الدعم الدولي للجيش السوري الحر

يوما بعد يوم ومع كل قطرة دم سورية حرة يسفكها النظام المجرم تبتعد تدريجيا حالة السلمية التي ميزت الثورة الشعبية التي ذهبت مذهب الأساطير في تضحياتها وألقها, فجماهير الشعب السوري التي فجرت تلك الثورة العظيمة كسرت حواجز الخوف والتردد والخشية من أبشع نظام إرهابي في العالم, ولم تخش سطوة آلته العسكرية, والاستخبارية, وانطلقت في ربيع الشام لتغير التاريخ وتصحح الأوضاع المقلوبة, وتعيد للشام هويتها الحضارية الحقيقية التي صادرها النظام العائلي الطائفي المجرم, وقدم الشعب ثمنا لذلك ولايزال يوميا باقات من الشهداء الأبرار الذين طرزوا الذاكرة النضالية والتاريخية للشعب السوري بعطائهم وجودهم اللامحدود بالنفس والنفيس, وهو أقصى غاية الجود وحالة إنسانية واستشهادية طيرت عقول وقلوب قادة نظام القتل والإرهاب وانتزعت احترام شعوب العالم بأسره التي تتابع بقلوبها مسيرة تلك الثورة الخالدة التي لايمكن أن تنطفىء جذوتها إلا بعد الانتصار الحاسم القريب, مهما بلغ حجم التضحية.

اليوم مصير الثورة أمام مستجدات ومستحقات فرضها النظام وتنزع عنها صفة السلمية المطلقة التي ميزتها من خلال حالات الدفاع عن النفس وهو أمر مشروع في مختلف القوانين السماوية والوضعية, فرئيس النظام القاتل وعصابته لاحل لديهما سوى محاولة تصفية وإنهاء الثورة وكسر إرادة الأحرار والاستمرار في الهيمنة, ولو اقتضى الأمر تدمير سورية على رؤوس شعبها, فالفاشية البعثية الطائفية العشائرية بأفقها الشعوبي الصفوي لا تمتلك غير ذلك الخيار الشمشوني الزاعق, وقائمة أرقام الشهداء قد وصلت الى حدود خيالية وصعبة ومؤلمة تجاوزت الآلاف, والتردد العربي الذي يشبه حالة العجز والكساح هو حالة معلومة وغير قابلة للتبدل أوالتغيير, فمهمة المراقبين العرب كانت فاشلة منذ انطلاقتها, وكانت مهمة مشبوهة تحولت للأسف إلى غطاء عربي لجرائم نظام لايخجل ولايتورع, أويرتدع عن اقتراف أي جريمة, والتمديد للحل العربي معناه الحرفي توسع قائمة الموت الشعبي, وإعطاء نظام القتل والجريمة مهلا إضافية ورخصة مفتوحة للقتل الشامل, وهي حالة غير مقبولة ولا متصورة أبدا, ولابد من نقل القضية إلى المحافل الدولية فهي الأقدر على معالجة وعقاب القتلة كما حصل في كوسوفو والعراق وغيرهما من البلدان. وقد برز الجيش السوري الحر في عملياته المحدودة لحماية الشعب والمتظاهرين كإطار وطني ونواة لقوة عسكرية مسلحة تمتلك من الحماسة والخبرة والقيادة الميدانية الشيء الكثير, ولكن كفة التسلح والتجهيز وقواعد الإيواء والتموين والتحرك اللوجستي غير متوازنة بالكامل مقارنة بعصابات النظام وامتلاكها لأدوات ووسائل دولة كاملة, لذلك كان لابد من دعم الجيش السوري الحر بمختلف الوسائل وتوفير التموين اللوجستي والدعم التسليحي والاستخباري ومساعدته ميدانيا من خلال لجوء المجتمع الدولي إلى فرض مناطق آمنة ومناطق حظر جوي وتوسيع قواعد الاشتباك والعمليات للتصدي لفلول النظام ومجرميه ومؤيديه من عصابات الحرس الثوري الإيراني أوعصابات حسن نصر الله الشيطانية التي تقاتل اليوم معركتها الأخيرة في الشام الحرة.

لاندعو إلى تدخل واحتلال دولي كما حصل في العراق لأن طبيعة الصراع مختلفة أولا, ولأن الشعب السوري الحر والشجاع برجاله وحرائره أثبت قدرته الميدانية الفائقة على إدارة الصراع بحالة لوجستية رائعة ومثيرة للإعجاب ولأن أهل وثوار سورية أدرى بشعابها وهم يعرفون بالكامل كيفية وإمكانية تفكيك النظام بأقل قدر من الخسائر على مستوى الوطن السوري.

لابديل للمجتمع الدولي عن تقديم الدعم المباشر للجيش السوري الحر نواة التحرير العسكرية, ففتية الشام ورجالها يمتلكون القدرة والعزيمة على الإطاحة بالطاغية وعصابته ومعاقبتهم شعبيا على جرائمهم السابقة والراهنة, والشعوب الحرة في العالم تتطلع بشغف إلى يوم النصر السوري الكبير المقبل الذي سيغير وجه الشرق الأوسط بالكامل, وهوتغيير لوتعلمون عظيم. نظام القتلة لايفهم سوى لغة القوة ولايخضع إلا لإرادة الأقوياء, وقد أثبت الشعب السوري عبر تاريخه النضالي من أنه أقوى وأشد مراسا وشكيمة وعزيمة من كل الطغاة, إنه على أعتاب النصر التاريخي المقبل الكبير لايمكن أن تكسر إرادته, بل بتحالف الشعب الثائر والجيش السوري الحر سيتم كنس النظام لمزبلة التاريخ.. فتأملوا النصر السوري الكبير.

عن جريدة السياسة الكويتية