مرسوم العفو الرئاسي رقم 61

محمد فاروق الإمام

خاص بالفاسدين والقتلة والمندسين

محمد فاروق الإمام

[email protected]

أجمع القانونيون على أن مرسوم العفو الرئاسي رقم 61 الهدف منه الحيلولة دون محاسبة أو معاقبة أو الإحالة إلى القضاء الشبيحة والمندسين ورجال الأمن الذين ارتكبوا فظائع يندى لها الجبين بحق الأطفال والشيوخ والنساء والمعوقين والمحتجين السوريين، وطي صفحة المناداة بالعدالة بحق من قتل أو تسبب في قتل أكثر من 1200 مواطن بينهم أكثر من ثلاثين طفلاً وعدد من النساء، وجرح ما يزيد على ثلاثة آلاف واختفاء المئات وتعذيب الآلاف في أقبية التحقيق داخل أجهزة الأمن، والذين أمروا وقادوا حصار المدن بالدبابات وارتكاب المجازر بحق أهلها ومنع الغذاء والماء والدواء والاتصالات عنها.

وأجمع الحقوقيون أن الهدف من هذا المرسوم هو إطلاق سراح الفاسدين وتجار السلاح والمخدرات والمرتشين والمجرمين وأصحاب السوابق ليكونوا عوناً للنظام في ملاحقة المنتفضين والتصدي للمتظاهرين ومراقبة تحركاتهم والتنصت على همساتهم والسعي لإفشال أي تجمع لهم.

لقد سوّق النظام السوري عبر هذا المرسوم دعواه بأنه يمهد لإجراء حوار مع المعارضين السوريين سواء من كانوا بالداخل أو المنفيين بالخارج، وروج أن هذا المرسوم يشمل في من يشمل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ودعواه هذه محض افتراء، فالمرسوم بما تضمن في مقدمته (أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم/61/لعام 2011 والقاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 31/5/2011)، ولم يشر المرسوم إلى سجناء الرأي أو المنفيين بموجب القانون (49/1980) الذي، كما جاء فيه، (يعتبر مجرماً ويعاقب بالإعدام كل منتسب لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين)، ولا يزال هذا القانون مفعّلاً ويُعمل به حتى الآن.

ولما كان سجناء الرأي أو المنفيين لأجل رأيهم أو المحكومين بالإعدام بموجب القانون 49/1980 ليسو ممن تنطبق عليهم عبارة (الجرائم المرتكبة) لأنهم لم يرتكبوا أي نوع من الجرائم التي نص عليها القانون السوري، وكل جريمتهم أنهم خالفوا النظام في الرأي، وقد كفل القانون السوري للمواطنين السوريين حرية الرأي وحرية التعبير وحق التظاهر، ومن يستحق المحاكمة والسجن ومراسيم العفو هم جوقة الحكم الذين خطفوا الوطن وجعلوا من أنفسهم أوصياء على الدولة والمجتمع بموجب المادة الثامنة من الدستور، والذين قدموا الحماية لرجال الأمن ومنعوا ملاحقتهم أو محاكمتهم على جرائمهم بموجب المادة (16) من الدستور، ونصبوا رئيساً غير شرعي للبلاد بعد ليّهم عنق الدستور وتغيير المادة (83) التي تخص السن القانونية لرئيس الجمهورية، فجعلوها من 40 سنة إلى 34 سنة لتتوافق وسن السيد بشار الأسد وقد عقمت نساء سورية من إنجاب رجل يستحق هذا المنصب، ووضعهم ثروات البلاد واقتصاده رهينة بيد حفنة من الفاسدين بزعامة رامي مخلوف ابن خال الرئيس الذي يمسك بكل اقتصاد الوطن ومشاريعه الاستثمارية والتجارية الحكومية منها والخاصة، ومجموعة المشرعين والمستشارين الفاسدين الذين أفسدوا المجتمع وأجهزة الدولة.

كان الشعب السوري ينتظر من بشار الأسد، الذي يسوق نفسه ويسوقه أعوانه وأبواقه على أنه الرجل المؤهل لقيادة الإصلاح، أن يوجد مناخاً صحياً يمهد للإصلاح من باب حسن النوايا، حتى يعيد الثقة المفقودة بين النظام والجماهير، والتي اعترف بفقدانها في كلمته التوجيهية لوزرائه.

أقول كان الشعب السوري ينتظر من بشار الأسد أن يقوم بواجب العزاء لذوي الضحايا الذين سقطوا على يد أجهزة أمنه وشبيحته، ويعلن عن ثلاثة أيام حداد على أرواحهم، ويقدم اعتذاراً لوجود الآلاف من أصحاب الرأي في السجون، واعتذاراً للمنفيين السياسيين المعارضين بغير وجه حق، ويأمر أجهزة نظامه بالإفراج الفوري عن سجناء الرأي ونشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني والمتظاهرين السلميين، ويأمر بتشكيل لجنة تحقيق تختص بالسجناء المفقودين(17 ألف مفقود) منذ العام 1980 لتسوية أوضاع أسرهم وذويهم سواء كانوا في عالم الأحياء أو الأموات، والتعويض بما يوازي حجم المصيبة ومحاسبة مرتكبي جريمة اختفائهم كل هذه السنين الطويلة، ويأمر أجهزة أمنه بطي ملف المنفيين وفتح أبواب الوطن لاستقبالهم موفوري الكرامة ومنتصبي القامة ليشاركوا في بناء سورية المستقبل على قدم المساواة مع كل أطياف النسيج السوري دون أية معايير ازدواجية أو انتقائية، ومحاسبة القتلة والمجرمين الذين تسببوا بقتل ما يزيد على 1200 مواطن، وجرح ما يزيد على ثلاثة آلاف آخرين، والكشف عن مصير المئات من المفقودين، والتعويض عن الممتلكات التي دمرت أو سرقت والتعويض على أسر الشهداء والجرحى والمفقودين، وقبل كل هذا سحب كل المظاهر المسلحة من كافة المدن والقرى السورية وفك الحصار عنها، وكف يد أجهزة الأمن والشبيحة عن ترويع الناس وتخويفهم وملاحقتهم.

الرئيس بشار الأسد وقد خانته الشجاعة لفعل ذلك، لم يعد يمتلك أي شرعية في بقائه في منصبه هذا، وعليه أن يرحل ويقدم استقالته اليوم قبل الغد، فهذا اليوم (يوم جمعة أطفال الحرية) يوم مفصلي في حياة سورية وعليه أن لا يفوت الفرصة وينجو ببدنه، لأن الثائرين في هذا اليوم سيرفعون من سقف مطالبهم، وستصدح حناجرهم بشعار (الشعب يريد محاكمة الرئيس).