بديع وشنودة والقرار التاريخي

ممدوح أحمد فؤاد حسين

[email protected]

كرد فعل للحملة الإعلامية المسعورة التي يشنها تحالف العلمانيين والملاحده والليبراليين والأرثوذكس ضد كل ما هو إسلامي، وكرد فعل لتدليل الدولة لغير المسلمين على حساب الأغلبية المسلمة خرجت الجماهير في سبتمبر 2011 إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية التي أطلق عليها شعبيا "غزوة الصناديق الكبرى" تيمنا بغزوة بدر الكبرى، ولم يكن مفاجأة أن يفشل تحالف العلمانيين في الحفاظ على نسبة الـ 22% التي حققها في "غزوة الصناديق الصغرى" المعروفة رسميا بالاستفتاء على التعديلات الدستورية فلم يحقق إلا 15% من الأصوات فيما تعاظمت قوة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية المتحالفة معها فحصدوا 85% من الأصوات.

وهنا جُن جنون تحالف المشتاقون إلى مبارك وصاحوا في صوت واحد: تغور الديمقراطية، ولم يجدوا بد من إشعال الفتن الطائفية للاستنجاد بالقوى الخارجية للقضاء على الديمقراطية تحت زعم حماية غير المسلمين.

واجتمعت دول الناتو بحضور بابا الفاتيكان للتحضير للتدخل العسكري في مصر حماية للأقلية المسيحية، إلا أن وزير الدفاع الأمريكي فاجئهم قائلا: إننا لا نستطيع غزو مصركما غزونا العراق.

فقاطعه البابا محتدا: لماذا؟

فأجابه: لأسباب كثيرة أهما سببين:

 الأول: إن نفقات غزو دولة كبيرة كمصر باهظة جدا، ولا يوجد فيها بترول يعوضنا عن هذه النفقات كما يوجد في العراق.

والثاني: التركيبة السكانية في مصر مختلفة، فالشعب العراقي ثلاث طوائف متناحرة، الشيعة والأكراد توهموا أن غزونا لبلادهم في صالحهم فلم يحاربونا، والسُنة فقط هم الذين حاربونا ورغم ذلك تكبدنا خسائر فادحة، أما في مصر فالأغلبية الكاسحة مسلمين سُنة، لذلك ستكون الخسائر أكثر فداحة.

هنا بُهت الجميع، ورضخ بابا الفاتيكان لاقتراح إرسال وفد رسمي للتشاور والتباحث وممارسة الضغوط.

وصل وفد الناتو إلى القاهرة ورفض مقابلة رئيس وزراء وزارة حزب الحرية والعدالة زاعما أنه مجرد دمية يتلقى التعليمات والأوامر من مكتب الإرشاد، وأصر على الاجتماع مع المرشد العام نفسه.

رحب بديع بالاجتماع مع وفد الناتو واشترط أن يتم الاجتماع في حضور البابا شنودة، الذي مانع في البداية مكتفيا بحضور سكرتيره الشخصي، إلا أن وفد الناتو لم يجد بد من أقناعه بالحضور.

شرح شنودة كيف يتعرض الأقباط للإضطهاد، ثم بدأ في سرد مطالبه في صيغة هي أقرب إلى الأوامر. أعضاء وفد الناتو يستمعون ويشيرون برؤوسهم بالموافقة، وبديع يستمع ويبتسم.

ما إن انتهى شنودة من كلامه حتى فاجئهم بديع قائلا: رغم إن أكثر من 90 % من المصريين مسلمين إلا أني لن أنظر في مطالب البابا من خلال الشريعة الإسلامية، بل سأحتكم للقوانين والأعراف الدولية، فما رأيكم؟.

فقالوا جميعا: لا يرفض الأحتكام للقوانين والأعراف الدولية إلا المتطرفيين.

وجه بديع كلامه لوفد الناتو: سأترك لكم الحكم على قراراتي في مطالب شنودة بشرط أن تلتزموا في ذلك بما يحدث في بلادكم من قوانين وأعراف.. فهل توافقون على ذلك؟.

فوافقوا وقالوا: أحسنت.

