أقنعوه بإنهاء التمرد

أقنعوه بإنهاء التمرد!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أعتقد أنه آن الأوان لإقناع رئيس دولة الكنيسة أن ينهي تمرده الذي استمر أربعين عاما ، حيث يوشك تمرده على إحراق البلد ومن فيها ، فقد وصل تدليله حدا غير مقبول ، وما بالك بتدليل يمتد إلى درجة التنازل عن هيبة الدولة وكرامة الوطن ؟ والسماح للأقلية الأرثوذكسية بالتغول على حقوق الأغلبية وقهرها والتشهير بها وبعقيدتها ؟ وإطلاق قطعان النخب والمرتزقة من أجل تسفيه المسلمين ، واتهامهم كذبا وزورا بكل نقيصة ، ووضعهم في دائرة الاحتقار والإجرام ؟!

رئيس الكنيسة ومعه مجموعة الكهنة المتمردين ، تحالف مع النظام البائد الذي حقق لهم أكثر مما كانوا يحلمون في تغيير هوية الدولة ، وحرمان أهلها من التعبير عن عقيدتهم السائدة ، وزرع أرجاء مصر بالكنائس ، حتى في الأماكن الصحراوية التي لا يوجد بها سكان أو مسيحيون أصلا ، وهذا عمل يتجاوز حدود ما يسمى المواءمة والتوافق والسلام الاجتماعي !

 في العام الماضي مثلا تم افتتاح ثلاث كنائس جديدة تشبه القلاع الضخمة في شرق سيناء بدءا من شرم الشيخ حتى طابا ، وقام رئيس الكنيسة بافتتاحها في احتفالات كبيرة ، نقلتها التلفزة والإذاعة المصرية ، وحضرها كبار رجال الدولة ! ومع ذلك يشكو المتمردون من الاضطهاد والتمييز وعدم القدرة على بناء الكنائس ، ويدعون أنهم ضحايا ألأغلبية الظالمة التي لا تعرف التسامح مع الآخر !

التمرد الطائفي لا يستمع إلى أي صوت غير صوته ، ولا يسمع لأي كلام عقلاني أو قانوني ، لأن النظام البائد دلله ، وأعطاه بالابتزاز واستغلال خونة المهجر ما لا يستحق ، وأكثر مما يجوز له ؛ لدرجة تغيير القانون ووقف تنفيذه من أجل سواد عيونه ! وفي الوقت ذاته تقوم عصابات المرتزقة والدنيويين في الصحافة والإعلام بتوجيه المدفعية الثقيلة للإسلام والمسلمين وتحميلهم مسئولية الجرائم التي يرتكبها في الداخل مجرمون من ميليشيات الكنيسة المدربة على القتل والتظاهر وقطع الطرقات والاعتصام أمام الإذاعة والتلفزيون ، ويقترفها في الخارج خونة المهجر عبر مواقع الإنترنت ، والقنوات الفضائية ، والجمعيات الطائفية المتعصبة ، والعلاقة مع أجهزة المخابرات الغربية والأميركية والصهيونية !

آن الأوان أن يقوم المجلس العسكري بإسقاط دولة الكنيسة ، لتبقى دولة واحدة فقط على ضفاف النيل ، هي دولة مصر العربية ..

