمى الدولة القبطية في واشنطن ، وطلب الحماية الدولية من الأمم المتحدة للنصارى في مصر ، ثم تعددت رسائل الغزل من جانب التمرد الطائفي إلى الكيان الصهيوني.. والأخطر هو ارتفاع نغمة التحدي للسلطة والشعب من جانب المتمردين في الداخل مثلما حدث في صول وأطفيح والمقطم وإمبابة والمريناب وماسبيرو وقتل جنود الجيش المصري والاستيلاء على مدرعة عسكرية ودهس المتظاهرين بها بعد قتل الجندي سائقها ضربا بطريقة بشعة .. وسبق ذلك التهديد السافر بقتل المسئولين والإعلان أن مصر بلدهم وحدهم ..