احذروا سلاح الفياغرا

د. جاسم العبودي

مُتعَب بن تَعبان لم يكن معروفاً بين فحول شياطين أو قرناء الشعراء والكتاب لحد هذه اللحظة.. جاءني البارحة ليسألني: هل يعرف العرب الفياغرا ؟ فقلت له: ألهذا أفسدت عليّ القيلولة ؟.. إذا كان نصف العرب يعرفونها.. أنت كلّك على بعضك لم يعرفك أحد! وصاحبك لو مات لم يعلم به أحد.. فقال: لا تتملل .. بس طوِّل بالك معي.. واسمع القصة للنهاية.. ثمّ أضاف: وحدة خاصة نحو 400 حارسة، لها وضع استثنائي داخل القوات الخاصة المكلفة بحمايته، يختارهن وفق معايير جنسية: العذرية، وعدم الزواج، والبنية القوية، والجمال، والقوام الفارع، والولاء المطلق له.. يسميها وحدة عائشة تيمناً باسم ابنته العانس عائشة.. ويطلق عليهن راهبات الثورة..

فقلت له: هذا يذكرني بمشهد جنسي غير سائغ لتفسير – في رواية- قوله تعالى: "إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون": (شغلهم افتضاض الأبكار أي العذارى) !!..

وفجأة أخرج جريدة الغارديان البريطانية ليوم الاثنين 27 يونيو/حزيران 2011 من جيبه، وبدأ يترجم لي مثلما يتكلم العرب في خليح (البصرة سابقاً، الفارسي حالياً !):

إن (القزافي) بعد أن اشتد (الهصار) عليه، بعد أن (وسَلَ) الثوار على مشارف (ترابلس).. لجأ إلى جانب راهبات الثورة، استخدامه في (هربه) جيشاً من النسوان لحمايتة ونظامه الآيل للإنهيار.. وأن أكثر من 500 (مُرَيّات) قد تطوعن لحمايته.. واحتفلت المجندات بالتخرج وهن يحملن (أسلحة ورشاشات)، ويطلقن (في الهوا رصاصات)، (وراقصات ومغنيات)، و(هاتفات: قَزّافِيات.. قَزّافِيات)، (عميد قوّاد عربيات) وملك ملوك (أفريكيات)..

فقلت مُدندناً مع نفسي:يا للخزي والعار من لغة ورجال!!.. "الأفندي يقول أنا مش حاكم، ولو كنت ريّس لرميت الإستقالة بوجوهكم".. عندئذ إلتفت إليّ مُتعَب بن تَعبان وقال: "أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا".. إسمع:

بعد يوم من الإتهامات التي وجهتها منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان لنظام القذافي باستخدام قنابل عنقودية ضد الثوار، كشفت صحيفة"صنداي تايمز" البريطانية عن فضيحة جديدة في هذا الصدد، ألا وهي "سلاح الفياغرا". ففي 17 أبريل 2011 نشرت الصحيفة تقريراً، أشار بوضوح إلى أن نظام القذافي يوزع عقاقير "الفياغرا" على جنوده، لمضاعفة عمليات اغتصاب النساء، في عدة مدن ليبية مثل مصراتة ورأس لانوف وأجدابيا.. وأكدت الصحيفة أن الفياغرا والإغتصاب من ضمن أسلحتة لعقاب الثوار.. ورصدت بالفعل حالات عديدة من عمليات الإغتصاب الجماعي..

كما أن لويس مورينو أوكامبو، المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية، قال في مايو 2011: "إن القذافى أعطى أوامر بممارسة عمليات اغتصاب جماعى، وشراء حاويات من الأدوية الجنسية لقواته لمهاجمة النساء، كجزء من أسلحته لقمع الإنتفاضة فى ليبيا"..

فقلت يا متعب يا بن تعبان.. لا أتعبك الرحمان.. وما علاقة راهبات الثورة و500 (مُرَيّات) من المجندات - كما تقول- بالفياغرا ؟!!..فأجاب:

ذكرت صحيفة «لاربوبليكا» الإيطالية- ثانى أكبر جريدة يومية فى إيطاليا (أن نظام القذافي درّب هؤلاء المجندات على الإغراء أكثر من تدريبهن على حمل السلاح.. بعد أن أُغرين على تعاطي حبوب الهلوسة "والفياغرا الخاصة بالنساء".. وأُمرن بتوزيع حبوب خاصة على الثوار الليبيين باسم الفياغرا Viagra مستوردة من الصين.. لإيهام الناس أنها مقوٍّ جنسي، ولكنها بالحقيقة تؤدي بمتعاطيها إلى الغثيان والنوم.. ومن ثم الوفاة)..

حقاً.. شعرت بغيبوية آنية لهول ما سمعت.. ووقعت في حيص بيص بعد أن توارى عنِّي صاحبي متعب بن تعبان.. ربما تقززا من الوضع.. واحترت كيف أنهي مقالتي..

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ).. ومن يعلم - وهو ما نتمناه - أن يكون مصير هلاك القذافي على يد هؤلاء النسوة، بعد أن يعدن إلى صف وحضن الشعب.. فيحجز لهن التاريخ صفحة بيضاء ناصعة بين الثوار.. ويتنفس العالم والليبيون الصعداء بسقوط ثالث ثلاثي الإستبداد والطغيان.. وتصبح ليبيا وسورية واليمن وكل بلاد العرب حرة أبية.. ويرسخون فينا: "نحن شعوب لا نستسلم ننتصر أو نموت".

ألا يكفي قرون نتسابق على تزويح بقرة السلطان ؟!.. نولد وتولد معنا جينات أنياب الشيطان.. وحب قهر المستضعفين وفينا الذل والهوان.. وفي دمنا يسري زيف الأديان.. نصلي كما يأمر السلطان.. نأكل من فتات مائدته ونعمل له حرز أمان.. اللهم (أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) للإنسان..

‏أودعناكم أغاتي.