يوم تولى رئيس الكنيسة الحالي منصبه ، منذ أربعين عاما تقريبا ، كان يفترض أن يقوم بواجبه في خدمة الطائفة روحيا ، أو فيما يتعلق بأمور الدين والعقيدة التي يؤمن بها النصارى ..ولكن الرجل ترك هذه المهمة ليمارس دورا سياسيا يضعه في خانة رجل الدولة أو الزعيم السياسي الذي يحكم دولة مستقلة ذات سيادة قوامها شعب من النصارى الأرثوذكس ، هدفها تحقيق ما أعلنت عنه جماعة الأمة القبطية الإرهابية التي أنشئت قبل 1952 ، واعتقلت الأنبا يوساب ، بطريرك النصارى الأرثوذكس ، وقيل إنها قتلته في المستشفى القبطي ، ومن غاياتها تحرير مصر من المسلمين الغزاة ، وإلغاء اللغة العربية التي يتكلم بها البدو الغزاة ، والانسلاخ من العروبة التي تمثل عارا بالنسبة للنصارى أصحاب البلد الأصليين .. وقد عبر عن هذه الغايات وغيرها نفر من الكهنة المقربين الذين يعملون بجوار رئيس الكنيسة، ويمثلون الأذرع القوية التي تساعده في أداء مهمته الدنيوية التي تحول إليها بديلا عن مهمته الروحية ، وسلطته الزمنية التي اغتصبها من الحكومة المصرية . ويمكن للقارئ أن يعود إلى تصريحات بيشوي ويؤانس وبولا وأغابيوس وبسيط وفلوباتير وماتياس ومرقص وغيرهم ، كما يمكن أن يرجع إلى ما تنشره مجلة الكرازة وجريدة وطني وغيرهما  .. فضلا عما يبثه زكريا بطرس ومرقص عزيز في قناتي الحياة والحقيقة من سب وقذف لٌلإسلام والمسلمين في مصر  وخارجها ، وافتراءات على النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وهو ما تمارسه بدرجة ما القنوات الطائفية التابعة للكنيسة أو لرجال الأعمال الطائفيين على القمر المصري نايل سات ..

هناك بالطبع الإمبراطورية الإعلامية التي أقامها التمرد الطائفي ويعمل بها مسلمون مأجورون سواء في الصحافة اليومية والأسبوعية أو القنوات الفضائية الخاصة أو حتى القنوات الحكومية ، وكلها تدافع عن التمرد الطائفي وممارساته ، وتنحاز دائما إلى الكنيسة وتصرفاتها المخالفة للقانون ، وتبرر جرائم القطعان التي تحركها الكنيسة في المناسبات المختلفة .

وقد رأينا على سبيل المثال ما جرى في أحداث إمبابة ، وكيف اقترفت الكنيسة جريمة حبس فتاة قيل أنها أسلمت ، وكيف أن زوجها أو من قيل إنه زوجها ذهب لاستعادتها مع مجموعة من أقاربه ، فقوبلوا بوابل من الرصاص الحي الذي أطلقه طائفي مشهور بإجرامه ومشاركاته من قبل في الاعتداءات الطائفية على المسلمين ، وعاونه مجموعة من الطائفيين بقصف الزوج ومن معه بزجاجات المولوتوف والحجارة ،مما دفع الناس إلى التدخل واتساع دائرة الاشتباك ، وإشعال الحرائق الغامضة في بعض الكنائس .. ومع أن وزير الداخلية قال بلسانه أكثر من مرة إن من بدأ إطلاق الرصاص الحي هو الطائفي عادل لبيب وجماعته ، إلا أن الإمبراطورية الإعلامية للتمرد الطائفي حسمت المسألة وحملت المسئولية لمن يسمونهم بالسلفيين ، وسهرت برامج التوك التوك والكذب والعار لتدين الإسلام والمسلمين ، وتنافق التمرد الطائفي وزعيمه الذي اكتفي في عظته الأسبوعية بالقول : أحبوا أعداءكم ! أي إن المسلمين صاروا على لسانه هم الأعداء ، وهم بالضرورة المعتدين وفقا لمشيئته!

بالتأكيد فإن التحول إلى الديمقراطية ليس من مصلحة المتمردين الطائفيين ، لأنه لن يبقي لهم ذريعة يتذرعون بها ، ويرتبون عليها مطالب ابتزازية لا يستحقونها ، ومن ثم فإن التحرش بالمسلمين يؤتي ثماره الآن ، وقد تحققت ثمار ليست قليلة عقب أحداث إمبابة ، فمع أن المعتدي كان طائفيا ، وكان أكثر القتلى والضحايا من المسلمين ، إلا إن الإعلام المتعهر ، فضلا عن الإمبراطورية الإعلامية الطائفية ، قد وضع المسئولية على عاتق المسلمين ولم يذكر ضحاياهم بكلمة ، ولكنه ركز على تشييع جثامين المتمردين الطائفيين ، ولم يشر بكلمة إلى جنازات المسلمين ، ونقل تهديدات القساوسة بالاستشهاد من أجل تحقيق أهدافهم ، والتهديدات الضمنية التي أطلقها الملياردير الطائفي الذي قال : مش هنسكت ! ، كما دفع الذعر الذي انتاب بعض القيادات إلى التنازل عن كرامة الدولة أمام الإجرام الطائفي ، وأعلن بعض المسئولين عن فتح الكنائس غير القانونية التي أقيمت بالتحدي للقانون والدولة وأغلقها النظام السابق ، وإصدار ما يسمى قانون العبادة الموحد في أقل من شهر ، وقانون عدم التظاهر أمام الكنائس ، وقانون تجريم التمييز ..

