دبيب الدابي

زهير سالم*

[email protected]

اعتقدت لفترة أنه ليس من الانصاف أن نستحضر الخلفيات الشخصية، أو المصالح السياسية، أو الارتباطات والأدوار الرسمية في قراءة تقارير الفريق الدابي، أو تفسير مواقفه؛ سبق أن رفضت ذلك وقلت لننتظر حتى نسمع ونرى. وكان التقرير الأول للفريق الدابي، ثم كان التقرير الثاني، ثم كان المؤتمر الصحفي الذي أسفر فيه الفريق الدابي عن وجهه المريب فما ترك قولا لخطيب . وبينما تعودنا أن نسمع أولياء النظام في سورية يتحدثون عن أخطاء في الانتهاك والتعذيب والقتل إلا أن الدابي وحده هو الذي امتلك الجرأة ليتجاهل كل ذلك ولينسب ما استطاع منه إلى أبناء سورية وشهدائها من أطفال ونساء. لقد بلغ من مصداقية كلام الدابي في مؤتمره الصحفي أن يبثه إعلام النظام بلا تحفظ، وأن يستشهد به على سبيل ( الاقتباس عند أهل البديع ). وهي مكانة لم تحظ بها في بعض الأحيان مقابلات بشار الأسد نفسه..

 تستمع إلى الدابي فتتساءل ألم يتحول حسن الظن إلى ضرب من الغفلة، وهل من الحزم بعد هذا المشهد الذي يبعث الريبة أن نتناسى دبيب الدابي المريب حول أعناق مواطني دارفور أبناء الإسلام وأهل القرآن وضحايا البغي والعدوان؟!

هل من الحزم بعد أن رأينا وسمعنا أن نفصل موقف الدابي في الدفاع عن مشروع بشار الأسد عن موقف الذين دافعوا في مجلس الجامعة العربية عن مشروع ذبح الأطفال..

وهل من الحزم أن نُستغفل إلى الحد الذي نفتش في حديث الدابي عن سلبية واحدة أو خطأ واحد أو مجرد تقصير ينسب إلى النظام فلا نجده. ثم لا نفسر ذلك بأنه حديث مسيّر مأمور أو حديث....

هل من الحزم أن نعتبر الدابي شاهدا عدلا ونحن نسمعه يكرر على سبيل الدعاية كل ادعاءات النظام ويشكك في كلام الضحايا الأبرياء..

هل من الحزم في شيء أن نقتنع بما زعمه الدابي أن عدد القتلى أثناء وجوده في سورية قد انخفض إلى 148 قتيلا فقط ومن ( الطرفين ) وشدد على أن عدد القتلى هذا من الطرفين!!، وأن نتظاهر بالاقتناع بصدق ما رواه الدابي معنعنا أن الإعلام الحر يسرح ويمرح في سورية، بأمن وأمان..

هل من الحزم ألا ننتبه إلى عدد الصحفيين المحدود الذين تحلقوا حول طاولة الدابي المستديرة والذين كانوا أكثر ولاء للنظام من أولئك الذين يستحضرهم وليد المعلم عندما يشاء!!!!

وهل من الحزم في شيء أن نسمع رجلا يقول عن بعثة عملت في مثل ظروف عمل بعثة الدابي ( إنها لم تقع في خطأ على الإطلاق) ويكررها مرتين ثم لا ندرك ما وراء الأكمة وبين سطور الكلمات.

اتصل بي صديق من السودان منذ أول يوم وقال لي احذروا إنه الدابي أي الثعبان. ما لي أردد وأنا أسمعه يبسمل ويحوقل:

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها    عند التقلب في أنيابها العطب..

                

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية