عائلة الأسير نزيه أبو عون.. اشتاقت للفرح

عائلة الأسير نزيه أبو عون..

اشتاقت للفرح

ثامر سباعنة

سجن مجدو  -  فلسطين

[email protected]

أن تكون عائلة فلسطينية قد يعني ذلك أن تقدم التضحية بعد التضحية ، أو أن تفقد أحد أفراد هذه الأسرة بين شهيد أو أسير ، فقد فرض الاحتلال الإسرائيلي على عائلاتنا الفلسطينية  أن تودع كل يوم حبيباً ، إما شهيداً إلى الجنة و إما أسيراً في سجونهم ، بل إن هنالك من العائلات الفلسطينية التي جادت وقدمت أكثر من شهيد وأسير من نفس العائلة.

عائلتنا اليوم عائلة مضحية ثابتة ، عاشت معظم وقتها دون الأب الذي غيّبته السجون ، فقضت العيد بعد العيد محرومة من اكتمال الفرحة بوجود الأب الحنون العطوف ، ولم يتوقف ظلم وهمجية الاحتلال عند اعتقال الوالد إنما طال الاعتقال والأسر الابن أيضاً ، عائلتنا اليوم هي عائلة الأسير نزيه أبو عون من بلدة جبع في منطقة جنين ، الذي قضى من سنين عمره الخمسين أكثر من أربعة عشر عاماً في سجون الاحتلال ، خاض أقسى جولات التحقيق مع آسريه ، رجل بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني الصمود والصبر والإصرار والتحدي ، اعتقل سبع مرات عند المحتل لكن ذلك لم يضعف عزيمته وبقيت ابتسامته الرائعة لا تفارق وجهه رغم كل الألم الذي يحيط به ، أمضى أكثر من 28 عيداً بعيداً عن عائلته وأبنائه لكنه مع ذلك كان يدخل الفرحة والسرور إلى قلوب كل إخوانه الأسرى حوله متناسياً وجع القيد وراسماً لإخوانه ذلك القدوة الذي يقتدى به بالصبر والاحتساب .

تقول ابنة الأسير نزيه أبو عون في وصف أيامهم بدون الوالد  : ( عيد بأي حال عدت يا عيد ، جملة قد مللنا تكرارها ، فهذا ليس العيد الأول الذي نعيشه بغياب الوالد الحاني الذي يقبع خلف قضبان السجون ، ولكنه هذه المرة بلون آخر ، نعم فاعتقال شقيقي وزوجي زاده مرارة ، آه كم كنت أتمنى أن ترى ابنتي جنى ابنة الأربعة شهور والدها وجدّها اللذين إلى الآن لم يرياها وأختي التي لم يستطع أبي أن يشاركها فرحة نجاحها بالثانوية ، نعم مذ كنا صغاراً إلى أن كبرنا ومنا من تزوج ومن تخرج ومن عقد قرانه وتتوالى المناسبات (التي أغلبها في غياب الوالد فك الله أسره وأسرهم ولكن بحمد الله كان الله دائماً معنا ويرعانا فبحفظه وبعد ذلك رعاية الوالدة التي لم تنقصعلينا شيئاً وكانت بمثابة الأم والأب في حبها وحنانها الشكر لله على نعمته بالأهل والحمد لله لأنه ابتلانا )

ولم تقف المعاناة هنا بل امتدت لتصل إلى اعتقال الابن إسلام ، الطالب في الدراسات العليا في جامعة النجاح والكاتب والباحث و الذي رغم صغر سنه إلا أنه ذو شخصية تملك أروع السمات من الكلمة الصادقة والعاطفة الجياشة والقلم المبدع وروح الدعابة ، رجل من الأخلاق الطيبة وحب الآخرين وصدق المشاعر.

عائلة الاسير نزيه ابو عون عائلة مرابطة مغروسة تضرب جذورها في عمق الزمن فيها كبرت الآمال وكبرت معهم قصص البطولة والتضحية والفداء ، نوع نادر من العائلات التي لم تبهرهم الأضواء والمناصب انما كانت عائلة قوية ثابته على الحق رغم مرارة الالم وظلم السجان .