ألتفت بديع لشنودة وقال: تفضل في عرض طلباتك.

شنودة: أنتم لا تؤمنون بالديمقراطية، وقد ركبتم ثورة 25 يناير للوصول إلى السلطة، وستنقلبون على الديمقراطية تحت مزاعم شتى من أجل قيام دولتكم الدينية.

بديع: رغم أن كلامك تفتيش في النوايا وهذا لا يجوز، إلا أنني لكي أطمئنك وجميع القوى السياسية، لا مانع أن يتضمن الدستور الجديد مادة تجعل القوات المسلحة حارسة للحرية والديمقراطية واحترام إرادة الشعب في أي انتخابات قادمة، فنحن نؤمن بأن حرية المواطن أهم من حرية الأرض، لذلك فالدولة الديمقراطية في عرفنا هي التي يتمتع شعبها ليس فقط  بحرية اختيار أي نظام يريده،  بل وتغييره أيضا في المستقبل.

وظهرت علامات الارتياح على وجوه أعضاء وفد الناتو.

شنودة: الأقباط متمسكون بقيام دولة مدنية في مصر ونرفض قيام أي دولة دينية، كما نرفض التحايل على الدولة المدنية بالتصريح بأحزاب ذات مرجعية إسلامية.

بديع: في الدولة المدنية يخضع جميع المواطنين لقانون واحد وإن خالف ذلك عقيدتهم الدينية، هذا هو التطبيق الفعلي للدولة المدنية في الغرب، وهذا مرفوض منكم شخصيا ومن كنيستكم حيث رفضتم تنفيذ حكم القضاء بالزواج الثاني وقلتم: إنني لا أستطيع أن أخالف الكتاب المقدس.

إن كنت تريد حقا قيام دولة مدنية في مصر بالمفهوم الغربي فبادر فورا بتنفيذ حكم القضاء في قضية الزواج الثاني.

أما نحن المسلمين فنعلنها بوضوح أننا نرفض المفهوم الغربي للدولة المدنية، ولا أستطيع إلا أن أقول: المسلمين أيضا لا يستطيعون أن يخالفوا كتابهم المقدس "القرآن الكريم" وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.

لذلك فإن الدولة المدنية الحديثة المناسبة لنا نحن الشرقيين المتدينين هي: "الدولة التي يخضع فيها جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو نوعهم أو لونهم لقانون واحد ما دام لا يخالف شريعتهم الدينية"، ولا مانع لدينا أن يتضمن الدستور الجديد هذا التعريف للدولة المدنية في مصر.

شنودة: الأغلبية في مصر مسلمة وطبيعي أن تختار النظام الإسلامي، وفي هذا تطبيق لشريعة الإسلام على غير المسلمين.

بديع: جميع دول العالم لها أنظمتها القانونية التي يخضع له الجميع، وتختاره الأغلبية في انتخابات حرة نزيهة، وهذا ما سيحدث في مصر ستختار الأغلبية النظام القانوني الذي تريده، وسيطبق القانون على الجميع لا فرق بين مواطن وأخر وهذا هو التطبيق الصحيح للدولة المدنية... لو اختارت الأغلبية تطبيق الحدود فسيكون ذلك بالنسبة للمسلم تقربا وطاعة لله، وبالنسبة لغير المسلم نظام قانوني اختارته الأغلبية.

المواطنة تتحقق في أي نظام قانوني بشرط تطبيق القانون على جميع المواطنين بلا تفريق في الحقوق والواجبات.

هات ما عندك من طلبات أخرى.

شنودة: أنتم تضيقون علينا في بناء الكنائس لذلك فنحن مصرون على إصدار قانون موحد لدور العبادة.

بديع يسأل وفد الناتو: هل يوجد مثل هذا القانون في أي بلد من بلادكم؟ فلم يجدوا إجابة غير هز رؤسهم بالنفي.

ثم عاد إلى شنودة قائلا: هل تنكر أن مساحة الكنائس والأديرة في مصر أكبر من مساحة المساجد؟ فلم يجد إجابة غير الصمت، وعلت الدهشة وجوه أعضاء وفد الناتو.

