الحسين رضي الله عنه بشر خطاء

لا معصوم هو ولا من الأنبياء

علي الكاش

كاتب ومفكر عراقي

" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله" سورة البقرة 165نداداأ

تنويه

كل النقد الوارد في مقالاتنا ضد رجال الدين وأتباعهم لا يخص مطلقا إخواننا الشيعة والسنة المعتدلين وإنما الغلاة والمتطرفين والصفويين بشكل خاص. لذا فأتباع الحسين(ع) المقصودين في هذه المقالات من الغلاة (عبدة الحسين) يدخلون ضمن التصنيف المذكور. ولا علاقة لشيعتنا العرب الاقحاح به, لذا إقتضى التنويه.

سيدي الإمام الجليل: إن من يحبك حبا حقيقيا لايحتاج لأن ينسب إليك الأساطير والمعجزات والعصمة وخوارق تثير السخرية بلا من العجب سواء عن قصد او عفوية. فأنت لست بحاجة لها ونحن أيضا لا نحتاجها لكي نحبك. يكفي إنك ريحانة رسول الله، مما يجعل الأفئدة تذوب في محبتك والعقول تستنير بقبس سيرتك.

سيدي مشواري معك مشوار طويل فيه الكثير من المحطات الي تستدعي التوقف عندها قبل أن نواصل رحلة البحث عن شخصيتك الحقيقية. وما أكثر محطات الرياء وما أقل محطات الحقيقة، فقد تداخل الشعور بين محبيك ومحبيك ولا أقول مبغضيك، فحاشا الله أن يكون لك مبغضين في دار الإسلام. وكم حاول بعض المنافقين أن يثيرا حفيظة الآخرين لكي ينالوا من شخصك الكريم، لكن الله عًز وجل أفشل مسعاهم الخبيث فأنت سيدي ريحانة رسول الله ومن أحبك فإنما أحب رسول الله. ولكن يبقى سيدي حبكم آل البيت مستوحى من حب الرسول فلولاه ما كان لكم هذا الشرف الرفيع، ولا المنزلة الكبيرة التي حباكم الله بها فطهركم تطهيرا. وصدق شاعرنا الرصافي بقوله" إذا كان المقصود في التشيع هو محبة آل البيت، كما يوهمون العوام، فأني لا أعقد إن عربيا يجري بعروقه الدم العربي لا يحب النبي و آله".

ولكن سيدي لبعض اتباعك ومشايخهم نظرة أخرى، وإني على يقين من إنها ستثير غضبك. لكي أقسمت بأن أكون وفيا لك وصريحا في صحبتك. فإستمع للمفاضلة التي اخترعها احد المشايخ ممن يدعون محبتك رياءا وهو الشيخ حسين الفهيد" بعض ألأحيان تكون ألإمامه أفضل من رسول الله، إمامه الحسين بالنسب أفضل من رسول الله،  فإن كان رسول الله أمه أمنه،  فالحسين أمه فاطمه،  وإن كان أبو رسول الله عبد الله،  فأبو الحسين علي بن أبي طالب، وإن كان جد رسول الله عبدالمطلب، فجد الحسين رسول الله ". أنظر سيدي إنهم لا ينسبونك الى جدك أبو طالب كما جرى العرف العشائري عند قريش وبقية العرب، لأنه مات على دين الجاهلية ورفض أن ينطق بالشهادتين حين طلب منه الرسول ذلك. ولم يتمكن الرسول الكريم على عظمته من سحبه من منطقة الظلام إلى باحة النور. فيخاطب الله رسوله " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين" سورة القصص الآية 56

كما عجز إبنه الإمام علي(ع) على سعة علمه من إهدائه للحق اليقين. في الوقت الذي نجح فيه ابو بكر الصديق(رض) فقد إصطحب أباه الأعمى( أبي قحافة) وقد بلغ من العمر عتيا إلى رسول الله ليسلم على يديه الكريمتين، فيلومه الرسول بأنه كان من الأولى أن يذهب اليه في بيته وهو على حاله هذا! فيقول الصديق" لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله". ويأخذ الصديق بالبكاء. فيدهش الرسول(ص) من بكائه  ويخاطبه" هذا يوم فرح يا ابو بكر، فقد أسلم أبوك ونجا من النار" فيردً الصديق" كان ليً أحب لو إن الذي يبايعك ليس أبي، بل أبو طالب فذلك كان يسعدك أكثر".

