انشغلنا بلعبة التفاخر فتفرغ الآخر للإنجاز

انشغلنا بلعبة التفاخر فتفرغ الآخر للإنجاز؟

سليم عثمان

كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر

[email protected]

سمعت فى إحدى الفضائيات شيخا جليلا يوجه حديثه للمشاهدين قائلا: إن الإنترنت و الفضائيات تجلب الى بيوتكم الزناة والعاهرات، وذلك فى معرض حديث له عن أثر الفضائيات فى تربية النشئ، قلت : الله أكبر! كيف لهذه الأجهزة أن تجلب عاهرات وزناة الى بيوتنا وقد أغلقنا أبوابها ؟وخطر ببالي أن أحطم أجهزة التلفزيون الموجودة بالبيت ،كل بيت فى زماننا هذا فيه عدد من أجهزة التلفاز،ربما  يجد المرء فى كل غرفة فى بعض البيوت تلفازا، و قلت فى نفسي لابد أن أقوم بإيقاف اشتراكي فى تلك الشبكة العنكبوتية الرهيبة(الإنترنت)  التى تدخل فساقا كثر من كل أرجاء الدنيا الى بيتي، وبعد برهة تمعنت فى حديث الشيخ، فقلت :ربما كان الرجل يقصد تلك النساء الكاسيات ،العاريات المايلات المميلات ،المغيرات لخلق الله ،بعشرات العمليات الجراحية للتجمل ،كأنهن ما رضين بخلق الله،الذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم،قلت ربما  كان يقصد تلك المذيعات، والممثلات والنساء اللاتي يظهرن على الشاشة البلورية  فتحات صدورهن (منطقة الترائب) وربما يقصد الرجل أولئك الشباب العرب وتلك الصبايا العربيات ،فى تلك البرامج التى يقولون: أنها تحاكي الواقع (إستار أكاديمي) وما يفعلونه خلال مدة اقامتهم فى نزل مهيأة لممارسة الرزيلة، وتعلم فنونها كأن ما يقومون به نوع من  المدنية والتحضر،والغريب والعجيب أن الملايين من العرب كبارا وصغارا ،يشاهدون تلك البرامج،وتلك الخلوات غير البريئة، قلت إن الرجل لم يكن  يقصد بحديثه هذا تلك الأجهزة الصماء، التى صنعها لنا الغربيون فى مصانعهم ومعاملهم ، لنستفيد منها ونمحو شيئا من أميتنا (يقولون : ليس الأمي اليوم الشخص الذى لايعرف الكتابة والقراءة(فك الخط) بل الذى لا يعرف ولايجيد التعامل مع الكمبيوتر و الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة  ) بل ربما  كان الشيخ  يقصد والله أعلم   كيفية استخدامنا لها .

ومن طريف ما يذكر في مجال التطور العلمي، على صعيد الاتصالات، أن الهاتف حينما دخل دولة عربية للتو حضر أحد كبار رجال الدين الى  مجلس الحاكم، فوجد إلى جانبه جهاز الهاتف، وعندما حاول الحاكم استخدامه زجره  العالم ناعتا الهاتف بالشيطان، فاحتال الحاكم على رجل الدين بأن أوعز لأحد موظفي القصر، بأن يتلو عبر الهاتف آيات من الذكر الحكيم، ولما أستمع العالم إلى القرآن يصدر من الهاتف، عاجله الحاكم بالسؤال: وهل يمكن للشيطان أن يتلو القرآن يا مولانا؟ فأُسقط في يدي العالم ،وتقبل الأمر على مضض، كون الهاتف ليس بشيطان رجيم! إذن يمكن أن تجلب لنا وسائل الاتصال الحديثة ،خاصة الانترنت والفضائيات،إن أحسنا إستخدامها علوما دينية ودنيوية نافعة ، وملائكة يظللون مساحات أرواحنا فيحيونها بعد موات، ويمكنها أيضا أن تجلب شياطين الانس والجن ،وكل عاهر وفاجر وذنديق وفاسق ، فليس من عاقل بالطبع يتحدث عن أن هذا الجهاز أو ذاك حرام أو حلال،إنما الحرام والحلال  يكمن فى استخدامنا لها، وكان بامكاننا أن ننتهز فرصة توفر هذه التقنيات بين أيدينا ،ونطور بلداننا وننور عقولنا،التى ران عليها الجهل، ونسج اعنكبوت التحجر  عليها، فصرنا نفاخر الأمم ،بما صنعه سلفنا ،من حضارة وأعجاز، فى وقت تفرغ فيه الاخر، حتى كاد يرتاد الثريا،ونحن فى الثري نتمرغ.

