اليوم تحرير الأسري، وغداً تحرير فلسطين

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

[email protected]

التهنئة كل التهنئة للأسري المحررين، والأسيرات المحررات، والذين ينتظرون بعد شهرين.

التبريكات كل التبريكات لعائلات وذوي الأسري الذين ارتسمت علي وجههم البسمات، وغمرت قلوبهم الإفراح وهم يحتضون أسراهم، وأسيراتهم بعد التحرير، وطول غياب.

والأمنيات كل الأمنيات بسرعة تحرير من بقي في معتقلات الإحتلال الصهيوني، وتبييضها منهم، وعلي رأسهم المناضلين الكبار: "مروان البرغوثي"، و"أحمد سعدات" وغيرهم. لقد كنا في أشد  الشوق لرؤيتهم محررين، عائدين لذويهم، يواصلون نضالهم من أجل تحرير فلسطين. لكن هم الأدري بهذا العدو الصهيوني المراوغ. فالصبر الصبر، والعزيمة العزيمة، والنضال النضال، فالتحرير قادم لكل فلسطين، ولكم، وإن طال.

لن ننسي أسرانا مهما طال الزمن.

أسرانا علي حق في جهادهم ونضالهم وكفاحهم، وأسراهم علي باطل في إحتلالهم وغزوهم وقتلهم وتدميرهم.

لسنا باقل منهم في بذل الغالي والنفيس من أجل عودة أسرانا إلي بيوتهم.. أعزاء مكرمين.

لسنا باقل من رئيس طغاتهم الصهيوني، الذي خرج ـ الثلاثاء 18 أكتوبر، بعيد بداية إتمام الصفقةـ يتباكي علي "ألم إتمامها"، و"معاناته في حسم الأمر" كي يعود أسيرهم "شاليط" لأهله، ولا يلقي مصير الـ"رون أراد" منذ مايقرب من ربع قرن". وكعادتهم ـ وهم المحتلون الغاصبون للأرض، شذاذ الأفاق ـ يزرفون دموع التماسيح خوفا "مما يحيطهم بهم من أعداء يتربصون بهم لأسر المزيد من مرتزقتهم" (كهذا الشاليط الذي يحمل الجنسية الفرنسية).

صفقة ناجحة، رابحة

لاشك انها صفقة ناجحة، بكل المقاييس، مهما زايد المزايدون، أو تنطع المتنطعون، وكابر المكابرون، وبكي المتباكون، وذرفت دموع التماسيح من رموز الإحتلال الصهيوني.

لاشك صفقة رابحة، إذ أذعن الإحتلال الصهيوني، بعد طول مماطلة ومراوغة، لشروط إتمامها.

لاشك صفقة رابحة فبموجبها سيتم إطلاق 1027 أسيرًا وأسيرة فلسطينيًّة من كافة المناطق، من الداخل والضفة وغزة والجولان السوري المحتل. منهم عدد من ذوي المحكوميات العالية.

لاشك أنها صفقة ناجحة، إذ بعد سنوات خمس سنوات (منذ 25 يونيو 2006) فشلوا بقضهم وقضيضهم وعدوانهم علي غزة في استعادة "جلعاد" من الأسر. لقد كانت ، ومازالت، عملية أسره من أكثر العمليات الفدائية الفلسطينية تعقيدًا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية. حيث تمكن المقاتلون الفلسطينيون من اقتياد الجندي الصهيوني إلى عمق القطاع بسرعة فائقة على الرغم من التعزيزات الجوية "الإسرائيلية" الفورية في الأجواء، وخصوصًا في سماء مدينة رفح قرب مكان تنفيذ الهجوم.

لاشك صفقة رابحة.. تثبت "توزان الرعب/ جس النبض"حخلال فترة إنتقالية شهرين لتتم المرحلة الثانية من تحرير الأسري. فمهما قلل المنبطحون، وعجز العاجزون، وتخاذا المتخاذلون، واستسلم المستسلمون.. مازال الكيان الصهيوني يخشي الصواريخ والعلميات الجهادية والفدائية الفلسطينية، وبخاصة المنطلقة من قطاع غزة. وسيظل يعيش، كونه المحتل الغاصب ـ في رعب وقلق وهلع، لا يكشفه عنهم إلا رحليهم عن أراضينا المحتلة وتحرير التراب الفلطسيني من دنسه. ـ وهو يبقي هذه الفترة ـ بمكره ومرووغته المعهودةـ "حزاماً زمنياُ واقياً له"، مما يخشاه. ويبقي الأمل معقوداً علي التشاور والتنسيق بين كافة اطياف العمل الفلسطيني في غزة، حتي يتم" ضبط النفس" وتنقضبيهذه المدة وتكتمل بنجاح المرحلة الثانية من الصفقة، دون تعلل الكيان الصهيوني المحتل باي ذريعة، وما أكثر إختلاقه الذرائع والتعلات.

التهنئة والشكر لأهالي وعوائل الأسري، وصبرهم وتحملهم وحملهم لهموم قضية الأسري، كي تبقي حية نابضة.

والتهنئة والشكر لكل فصائل العمل الفلسطيني، المسلح والسياسي، الإسلامي والوطني والقومي. التهنئة والشكر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة الجهاد وسراياها، وسرايا اللجان الشعبية، والجبهة الشعبية والديموقراطية، وسراياهما، وحركة فتح وذراعها المسلح، الخ.

والشكر موصول لجهاز المخابرات المصرية تحت إشراف الوزير "مراد موافي" رئيس الجهاز لجهوده خلال عملية التفاوض، ولإشرافه، ومتابعته، وأستنفار الجهاز لتأمين الوصول، وإتمام المرحلة الأولي من عملية الإفراج والتبادل. وعلي أمل أتمام المرحلة الثانية بعد شهرين، دون مشاكل. كذلك الأمل معقود علي تحرير 85 اسيراً مصرياً من  سجون الإحتلال الصهيوني ضمن صفقة مرتقبة بخصوص الجاسوس الصهيوني الأمريكي الأخير" إيلان جبرائيل". وذلك بعد أن يأخذ القضاء والقانون المصري مجراه في هذا الشأن.

 

والشكر كل الشكر للربيع العربي، الذي غير ملامح المنطقة العربية فأزال أنظمة ـ وأخري تنتظرـ كانت "عوناً أستراتيجيا للكيان الصهيوني". مما سبب في أعادة حسابات الكثيرين، منهم الحلف الصهيوأمريكي.

والشكر كل الشكر للربيع العربي، وشهداؤه الذين رووه بدمائهم. الربيع الذي بدأ في تونس، مع"محمد البوعزيزي"، مروراً "بليبيا.. عمر المختار"، فمصر "أم الدنيا، وميدان التحرير كل تحرير، وحاضنة قضايا العرب والمسلمين وفي لبها فلسطين"، فاليمن "الذي سيعود سعيداً رغم أنف الكارهين"، فسوريا "العزة والشموخ، وشعبها الشقيق الذي يموت ولا يُذل، ومجلسها الوطني الإنتقالي، وأحرار جيشها الشهم الأبي".

خطوة هامة علي طريق التحرير

وكما لم ولن ننسي أسرانا فس سجون الإحتلال، لم ولن ننسي فلسطين والقدس، وأرضنا المحتلة، ومقدساتنا الاسلامية والمسيحية. وكما تم ـ اليوم ـ إتمام المرحلة الأولي من تحرير الأسري سيتم غداً تحرير فلسطين، كل فلسطين. وكما عادوا لأسرهم وديارهم، سيعود كل اللاجئين والمبعدين والمنفيين، وإن غدا لناظره قريب.