وواصل بديع قائلا: نحن من جانبنا سنلتزم بالمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة لبناء دور العبادة والتي حددت 46سم2 بحد أدني و 100 سم2 بحد أقصى لكل فرد، فعندما تتقدم الكنيسة بطلب لبناء كنيسة أو دير فسنعود لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء لمعرفة عدد أتباعها وعدد الكنائس والأديرة ومساحاتها في المحافظة المراد البناء فيها وسيكون قرارنا طبقا لما حددته الأمم المتحدة.

ثم باغت بديع شنودة متسائلا: بالنسبة للأديرة التي تصل مساحاتها إلى أكثر من 2000 فدان، إذا اعتبرتها دور عبادة فلن تستطيع بناء أي كنيسة أو دير خلال عشرات وربما مئات السنين القادمة، إما إذا اعتبرتها مزارع ومصانع فيجب فصلها عن الدير المخصص للعبادة وإخضاعها لأشراف أجهزة الدولة المختلفة كأي منشأة تجارية أو صناعية أو زراعية... تفضل بالاختيار.

هنا اشتاط شنودة غضبا وكاد ينصرف لولا الحرج الدولي الذي كان سيتعرض له.

وألتفت بديع لوفد الناتو: إن من أهم المشاكل الطائفية في مصر هي بناء الكنائس، وها أنا قد أعلنت التزام مصر بما قررته الأمم المتحدة من معايير لبناء دور العبادة فهل نسمع من البابا مثل هذا الألتزام من جانبه؟

ونظر الجميع إلى البابا في انتظار كلمته، تلعثم وتحت الحرج الدولي أعلن موافقته على ما وضعته الأمم المتحدة من معايير لبناء دور العبادة،  وطلب مهلة ستة أشهر لتوفيق أوضاع الأديرة، ووافق بديع، وأنتهت بذلك أولى أهم أسباب ما يسمى بالفتنة الطائفية.

وتوجه بديع إلى وفد الناتو وقال: استفتاء سويسرا لمنع بناء المآذن، واستفتاء الدانمارك لبناء أول مسجد، ومنع المساجد منعا باتا في اليونان الأرثوذكسية، وذكر أمثلة أخرى من إيطاليا وفرنسا وأنجلتر وأسبانيا. وقال: كل هذه مخالفات لمعايير الأمم المتحدة.  لماذا لا تلتزم دولكم بالمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة لبناء دور العبادة؟

فلم يجدوا بد من تقديم الوعود بحث حكوماتهم على الالتزام بمعايير الأمم المتحدة.

شنودة يواصل تقديم طلباته: يجب إلغاء المادة الثانية من الدستور لأنها ضد المواطنة وتؤسس لدولة دينية.

بديع يلتفت لوفد الناتو ويسأل: ألم ينص دستورالاتحاد الأوروبي رغم كل النضج السياسي على نص يؤكد مرجعية الثقافة المسيحية لأوروبا. وكانت الإجابة نعم.

شنودة: أطالب بعدم التمييز ضد المسيحيين فى التعيينات بالوظائف الأمنية، مثل المخابرات أو أمن الدولة أو حرس رئاسة الجمهورية، ومراعاة تمثيل المسيحيين فى مجلس الشعب، سواء كان هذا التمثيل عن طريق الانتخابات بالقائمة أو التمثيل الإيجابى أو الكوتة أو أى نظام يحقق تمثيل الأقباط.

بديع يوجه كلامه لوفد الناتو: هل يوجد مسلم واحد في بلادكم يشغل موقعا في مثل هذه الوظائف؟ فكانت الإجابة: لا.

فتمتم بديع قائلا: هذه طلبات لا تتحقق إلا في المدينة الفاضلة حيث أحلام الشعراء والفلاسفة أما في الواقع الدولي فلا يوجد لها مثال واحد.

ثم وجه كلامه للوفد: عندما انتشرت شائعات وشكوك حول ديانة أوباما، لم يقل: الدين علاقة خاصة بين العبد وربه، بل أكد أنه لم يعتنق الإسلام حتى لا يخسر شعبيته، وكذلك ديانة كبار رجال الأمن والمخابرات في أي دولة في العالم.

