وتحسبهم أيقاظا

شاكر الجبوري

[email protected]

يصر السياسيون في العراق على اجهاض أي فرصة للتفاؤل، من خلال حشر المجتمع في زاوية من خلافات ما أنزل الله بها من سلطان لو أنهم وضعوا مصلحة العراق وأهله على رأس الأولويات، بدلا من ممارسة المزيد من الضغط النفسي على خلفية علاقات شخصية وحزبية ولدت مريضة  ومأزومة جدا، بعد أن اختزلوا المشكلة بمزاج شخصي لم ينضج على أسس وطنية على الاطلاق، حيث بات الصراع على الكرسي التنفيذي أهم بكثير من تقديم الخدمات لمواطنين، وكأن مستقبل العراق بأت محصورا بين شخصتين أو ثلاثة، فيما الصحيح أن يجلسوا مع بعض لا التفرج على هموم البلاد من ثقب الباب.

وضمن منعطف خطير كهذا لا يجوز السكوت على جدلية شخصنة الحدث العراقي، والعودة به الى المربع الأول بخطوات احادية الجانب، بل هي متقاطعة مع بعضها البعض، لذلك تتجه الأوضاع نحو المزيد من الاحتقان، يقابلها عدم التزام واضح بالتوجيهات الحكومية المركزية، بدليل أن الجميع يجتهد ويبدي رأيه بكل ما يحدث ، من أسباب وفاة دجاجة في البصرة، الى كيفية حسم الصراع النووي في العالم، لذلك يستمر التخبط، " ويضيع رأس الشليلة".

وبعد أن انتهى الاختبار الحكومي ولم يحصل منه الشعب على أي شيء، كون المسؤول لم يعرف حدود واجباته وصلاحياته، فليس مستغربا أن يتحفنا مسؤول بتصريح يقول فيه " أطالب بوضع حلول لهذه المشكلة"، وكأنه يجهل الصلاحيات، أو ينتظر من غيره تنفيذ مهامه، فيما الصحيح أن يأمر هذا المسؤول بحل المشكلة ومعالجة غيرها ضمن سقف زمني محدد، ومع ذلك لم نسمع عن تنبيه أو اقالة لأن التوافقات والمحاصصات أثقلت العراق وأهله بهموم اضافية، لا يمكن حسمها الا بالانتقال سريعا الى المشروع الوطني، وتحمل المسؤولية لا الرمي بها على فريق دون غيره، وكأننا في لعبة" المحيبس".

ونحن في هذا المقام نتسائل عن اسباب بقاء الخلل بل تحويله الى أمر واقع، لا يجوز معه التعامل بجدية مع الأحداث ذات الصلة بسيادة الوطن وكرامة شعبه، ايران تقصف وتهجر أهلنا في شمال الوطن، ولا أحد يرفع بوجهها أي كارت، أو تصريح مباشر وواضح، الكويت تصعد لهجتها والعراق يشكل لجنة لتقصي الحقائق، وكأن القضية تخص مشكلة مع الصومال وليس جهدا مركبا ومباشرا لايذاء العراق.

لقد بلغ السيل الزبي كما يقولون، بعد أن باتت مصلحة الوطن متأخرة جدا في حسابات السياسيين على مختلف مشاربهم، فالكل منشغل بهيبة المنصب وامتيازاته، رغم أن هذا الأخير لا قيمة له اذا لم يستمد شرعيته من رضا الشعب، لذلك يختلط بالنابل في العراق، مواطنون ينتظرون حلولا وعملية سياسية اختزلت نفسها وعناصرها بلعبة توزيع كعكة المسؤوليات التنفيذية.

وهناك من يسأل كيف الخروج من هذا النفق، الذي لم يقتصر أذاه على المواطن بل طال سمعة البلاد والعباد على حد سواء، حيث العلاقات الخارجية محكومة بوجهات نظر متقاطعة، وكأن البعض يريد تصفية حساباته السياسية مع الأخر، حنى لو كان ثمن ذلك الاساءة لوحدة العراق وكرامة شعبه، انها مفارقة مؤلمة للغاية يقابلها اهمال متعمد لكل آهات المواطنين، ما يجعل من التغيير ضرورة ملحة، لا يجوز اغفالها، حتى لو قصمت ظهر تحالفات وتوافقات، فليس هناك ما هو أسمى من الاجتهاد كثيرا في خدمة العراقيين وصيانة حقوقهم، لكي لا يتمدد علينا من هب ودب بالاستفادة من خلافات داخلية لا ترقى الى مصلحة الوطن وأهله، وهي محنة كبيرة السكوت عليها خنجر في ظهر كل ما سمعناه من رغبة في تغيير واقع الحال، المريض أصلا.

من حق علاوي والمالكي والنجيفي وغيرهم الاختلاف فيما بينهم على الأجندة السياسية، والأولويات الحزبية، لكن من غير المقبول اطلاقا عدم التفاهم بينهم على كيفية الالتقاء في منتصف الطريق لارسال اشارة أطمئنان لشعب أختارهم من أجل الانجاز الوطني، لا الاختلاف على كل التفاصيل، وكأنهم ليسوا شركاء في عملية سياسية يقولون أنها قدر العراق الجديد.