سيدي! أتعلم إن البعض يقسم بك وبآل البيت سيما العباس! وإن بعضهم يقسم بالله ونبيه كذبا ولكنه يرتدع عندما يحًلف بك وبالعباس لأن الأخير رأسه(حار) كما يدعون وليس لأنه كان محموما! وإنما لأنه شديد العقاب كما يدعون. في حين إن الله غفور رحيم. وإن الخالق يمهل خلقه، ولكن العباس سريع العقاب لذلك يخشونه أكثر من الله! هكذا يفهمون الدين. فأنت برأي (عبدة الحسين) روح إلهية مقدسة! وهذا احد مشايخهم محمد جواد مغنية يؤكد ذلك في كتابه(مقالات محمد جواد مغنية) بأنه" إذا قرأت ما كتب عن حياة الحسين (ع) إعتقدت أن الحسين روح إلهي في طبيعة بشرية ومعنى غيبي في حروف من أشباح الوجود".

سيدي أتعلم بإنهم لايسألون الله جلً جلاله ليعينهم على قضاء حوائجهم؟ ولايعترفون بحقيقة القاعدة النبوية الشريفة" من إستعان بغير الله ذلً". وإنما يسألونكم أنتم البشرالذين ليس لكم في هذا الأمر من نصيب. فهذا أحد مراجعهم علي الكوراني يذكر" جرب الطلب من الله مباشرة. والطلب من الله بواسطه آل البيت، وانظر أيهما أسرع؟ لا شك أن التوسل بآل البيت أسرع في الإجابه". يخزيهم الله في دعواهم الباطلة. كأني أراك سيدي تصب عرقا مما يقول السفهاء عنك وينسبون إليك من هرطقة. فقد عجزت عن إنقاذ نفسك وحماية آل بيتك في المحنة الكبرى إنت حيً، فكيف يتسنى لك إنقاذ الآخرين وحمايتهم وأنت ميت؟ الا ليخسأ المنافقون.

أتعلم سيدي إن رأسك قد تجاوز العلوم الحديثة والمنطق العلمي والديني ودخل في حيز الخوارق دون رؤوس الأنبياء والخلفاء والصحابة؟ هذا ليس بفيلم من أفلام الرعب أو افلام كارتون التي نشاهدها. ولكن بعض اتباعك لهم مخيلة تشابه مخيلة توم وجيري. نعم سيدي لقد تكلم رأسك الشريف سبع مرات بالكمال والتمام، وهو في دمشق بعيدا عن جسدك المسجى في الكوفة. ورغم تضارب الروايات حول هذا الموضوع وحقيقة ترحيل الرأس إلى دمشق، لكن هذا ليس موضوعنا الحالي.

أول أحاديث الرأس: لما نصب رأسك الشريف في مواضع الصيارفة في دمشق وكان هناك لغو وثرثرة فطلب رأسك من الحاضرين الكف عن ذلك بالنحنحة ثم تلى بعدها سورة الكهف! لا أفهم سبب اختيار هذه السورة بالذات وفيا إشارة لفتية آمنوا بربهم؟ فأنت لم تكن فتى إنما في العقد السادس من المعر! والثانية: عندما صلب الرأس على شجرة!  ولانفهم كيف يصلب الرأس؟ المهم شع نور سماوي من الرأس وبدأ الرأس يتلو ما تيسر من سورة الشعرء! والثالثة: مع المتعجب من حديث الرأس(أبن وكيدة) فخاطبه الرأس بأن لايعجب" إننا معشر الإئمة أحياء عند ربهم يرزقون". والرابعة: مع نفس الشخص عندما حاول أن يسرق الرأس فنهاه الرأس عن فعل ذلك" ليس من سبيل لذلك". الخامسة: مع رجل لم يسمى! لكنه حمل الرأس فأنبه" فرقت بين رأسي وبدني". وهذا أمر عجيب فالرأس يتحدث عن الرأس ولا يقول"بيني وبين بدني"! كما إن الشخص لم يفرق بينهما وانما فرقه من قتلك وحمله من الكوفة للشام. والسادسة: يتحدث الرأس عن شخص لم يسمى شأنه شأن البقية! كان يقرأ سورة الكهف، فقاطعه الرأس بالقول" أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي"! ولا أعرف أين العجب في ذلك؟ فالتأريخ يحدثنا عن آلاف حالات القتل بمثل هذه الطريقة وأبشع منها في دول الإسلام وغيرها. كتنور الزهرة الذي إبتدعه جيش المهدي لشواء اجساد البشر وهم أحياء. والأخيرة: عنما حكم يزيد بقتل ملك الفرس حيث كان رأسك من بين الحضور ولا نعرف سبب وجوده؟ ونطق الرأس" لا حول ولا قوة إلا بالله"! سيدي لا نريد الدخول في تناقضات هذه الأساطير من الناحية التأريخية والجغرافية والعلمية ويكفي إنه لاسند صحيح لها.

