لا تثقوا بالولايات المتحدة

لا تثقوا بالولايات المتحدة

هل تعرفون عاصمة دولة داعش الإرهابية ؟

د. حسين سرمك حسن

تحدّثتُ في مقالات سابقة (راجع سلسلة مقالاتي عن داعش وتطبيق التعاليم التوراتية) عن القاعدة الذهبيّة في تقعيد "نظريّة المؤامرة - Conspiracy Theory" على أسس منطقيّة من خلال ليس البحث عن المنفذ فقط ، بل – وهذا هو الأهم – عن "المُستفيد" ايضاً الذي سيظهر أنّه أمريكي أو صهيوني في أغلب ما يصيب أوطاننا من خراب . هذه القاعد ذهبيّة يجب أن نتمسّك بها ، لأنّ الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها يحاولون بطريقة الحرب النفسيّة تثبيت ظاهرة تخويفيّة تمسّ شخصيّة وعقلية من يتحدث من الكتّاب العرب عن وجود "نظريّة مؤامرة" على العرب والعراقيين خصوصاً والعالم الإسلامي عموماً ، بشنّ حملة إعلاميّة شرسة تبغي ترسيخ "حقيقة" مفادها أن من يتحدّث عن وجود نظرية مؤامرة هو شخص "بارانوي - Paranoid" ذو عقلية مريضة مُصابة بالشك والشعور بالإضطهاد ، وأنّ من يفتّش عن الأسباب في نفسه أو في دينه أو في الظاهرة المطروحة فقط (وأؤكّد : فقط) ، هو الشخص العلمي المُتحضّر والمتطوّر والذي يتمتع بعقلية موضوعية . أنا أقول – وعلى أسس علميّة كما سنرى في هذه السلسلة من المقالات إنّ نظرية المؤامرة نظرية حقيقية وموضوعية لأنّها توصلك إلى عدوّك الحقيقي ومصدر كل خراب واجَهْتَه وهو الولايات المتحدة وحلفاؤها ، نعم الولايات المتحدة على المستوى المحلّي والعربي والإسلامي .. وكذلك على مستوى العالم خصوصاً العالم الثالث .. فكونوا معنا .

هل تعرفون ما هي عاصمة دولة داعش "الإسلامية" الإرهابية ؟

على الرغم من متابعتنا لما تقوم به حركة داعش الإرهابية من أعمال على مدى سنوات ، فلم يكن متداولاً باستمرار إسم المدينة التي تمثّل عاصمة دولة داعش الإسلامية ، من منطلق أنّها ليست دولة حقيقيّة معترف بها على الأرض تزورها الوفود الدوليّة التي تحطّ في مطارات العاصمة لتلتقي بالرئيس أو الخليفة ( "السيّدد  البغدادي – Mister Baghdadi" كما وصفه السناتور المتآمر "جون مكين" وستكون لنا وقفة معه) . حتى في أخبار الجهات المناصرة لداعش لا تستخدم اسم عاصمتها .

لكن من هي الجهة التي تُذكّر بعاصمة الخلافة بين وقت وآخر ؟

إنّها قناة سي أن أن – CNN الأمريكيّة .

لماذا ؟

لكي تعزّز هذا الإسم في أذهان الناس كعاصمة لدولة لها حضور مادّي جغرافي خطط له الأمريكان والصهاينة والأعراب ليمزّق وجود دولتين عربيّتين موجودتين منذ آلاف السنين هما العراق وسورية ، ولإعداد العقل والنفس العربية لاستقبال كيان آخر أنشىء بنفس الطريقة وحسب الوصايا التوراتية هو الكيان الصهيوني اللقيط .

السي أن أن توصف بأنّها القناة الأكثر مهنيّة إعلامياً في العالم ! هذا ما تروّجه الولايات المتحدة والمؤسسات الإعلامية الغربيّة ، والمشكلة أنّ الكثير من الإعلاميين العرب يستقبلون هذه "الحقيقة" بلا نقاش ، كما أنّ أغلب السياسيين العرب لا ينامون قبل أن يقرأوا خلاصة أخبار السي أن أن ويبنون سياساتهم عليها !

في حين أنّ هذه القناة هي الأخبث والأكثر انحيازاً وكذباً مدروسا ًوعلميّاً متحضّراً . نعم هناك كذب متحضّر وعلمي ومدروس هو الكذب الذرائعي الأمريكي الذي يقوم به خصوصاً المسؤولون الأمريكيون ، وهم في السلطة ، ثم يندمون ويعترفون به بعد خروجهم من المنصب ، ولكن بعد أن يمرّ المخطط المقصود ويدمّروا شعباً من االشعوب ، والشواهد على ذلك لا تُحصى . أليست السي أن أن هي التي فبركت خدعة الطيور المسكينة التي سوف تقتلها بقعة النفط المتسرب في حرب الخليج ، وأبكت العالم على الطيور المختنقة ؟ . ثم ماذا ظهر ؟ ظهر أنّ هذه الطيور غير موجودة في المنطقة وأن المشاهد مُفبركة !

ثم هاكم أفظع وأوضح شاهد على انحياز هذه القناة ولا مهنيّتها : خلال حرب غزّة الصابرة المظلومة الأخيرة . لقد تابعت هذه القناة المنحازة التي تعرف عاصمة دولة داعش الإرهابية أياماً واسابيع طويلة ، ولم اشاهد أي خبر عن حرب غزة .. لم تذكر اي شيء عن حرب غزة واكتفت بالصمت المطلق ، والعالم بأكمله مشغول بجحيم هذا العدوان الصهيوني الذي قتل أكثر من ألفي شهيد (بينهم أكثر من 500 طفل والس أن أن محبّة للأطفال) وعشرة آلاف جريح (بينهم 3000 طفل والأمريكان يحبّون الأطفال فأحرقوا أكثر من 800 طفل عراقي في ملجأ العامرية) ودمّر أكثر من 17000 منزل ، اكتفت السي أن أن بالصمت ، وهي التي تتشدّق بأنها صاحبة السبق والموضوعيّة . ولهذا علينا أن نشكّ بها كأداة أمريكية رأسمالية ، قبل أن نثق ، خصوصا في ما يتعلّق بقضايانا كعراقيين وعرب ومسلمين.