شكراً أحمد حسون.. شكراً بوطي

قبل ظهور الدجال أحمد حسون لم يكن أحد يؤمن أن هناك مشايخ منافقون . كان بعض "الدعاة" يتصدى بكل ما آتاه الله من بلاغة اللسان لكل من تحدثه نفسه عن وجود مشايخ دجالين . ولكن ظهرت الحقيقة للجميع بعد اشتهار أحمد حسون كشيخ وداعية وعالم ومفتي وإمام للصالحين عقمت أرحام النساء أن تجود بمثله .

إسمان لامعان في سوريا اليوم .. البوطي وأحمد حسون .. كان البوطي في يوم من الأيام داعية فاضلاً بنظر جمهوره الواسع، كما كان حال الممثل المسرحي دريد لحام صاحب المسرحيات الوطنية الحماسية التي كانت تتبنى قضية الشعب والأمة والذي خيب بدوره ظنون المعجبين. نال البوطي إعجاب دراويش الحي باعتبار أنه فقيه وبليغ وصاحب مؤلفات كثيرة تباع في كثير من المكتبات . كانت لحيته الخفيفة الشائبة تسحر ببياضها أعين الناظرين ، إذ لم يكن في البلد وقتئذ من ينافس البوطي بالظهور على شاشات التلفاز ومزاحمة صفحات المجلات. كنت إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإذا سمعت أصواتهم يراودك شعور بالاطمئنان فتهدأ الأعصاب وتتخدر العقول بأفيون أحاديثهم .

كانت جماعات "الصحوة الإسلامية" تروج للشخصيات الإسلامية الشهيرة التي لم تتعرض يوماً للسجن أو الملاحقة الأمنية ، بينما كان صغار الدعاة الناشئين ينالون الويلات في جحيم الزنازين بتهمة انتمائهم لجماعة إسلامية محظورة رسمياً متهمة بالإرهاب !

بدأت الثورة السورية المنادية بإطاحة النظام الفاسد، وبدأت أفاعي المشيخة بالفحيح ، وأصيب رجالات "الصحوة الإسلامية" بالصدمة من مواقف البوطي ، فقد أدركوا أخيراً أنهم كانوا دعاة غفلة من حيث لا يشعرون .

سقطت ورقة المشيخة عن البوطي .. بينما ارتفعت قناعة الجماهير بوجود نماذج كثيرة تركب موجة المشيخة والدعوة والفكر الإسلامي وتمتهن فن الخداع والتمثيل ، ليتبين في مرحلة من المراحل أنها كانت تضحك على ذقون مريديها في لحظة كانوا ينالون من جمهورهم كلمات الثناء والدعوات بالبركة وطول العمر .

شكراً بوطي .. شكراً حسون ، فلولاكما لكنا في غفلة عن حقيقة آخرين كنا نظن فيهم خيراً كما كنا نظن بكما . فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين ، وبفضلكما لن تعطي جماهير الأمة ثقتها بالدعاة الرسميين أو مشايخ الفضائيات أو المفكرين الدجالين الذين كثر كلامهم وقلّ عملهم ، هؤلاء "المفكرون" الذين يظنون أنفسهم أنهم وحدهم من دون سائر البشر من وهبهم الله عقلاً للتفكير أو لساناً للكلام أو قلماً للكتابة والتأليف .

ماذا استفادت شعوب المسلمين المضطهدة من مقالات المفكرين أصحاب البدلات الرسمية وربطات العنق؟ وهل استطاعت أقلامهم أن تحرر أسيراً مسلماً أو تدافع عن حقوق المظلومين؟ إلى متى ونحن نشاهد دماء المسلمين تسيل في شوارع مدننا في وقت نشاهد فيه وجوه هؤلاء الدجالين وهم يحدثوننا على الفضائيات والمنابر بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يشفي القلوب أو يثلج الصدور؟

سيسقط نظام الطاغية وتدوسه أقدام الأحرار.. لكن رجائي من الثوار الأبطال ألا يسمحوا لأشباه المشايخ وأنصاف المفكرين بسرقة ثمار ثورتهم وتضحياتهم، فالذي بذل الدماء والأرواح من أجل الحرية ونيل الكرامة ، ليس كمن خرج على الفضائيات في بث تلفزيوني حي لمؤتمر أو ندوة يظهر فيها وكأنه قائد الثورة أو صلاح الدين الجديد . تحية للشباب المجاهد ، ولا نامت أعين الجبناء .