لكن سيدي اسألك: ما شأنكم آل البيت وحكايات الرؤس المقطوعة؟

هذه قصة حكاها السيد محمد رضا الحكيمي في كتابه( سلوني قبل أن تفقدوني) بأنه حضر إلى مسجد الإمام علي(رض) في الكوفة رجل يدعى مالك أبو سعد بن الفضل كرسول عن (60000) رجل من بني العقيمة، ليسأله أن يحيي فتى ذبح وقطع رأسه من الإذن إلى الإذن منذ (41) يوما لغرض معرفة من قتله؟ حيث يطالب بدمه خمسون رجلا. فضرب الإمام الميت ببعضه" ثم هزه برجله وقال له: قم بإذن الله يا مدرك بن حنظلة بن غسان بن بحير بن فهر بن فهر بن سلامة بن الطيب بن الأشعث، فها قد أحياك الله تعالى على يد علي بن أبي طالب. فنهض غلام أضوأ من الشمس أضعافاً، ومن القمر أوصافاً، فقال: لبيك لبيك يا حجة الله على الأنام، المتفرد بالفضل والإنعام، فعند ذلك قال: يا غلام! من قتلك؟ قال: قتلني عمي الحارث بن غسان".

وهذه أعجب من تلك أوردها السيد عبد الحسين دستغيب في كتابه الميتافيزيقي( القصص العجيبة) عن الحاج محمد سوداكر الذي يروي العجائب في الهند. منها إنه في أحد الأيام في مدينة بومباي باع رجل هندوسي عقارا له واستلم المال من المشتري وخرج. وكان هناك شخصان محتالان من الشيعة يكمنان له ليسلباه ماله، فأدرك الهندي ذلك. وأسرع إلى بيته واختبأ فوق شجرة كانت في وسطه. وتبعه المحتالان ودخلا البيت فلم يعثرا عليه. فأمسكا بزوجته وأجبراها بالقوة أن تخبرهما بمكانه, بعد أن أقسما بحق الحسين ألا يؤذيانه. فأنزلاه وسرقا ماله، وقطعا رأسه خوفاً من أن يلاحقهما ويفضح أمرهما. ولما رأت زوجته ذلك رفعت رأسها نحو السماء وقالت: لا يا حسين! أنا لم أدل الشيعيين( لا نعرف كيف عرفت بأنهما من الشيعة) على زوجي إلا لأنهما أقسما لي بحقك، يا حسين الشيعة. لقد أرشدتهما إلى زوجي اطمئناناً إلى قسمهما بك! وفجأة ظهر رجل(الحسين) أشار بإصبعه المباركة إلى رقبتي ذينك الشخصين، فانفصل رأساهما على الفور عن جسديهما ووقعا على الأرض. ثم أشار إلى رأس الهندي فاتصل على الفور ببدنه وعاد حياً".

نعم سيدي! بمثل هذا العبث و الترهات المغلوطة والمفاهيم المتلابسة والأساطير العجيبة والسلوكيات المنحرفة التي تنافي قيم السماء والأرض يتاجرون بدمائك الزكية وينشرون المذهب، ويكسبون الجهلة والسذج لصفك، وليس بسيرتك العطرة وصفاتك الطيبة التي يبددونها شذرا مذرا. سيدي إنهم بلا حياء حيث يصورون بوقاحة حيوانات تشارك في عزائك منها أسد ضرغام يبكيك ويلطم على رأسه، ويهيل التراب على رأسه ولحيته! والحمد له انه لم يرتدي جلبابا وإلا لكان مزقه وشق زيقه.