بالطبع لم يقولوا لنا هل " تكسير القانون " لصالح التمرد الطائفي يمثل دولة مدنية ؟ وهل يحقق مفهوم المواطنة التي يصرخ بها الإعلام المتعهر ؟ وهل سيعلنون عدد المسلمين وعدد غيرهم ؟ وهل تستوي زاوية أسفل عمارة مع دير على مئات الأفدنة وترتفع مناراته في الهواء تعبيرا عن هوية غير إسلامية في وطن إسلامي ؟

وهل ينطبق قانون التظاهر على غير المسلمين أم يطبق على المسلمين وحدهم ؟ لقد  صاغ الجنرال الشيخ الذي كان وزيرا للأوقاف قانون عدم التظاهر في دور العبادة ، وتم تطبيقه على المسلمين ،وحدهم ، وتم اعتقال المتظاهرين في الأزهر ، ولكن زعيم دولة الكنيسة تحدى هذا القانون وجاءت قطعان المتظاهرين النصارى من أرجاء مصر العليا والسفلى ليتظاهروا ضد الإسلام والمسلمين والدولة في قلب الكاتدرائية ، ولم ينصرفوا إلا بعد تنفيذ المطالب الابتزازية ، ولم يقتصر التظاهر على الكاتدرائية أو القاهرة وحدها ولكنه امتد إلى الإسكندرية والمنيا وأسيوط وقنا ومدن أخرى ! وعرف الناس لأول مرة كيف ضرب المتظاهرون الطائفيون جنرالات الداخلية وإصابتهم إصابات قاتلة وتحطيمهم مبني محافظة الجيزة ، وقطع الطريق في المنيب والأوتوستراد والمقطم وكورنيش الإسكندرية ، وتحطيم سيارات المواطنين البائسين ، وبعدئذ يقهقه الطائفيون لأن القانون الذي هو أساس المواطنة كما يلح على ذلك الإعلام المتعهر ؛ يضرب به عرض الحائط ، ويتم الإفراج عن المعتدين والمزورين وتجار الأطفال !

نريد الآن أقناع رئيس الكنيسة أن يتخلى عن السلطة الزمنية التي اغتصبها من الحكومة المصرية ، ويعود إلى ممارسة واجباته الروحية فحسب.

نريد إقناعه أن الطائفة جزء من المجتمع المصري يجري عليها ما يجري على بقية المصريين ، وأن  التظاهر أمام السفارة الأميركية من أجل الحماية جرم عظيم !

نريد إقناعه أن يأمر أذرع التمرد الطائفي بالتوقف عن التحرش بالإسلام والمسلمين .. فهو يستطيع مثلا أن يقول لزكريا بطرس توقف عن البذاءة ضد الإسلام والمسلمين ، ولموريس صادق : كف عن طلب احتلال مصر من جانب أميركا والصهاينة والغرب ، ولمرقص عزيز : لا تنفخ في النار ، ولبيشوي : مصر بلدنا جميعا ، ولماتياس : لا تهدد شركاء الوطن ، وللملياردير الطائفي : لا تمارس دور السيد مع العبيد وأنت تتحدث مع مواطني الأغلبية ، ولعامة الطائفة : لا تتحرشوا بالمسلمين ، والسلاح لن يحميكم ، وأميركا لن تساندكم ، وللإمبراطورية الإعلامية الطائفية والموالية للطائفة : إن الديمقراطية هي الطريق الأمثل لحياة سلمية تحمي مليارات أبناء الطائفة ومصالحهم !

ترى من يستطيع أن يقنع زعيم دولة الكنيسة أن ينهي تمرد الكنيسة ؟