ثم واصل حديثه لوفد الناتو: هل يوجد تمثيل على أساس الدين في برلماناتكم؟

فقالوا: لا..  البرلمانات مؤسسات قومية يختار فيها الشعب ممثليه من خلال انتخابات حرة نزيهة.

شنودة: أطالب بجعل عيد القيامة المجيد أجازة رسمية للدولة، وأن يسمح للأقباط بالالتحاق بجامعة الأزهر.

بديع مُهمهماً: بدأنا في مطالب جر الشكل. واحتار المترجم في ترجمة هذا التعبير.

ثم وجه بديع سؤاله لوفد الناتو: هل تجعل أي بلد من بلادكم من عيدي الفطر والأضحى المباركان أجازة رسمية للدولة بأثرها؟ في كثير من بلادكم حتى المسلمين لا يتمتعون بأجازة رسمية في هذين العيدين، أما هنا في مصر فيتمتع المسيحيين بأجازة رسمية مدفوعة الأجر في عيد القيامة وأعياد أخرى كثيرة، وفي يوم الأحد يحصلون على تصريح مدفوع الأجر لمدة ساعتين للصلاة، فهل يحصل المسلم على مثل هذا التصريح يوم الجمعة للصلاة في أي من بلادكم؟ فواصلوا هز رؤوسهم بالنفي.

وواصل بديع الكلام: أما الالتحاق بجامعة الأزهر فالمسيحي كالمسلم لا يستطيع الالتحاق بجامعة الأزهر إلا إذا انتظم بالتعليم الأزهري بداية من المرحلة الابتدائية حتى حصوله على الثانوية الأزهرية المؤهلة قانونا للالتحاق بجامعة الأزهر. فمن يريد الالتحاق بجامعة الأزهر مسلما كان أو مسيحيا عليه الالتحاق بالتعليم الأزهري من بدايته.

فلم يجد أعضاء الوفد بد من الاعتراف بأن مصر جنة الحريات الدينية في العالم وهموا بالانصراف، إلا أن بديع خاطبهم: لقد استمعتم إلى شكوى البابا شنودة، والآن جاء الدور لتستمعوا إلى شكوى المسلمين لتعرفوا السبب الحقيقي للفتنة الطائفية المزعومة في مصر.

وجلس الوفد يستمع وشنودة يتوجس خيفة.

بديع: يؤسفني أن أقول أن البابا شنودة يسير على درب بافيل "بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية" الذي منح الحرية للقساوسة فألهبوا القومية الصربية وباركوا الميلشيات العسكرية التي ارتكبت جرائم حرب ضد الكاثوليك والمسلمين وراح ضحيتها أكثر من 7000 مسلم، والذي تحالف معالحزب الراديكالي المتطرف رغم أن زعيمه "فيوسلاف سيسلي" حاكمته محكمة مجرمي الحرب في لاهاي بهولندا على جرائم الحرب التي ارتكبها.

وعلى خطاه يسير البابا شنودة فيلتزم الصمت أمام ما يقوم به كبار رجال كنيسته من إلهاب القومية القبطية في مصر، فيفرقون بين المصريين فالأقباط هم أصحاب البلد الأصليين،  أما المسلمين فهذا يعتبرهم غزاه محتلين، وذاك يعتبرهم ضيوف.

وتسأل بديع: هل تعرف الدولة المدنية الحديثة تقسيم المواطنين إلى مواطن أصلي ومواطن تيواني؟! واستكمل ساخر: هل أصبح الإنسان كأي سلعة لها ماركتان  واحدة أصلية والأخرى تقليد!!

ولم يستطع أعطاء الوفد أخفاء استنكارهم.

ثم واصل بديع حديثه: خطورة النظرإلى المسلمين على أنهم غزاة محتلين، أنه يحول الخلاف بين المسلمين والمسيحيين من خلاف على الحقوق يمكن حله بالاحتكام إلى القوانين والأعراف الدولية إلى صراع على الوجود لا حل له إلا الحرب، ذلك أن أي إنسان مهما كان دينه أو جنسيته إذا رسخ في قلبه ووجدانه أن بلاده محتله – كما يروج كبار رجال الكنيسة – يجب عليه أن يخوض حرب تحرير.

