كل مجلس أمن وأنتم طيبون

م. محمد سيف الدولة

م. محمد سيف الدولة

[email protected]

سـيظل مجلـس الأمن الأمريكي المشـهور باسـم مجلـس الأمن الدولي، هو الدرع الأول لحمايـة وجود (إسـرائيل) وأمنها وتوسـعاتها، وسـيظل هو الراعي الأكبر للمشـروع الصهيوني ولتصفيـة القضيـة الفلسـطينيـة.

إنها خلاصـة قصتنا معـه ومع هيئـة الأمم المتحدة، منذ نشـأتها بعد الحرب العالميـة الثانيـة، ودورها في تقسـيم فلسـطين وقبول عضويـة (إسـرائيل) والصمت على جرائمها ومذابحها واعتداءاتها واحتلالها ورفضها تنفيذ أي من قراراتها... إلخ

وهي حقيقـة تعلمها جيداً الأنظمـة العربيـة والجامعـة العربيـة والسـلطـة الفلسـطينيـة. ورغم ذلك يُصرون على اصطحابنا في كل "موسـم" إلى هناك، وسـط هالات من الصخب الإعلامي، لتضليل الرأي العام العربي والفلسـطيني بقرب وإمكانيـة حل القضيـة عبر القنوات الدوليـة. كما ضللونا بإمكانيـة حلها بالتفاوض مع العدو، في جولات مكوكيـة لا تنتهى من الهزائم والتنازلات والتواطؤ والفشـل اسـتهلكت عقوداً من أعمارنا وأضاعت مزيداً من أوطاننا. وكل ذلك بهدف مواصلـة الهروب من الاعتراف بخطيئـة خيار التسـويـة وموتها واسـتحالتها. وخوفاً وهرباً من البديل الصحيح الوحيد والممكن لتحرير الأرض وهو قتال (إسـرائيل) ومواجهتها.

***

والغريب هذه المرة في الموقف العربي والفلسطيني، هو أن النتيجة معلومة مسبقاً فالولايات المتحدة لم تكتفِ بإعلان نيتها استخدام الـ (فيتو) للاعتراض على مشروع القرار "الأردني" المقدم إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال لفلسطين 1967، بل أن الكونجرس أصدر بالفعل فى عام 2011 وبغالبية 407 صوت مقابل 6 فقط، قراراً يرفض فيه "الاعتراف بإقامـة دولـة فلسـطينيـة قبل التوصل إلى الاتفاق مع (إسـرائيل). ويُهدد بأنها سـتضر العلاقات الفلسـطينيـة ـــــ الأمريكيـة وسـتكون لها إنعكاسـات خطيرة على برامج المسـاعدة الأمريكيـة المقدمـة للفلسـطينيين والسـلطـة الفلسـطينيـة".

والذي كان من أبرز بنوده ما يلي:

ـــــ يُكرر الكونجرس معارضته الشديدة لأية محاولة تسعى لإنشاء أو الاعتراف بدولة فلسطينية خارج اتفاق يتم التفاوض بشأنه بين (إسرائيل) والفلسطينيين.

ـــــ يحث القادة الفلسطينيين على وقف كل الجهود الرامية للالتفاف على عملية التفاوض، بما في ذلك.. إعلان قيام الدولة من جانب واحد أو من خلال السعي للاعتراف بدولة فلسطينية من الدول الأخرى أو هيئة الأمم المتحدة.

ـــــ كما يحثها على استئناف المفاوضات المباشرة مع (إسرائيل) فوراً ودون شروط مسبقة.

ـــــ يؤيد معارضة الإدارة الأمريكية لإعلان أحادي الجانب عن قيام دولة فلسطينية واستخدامها حق النقض في مجلس الأمن لهيئة الأمم المتحدة في 18 شباط 2011، وهو أحدث مثال على السياسة طويلة الأمد للولايات المتحدة بالاعتراض على القرارات غير المتوازنة لمجلس الأمن المتعلقة (بإسرائيل) وعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ـــــ يدعو الإدارة أن تُعلن أنها ستستخدم حق الـ (فيتو) ضد أي قرار بشأن الدولة الفلسطينية يُعرض على مجلس الأمن لا يأتي نتيجة لاتفاقات تم التوصل إليها بين (إسرائيل) والفلسطينيين.

