شباب الثورة تعلو هاماتهم وأحزاب المعارضة في رمقها الأخير

شباب الثورة تعلو هاماتهم

وأحزاب المعارضة في رمقها الأخير

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

كانت وصيتي لكم ياشعبي السوري الثائر البارحة :

 إن أي مؤتمر يعقد اعتبروه في صحراء قاحلة لازرع فيها ولا ماء ولا شجر

وكان بودي أن اكتب اليوم موضوعاً آخر ولكن أجبرني على الكتابة اليوم هذا الموضوع والمهم جداً , ألا وهو :

إفشال بث الفرقة بينكم وأخذ الكثيرون يتحدثون بعصبية , وردود أفعال إن استمريتم فيها فستكون عواقبها وخيمة على الثورة

ماحصل اليوم في مؤتمر الإنقاذ الوطني في اسطنبول وانسحاب الأحزاب الكردية من المؤتمر , لسبب يعتبروه مهم جداً لهم ألا وهو : التسمية المقترحة من قبلهم لسورية وإلغاء كلمة العربية منها لتكون الجمهورية السورية بدلاً من الجمهورية العربية السورية , أي إلغاء كلمة العربية

قبل مناقشة حذف أو إبقاء هذه الكلمة  لابد لنا من أن ننظر إلى الموضوع بشقين :

الشق الأول :إن غالبية الأحزاب الكردية الموجودة على الساحة السورية والموجودة في الخارج أيضاً , فالمتتبع لموقف هذه الأحزاب من الثورة السورية , يلاحظ أن  موقفها هلامي جداً , فهي لم تكن مع الثورة وتميل مع النظام بوجهة نظر مفادها , الخوف من المجهول , وقد يكون النظام الحالي أفضل لهذه الأحزاب  من النظام القادم ونجاح الثورة , أمام هذا الموقف المتخاذل من هذه الأحزاب تأخرت انتفاضة الأكراد في سورية وبدأت تراقب الوضع وإن شارك بعض الشباب , فكانت مشاركاتهم رمزية , الشباب الكردي الوطني عندما لاحظ موقف هذه الآحزاب المتخاذل  نستطيع القول هنا , علينا أن ننظر إلى الشق الثاني.

الشق الثاني : تمثل في الشباب الكردي الثائر والذي تبرأ من هذه الأحزاب المتهالكة والتي شاخت وهرمت , ووقف مع جانب المنتفضين من إخوانهم العرب , واختلطت دماء شهداء الطرفين الطاهرة مع بعضها , وذهبت بإذن الله لجنات عرضها كعرض السموات والأرض

هؤلاء الفتية الثائرون وجدوا أنفسهم في حراك ضيق من كثرة الموانع أمامهم وسيطرة الأحزاب الكردية على الساحة, ولكن بفضل اصرارهم وثباتهم على الحق , وأنهم جزء من هذا الوطن لهم ماللجميع وعليهم ماعلى الجميع , وبفضل إصرارهم هذا , وجدت هذه الأحزاب أن الثورة القادمة ستطيح بكياناتها فوقفت موقف المداهن خطوة مع الثوار وخطوة مع النظام , ولكي تثبت وجودها على الساحة , حاولت أن تدغدغ عواطف الشباب الثائر , في أنهم أشد الحرص على حقوق الأكراد , فافتعلوا هذه المسرحية الممجوجة في مؤتمر اسطنبول . ويؤكد وجهة النظر هذه استمرار شباب من الكرد في المؤتمر

نعود لمناقشة كلمة العربية في اسم الجمهورية ونناقشها مناقشة حيادية وبدون تحيز لآي من وجهتا النظر تلك:

فلو فرضنا أن نسبة الأكراد والشركس والتركمان تعادل في سورية 25% من تعداد الشعب السوري , ونسبة العرب فيها هو ال75% , واتبعنا النهج الديمقراطي وعملنا استفتاء في سورية حول هذه التسمية حتى يتم وضعها في الدستور , فإن فاز الذين يريدون إزالتها فعلى الخاسر أن يتقبل النتيجة , والعكس أيضاً يعطي نفس النتيجة , فطرح الموضوع في هذا الوقت ليس له مبرراً إلا مبرر اللعبة  الباطنية لتفريق الصف وإفشال المؤتمر , والتفريق بين الشباب الثائر على أساس عرقي , والفائدة الوحيدة ستكون لصالح النظام , فهو سيستغلها في محورين , المحور الأول أن الثورة تريد تجزئة وتقسيم البلاد والدليل واضح أمامه , والثاني ضرب الثوار بعضهم ببعض

وهو ضد الكرد أنفسهم أيضاً

نعود للفظ كلمة العربية نأخذها من جانب آخر , فثقافة الشعب السوري هي العربية ولغته الرسمية العربية , وارتباطه بالمحيط العربي فهو جزؤ لايمكن فصله عن هذا المحيط  , وبالتالي هل تستطيع أي جهة حزبية أن تأخذ على عاتقها لتقدم هذا الضمان للآكراد بعد نجاح الثورة ؟ فلا توجد ولن توجد لاحاضراً ولا مستقبلاً , فالثورة السورية هي ثورة ضد الحكم الفردي والشمولي والحزب الواحد , وينادون بشعاراتهم وأهدافهم بالدولة المدنية , وتداول السلطة والوطن هو لكل السوريين , وليس لحزب أو فئة أو طائفة , وعلى هذا الأساس الثورة قائمة لتحقيق أهدافها في إعادة الوطن السليب , وصناعة الإنسان من جديد , وكل فئة عرقية أو طائفة عليها أن تشترك ببناء الوطن , فقد قرفنا عبادة الأشخاص , نحن نسير لبناء مجتمع لكل شخص له حرية الإختيار في التوجه الذي يفضله , لافي انضوائه تحت فكر أو حزب معين غصباً عنه نتيجة سياسة التسلط الحزبي والفئوي

لقد وعي شباب الكرد هذه الحقائق وظهر منهم الكثير رموا هذه الأحزاب وراء ظهورهم وبدأوا في إيجاد صيغة جديدة لتشارك في بناء وطن جديد كما تريده الثورة وتحلم في تحقيقه

ولقد قلتها مراراً وأكررها الآن , أن هذه الأحزاب القديمة وبتنوعاتها الكردية والعربية وغيرها هرمت كما هرم حزب البعث , فعلى الثائرون أن يعتمدوا على علمهم وثقافتهم , والحكمة ضالتهم , وما المانع في حال نجحت الثورة وستنجح بإذن الله تعالى قريباً , أن يتغنى الأكراد بلغتهم , ويحتفلوا بأعيادهم ويدرسوا لغتهم في مدنهم ذات الأغلية وحتى قد يصل الأمر لجعل اللغة الكردية رسمية في كل المدارس السورية تدرس فيها اللغة الكردية لجانب اختها العربية , فأولادنا وأحفادنا يتعلمون لغة زيادة على لغتهم الأم , فهل يوجد ضير في هذا؟

الأخوة الثوار نحن أمام مستقبل نصنعه بأيدينا , واعلموا أن بداخلكم طاقات كثيرة , دأب النظام على كبتها طيلة تلك العقود , ولكن دولتنا القادمة ستكون من صنع طاقاتكم الكامنة في وحدتكم جميعا , وعبروا عنها في الخير والبناء والمودة والعدل بين الجميع.