وتوجه بديع لشنودة متسائلا: جاء اسم مصر في الإنجيل كثيرا مثل(مبارك شعبي مصر)0 فلماذا لا تعتزون بكونكم مصريين وفقط كما جاء في كتابكم المقدس وتصرون على التفرقة بين أبناء البلد الواحد هذا قبطي وهذا مسلم؟ هذا مواطن أصلي وهذا ضيف أو غازي؟ يؤسفني أن أقول أن كلمة قبطي بهذا المدلول الذي تستخدمونه أصبحت كلمة عنصرية.

ونظر أعضاء الوفد لشنودة في غضب شديد منتظرين منه كلمة تنفي أو تبرر هذا الكلام الخطير.. إلا أنه لم يفعل.

وأستاذن بديع الحضور في طرح مشكلة أخيرة تسبب الفتن بين المسلمين والمسيحيين في مصر ألا وهي مشكلة تغيير الديانة، وأعلن بديع صراحة أننا لا نخشى من إطلاق حرية الاعتقاد فملايين المسلمين في العالم الغربي حيث حرية الاعتقاد مكفولة للجميع، ومع ذلك عدد من يدخل في الإسلام اضعاف مضاعفة لعدد من يخرج منه. أما هنا في مصر فإنه خلال ثلاثة أشهر من الآن وبعد إصدار القوانين التي تحقق للأزهر استقلاله مثلما تتمتع الكنيسة بالأستقلال، سوف نطلق حرية الاعتقاد للجميع.

وهناك مشكلة أخري مرتبطة بحرية الاعتقاد، فكثيرا ما يقوم المسيحيون والمسلمون بمظاهرات وأعمال شغب، زاعمين اختطاف فتاة مسيحية لإجبارها على الإسلام، أو خطف واحتجاز لفتاة داخل كنيسة لاعتناقها الإسلام.

في الحالتين لن نسمح بالتظاهر وأعمال الشغب  ولن نحقق في أي زعم إلا بعد أن يتقدم الزاعم ببلاغ رسمي في محضر للشرطة.

هنا ستتولى أجهزة الدولة التحقيق في البلاغ ، فإذا ثبت صحة البلاغ باختطاف مسيحية لإجبارها على الإسلام، واجه المتهم تهمتين لا تهمة واحدة: الأولى أختطاف أنثى،والثانية تعريض السلام الاجتماعي للخطر، أما إذا ثبت أنها أسلمت دون اختطاف وبكامل إرادتها سيواجه المبلغ أيضا تهمتين: الأولى البلاغ الكاذب، والثانية تعريض السلام الاجتماعي للخطر.

وكذلك الحال بالنسبة لشائعات اختطاف واحتجازمسيحيات داخل الكنائس لاعتناقهن الإسلام، لا بد من تقديم بلاغ رسمي ، وعلى الفور ستتولى اجهزة الأمن التحقيق بما في ذلك تفتيش أي مكان يتم توجيه الاتهام إليه ولو كان دور عبادة، فإذا ثبت كذب البلاغ سيحاكم من قدمه بتهمتي البلاغ الكاذب وتعريض السلام الاجتماعي للخطر، وإذا ثبت صحة البلاغ سنحاكم كل المسئولين. وبذلك نقضي على ثاني أهم سبب من أسباب ما يسمي بالفتنة الطائفية .. فما رأي البابا شنودة.

أرتبك شنودة وتلعثم، وتعلل بوجوب عرض ما دار بالاجتماع على المجمع المقدس حتى لا ينفرد بالقرار، ثم غادر الاجتماع حزينا بعدما أنفضح مشروعه السياسي أمام العالم كله، وفي المساء وعندما خلا إلى نفسه وفي نوبة نادرة من نوبات الصراحة أدرك أنه ليس رجل المرحلة القادمة، وأنه أصبح بمشروعه السياسي عبئا على مصر كلها مسيحييها قبل مسلميها، فأتخذ قرارا تاريخيا وتعلل بأسباب صحية وطلب إعفاءه من الكرسي البابوي.