ـــــ يدعو الإدارة لقيادة جهد دبلوماسي لمعارضة إعلان من جانب واحد لقيام دولة فلسطينية وأن تُعارض اعترافاً بالدولة الفلسطينية من جانب دول أخرى، في إطار هيئة الأمم المتحدة، وفي غيرها من المحافل الدولية قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بين (إسرائيل) والفلسطينيين.

***

وبالإضافة إلى هذا القرار من الكونجرس فإنه من المعلوم للجميع أن الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض لصالح (إسرائيل)، عشرات المرات. وبنظرة فاحصة لمضامين بعض مشروعات القرارات التي رفضتها أمريكا، سنجد أنها وبمفهوم المخالفة:

ـــــ تدعم استمرار احتلال (إسرائيل) العسكري للأراضي المحتلة.

ـــــ ترفض أي حق للفلسطينيين في تقرير المصير أو الحصول على دولتهم المستقلة أو العودة إلى ديارهم!

ـــــ تدعم الأعمال التي تقوم بها (إسرائيل) والتي من شأنها تغيير وضع القدس وتدعم كل جهودها لمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات!

ـــــ تؤيد الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان!

ـــــ تؤيد الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان وعلى مخيمات اللاجئين!

ـــــ ترفض إنسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان!

ـــــ تؤكد "قانونية" المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وتدعم وتُبارك تشييد مزيد منها وتدعو جميع الدول إلى إمداد (إسرائيل) بكل المساعدات التي يُستفاد منها في بناء المستوطنات!

ـــــ تؤكد "حق" (إسرائيل) بضم مرتفعات الجولان!

ـــــ تُشجع الهجوم على الحرم القدسي الشريف!

ـــــ تؤيد الانتهاكات التي يقوم بها الإسرائيليون لقدسية الحرم الشريف في القدس!

ـــــ تُشجع إنتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة!

ـــــ تدعم الإجراءات القمعية ضد السكان المدنيين في الأراضي المحتلة وتدعو إلى استمرارها!

ـــــ تؤكد أنه لا حق للفلسطينيين في تقرير المصير والدولة المستقلة ولا حق لهم بالعودة إلى ديارهم!

ـــــ تدعو (إسرائيل) إلى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني في الأراضي المحتلة!

ـــــ تحث (إسرائيل) على ترحيل المدنيين الفلسطينيين!

ـــــ تؤيد السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة!

ـــــ تؤيد قتل (إسرائيل) لثلاثة أفراد من طاقم هيئة الأمم المتحدة وتدمير مخزن للمواد الغذائية تابع لهيئة الأمم المتحدة في غزة!

ـــــ تحث (إسرائيل) على إيذاء وترحيل ياسر عرفات!

ـــــ تؤيد إنشاء جدار الفصل العنصري من قِبل (إسرائيل) على جزء من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية!

ـــــ تؤيد قيام (إسرائيل) باغتيال الشيخ أحمد ياسين!

ـــــ تؤيد التوغل العسكري الإسرائيلي في غزة الذي أسفر عن مقتل وقتل المئات وتدمير واسع النطاق للمنازل والمباني الأخرى!

***

إن مجلـس الأمـن مثلـه مثل (إسـرائيل)؛ لن يُعطينا سـلاماً ولن يسـمح بـه، أياً كان حجم التنازلات التي نُقدمها؛ في الثوابت أو الأرض أو السـيادة أو القدس أو حق العودة، فهو ممثلها الدولي وصانعها وراعيها وحاميها! وسـيتركنا لسـنوات وسـنوات نطرق الأبواب واللجان وننضم إلى المنظمات الدوليـة ونوقع إتفاقياتها ونتوه في أروقتها وطرقاتها، بدون أن يُعطينا حبـة رمل واحدة، أو يُصدر أي قرار لـه أي قيمـة إلزاميـة على الأرض... فلماذا المكابرة والمماطلـة والمراوغـة والتضليل والإصرار على إضاعـة الأعمار والحقوق والأوطان..!!؟؟