هل تعلم سيدي بأن اتباعك يكرهون اخويك وأقرب الناس إليك في الفاجعة ممن قتلوا معك لأن إسمائهم غير مستحبة رغم حب الرسول وحبكم لهم لذلك تسميتم بها؟ فهم يستبعدون الإشارة من بعيد أو قريب ل(عمر بن علي وابو بكر بن علي بن ابي طالب وعثمان بن علي بن ابي طالب وابو بكر بن الحسين بن علي وعمر بن الحسين بن علي وعثمان بن الحسين بن علي وابو بكر بن الحسن بن علي وعمر بن الحسن بن علي), ويستبعدونهم تماما عند الحديث عن المحنة الكبرى. بل يمقتون هذه الأسماء ويلعنونها بكرة وأصيلا. ويلعنون أقرب الصحابة لجدك! وكل من لايعترف بالإمامة - وليس بالله ورسله- يعدونه كافرا. يقول المجلسي هو من كبار مراجعهم وأوثقها" اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده وفضل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار"(بحار الأنوار 23/390).

هل تعلم سيدي! بإنهم يخفون الحقائق كزواج زينب بنت أخيك الحسن من الوليد بن عبد الملك، وكذلك زواجه من نفيسة بنت الإمام زيد بن الحسن، وأمور كثيرة لأنها تقرب بين المسلمين، وتعكس الألفة والأخاء بينكم وبقية الخلفاء والأصحاب. وهم  يلعنون المروانيين رغم إنك والحسن صليتما خلف مروان بن الحكم؟ فهل يجوز الصلاة خلف ملعون؟ أم هي التقية؟ وعلامك لم تستخدمها بعد أن إنقلب عليك أتباعك وبان الخط الأبيض من الأسود؟

هل تعلم سيدي! بأنهم يدعون بأن لديكم كتاباً يسمى (ديوان الشيعة) فيه أسماء الشيعة إلى يوم القيامة من ولد ولم يلد بعد! فمن أراد أن يعرف هل هو من أهل الجنة أو أهل النار فيمكنه أن يسأل الإمام عن نفسه فإن وجده الإمام في الديوان فهو من شيعة أهل البيت ومن أهل الجنة وإن لم يجده فمعنى هذا أنه على ملة الإسلام أصلاً (بحار الأنوار 26/121). وإن وفي عهدتكم وصيتك (وصية الحسين) فيها كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة(أصول الكافي 1/304) وإن لديكم كتاب الجفر وفيه علم ماكان وما سيكون.

سيدي إن كان عندكم كل هذا العلم فلماذا تخفونه عن المسلمين لينتفعوا به وينفعوا البشرية ويساهموا في تطوير العلوم الفنون، أو على الأقل ليتباهوا به بين الأمم؟ كما تفعل بقية الاقوام حتى الوثنيين منهم في اليابان والصين وغيرها؟ ثم ألا يتنافى هذا التستر عن المعارف والعلوم مع تعاليم الإسلام؟ هل تعلم سيدي إن معظم العلماء الآن من النصارى واليهود والوثيين! هل يرضيكم هذا؟

إن صح ما يدعون سيدي من جفركم! فهذا يعني إنكم آل البيت مسئولون عن فشل وتخلف وخيبات المسلمين كافة! لأنكم حرمتوتهم من سلاح العلم والمعرفة وآثرتم إخفائها عنهم دون مبرر!

من جهة أخرى فإن جفركم المزعوم يدخلنا في دوامات فلسفية معقدة لا مخرج منها. قد عرفنا إن لديكم كل هذه المعارف ولاتبوحون بها. حسنا! لنترك علوم الطب والهندسة والحساب والفلك وغيرها ونتحدث عن علوم الدين فقط. فهي مسئوليتكم قبل غيركم لأنكم آل البيت المطهرين والمحافظين على الدين. فأين سيدي فقهك وعلمك بعلوم القرأن والحديث؟ فهذا إبن عباس (رض) قد جمع فقهه في عشرين كتاباً، وبلغ حديثه نحو ذلك إذا تقصى. في حين لا تبلغ فتياك مع الإمام الحسن ورقتين! ولم يتجاوز حديثكما سوى ورقة أو ورقتين! وكذلك الأمر بالنسبة لإبنك على بن الحسين رضوان الله عليكم جميعا.

معذرة سيدي من هذه الصراحة ففي حضرتك ومع مقامك المهيب لايجوز الكذب والرياء والتزلف. ولكونك فارس مغوار وتعرف معنى الشجاعة والرجولة، فإنك بلا شك تحب من يكاشفك الحقائق ولايتصنع بحجة التقية أو غيرها. فقد علمتنا أن لانخاف إلا من الله جلً جلاله. وسنكون سيدي عند حسن ظنك. والله أعرف ما في القلوب. ولنا وقفة في محطة قادمة.