بوسائل الاتصال الحديثة هذه تمكنا من إسقاط انظمة ديكتاتورية، جثمت على صدورنا سنين عددا ،ويمكننا أن نستغلها كأفتك سلاح ضد عدونا ،لكن يبدو أن عدونا نجح فى أن يجعلنا نلهو مع هذه الالات الصماء،فالذين يتصفحون المواقع الاباحية والجنسية  فى الانترنت من الجنسين ،خاصة فئة الشباب بالملايين،والذين يتابعون الفضائيات الهابطة التى تعرض اللحوم (لحوم البشر) أيضا كثر، أما أولئك الذين يرتادون المواقع الجادة فى كافة مجالات الحياة والمعرفة، فأعدادهم فى تناقص مستمر ، تماما كحال مساجد المسلمين فى البلاد العربية، حيث  لا يرتادها الا كبار السن والشيوخ، إذن هل العيب فينا ،أم فى تلك الأجهزة والوسائل التقنية الحديثة للتواصل؟

فقد نسب البعض منا كل جديد إلى الشيطان، في محاولة للحجر على عقل الإنسان، وإن كان يخبر هذا التصرف غير العقلائي عن كينونة هؤلاء البعض ،القائمين أصلا على التحجّر، فهم يضللون الناس عن مستنقع جمودهم ،بوصم الجديد بالشيطنة، فمثل هؤلاء كما يؤكد الفقيه الشيخ الدكتور محمد صادق الكرباسي، عند تناوله لوسائل الاتصال الحديثة ،في كتاب (شريعة الإتصالات) الصادر عن بيت العلم للنابهين في بيروت في (48 ) صفحة من القطع الصغير ،مع تقديم وتعليق الفقيه الشيخ حسن رضا الغديري ( يقول الاستاذ  الدكتور نضير الخزرجي  الاعلامي والباحث العراقي: ( الرأي الآخر للدراسات فى لندن) فى عرضه للكتاب فى موقع النبأ ( أن هؤلاء لم يميزوا بين الإبتداع في الدين أو في غيره، بل ولم يميزوا ما يُنسب إلى الدين أو إلى غيره، ومن هنا نشأت فكرة التكفير بمجرد مخالفة الرأي الآخر، لاجتهادهم الناشئ عن عقول متحجرة وأفكار نامية في قرى التخلف).

ويقول  : أن  سجل التاريخ القديم  يحفل بنصوص لا يشك المرء من الوهلة الأولى أنها من بنات خيال الإنسان، خاصة تلك التي تتحدث عن عالم يرى فيه الإنسان أخاه الإنسان عن بعد، أو يتحدث إليه عبر القارات، أو يتصل به عبر فضاءات غير مرئية، (الم تقرب وسائل الإتصال الحديثة من فضائيات وإنترنت وإذاعات ووكالات أنباء وهواتف نقالة وغيرها البعيد؟ وتجعل العالم كله قرية صغيرة،حتى أصبحنا من شدة أختصارها للمسافات والزمن كأننا نعيش فى غرفة صغيرة؟) فلم يكن الواقع الإنساني يتصور إمكان التخاطب عن بعد، ولذلك عمد أكثر الناس إلى تجاهل مثل هذه النصوص ورميها في سلة الخيال الخصب، وبعض وعلى أسس عقيدية رفضها جملة وتفصيلا، والبعض الآخر على الأسس نفسها تقبلها بقبول حسن، واضعا إياها في خانة الإخبار الغيبي القابل للتطبيق في قابل الزمان.

والكثير مما كان في عالم الإستحالة ،انتقل في عصر المعلومات إلى حيز الإمكان، فرفع ذلك من وتيرة فضول بعض المهتمين في نصوص التاريخ ،إلى محاولة اكتشاف الغامض من النصوص، لكن هذا البعض قاصرٌ عن التحقق من النصوص بوسائل علمية حديثة، لأنها في معظمها حكر على حكومات ومؤسسات غربية لا تدع للآخر معرفة أسرارها، كما أن دول الشرق بشكل عام لا تمتلك مثل هذه المؤسسات البحثية ، أو لا يراد لها أن تمتلك ناصية العلم ، (وأشير هنا  والاشارة من عندي الى أن الولايات المتحدة الامريكية، فى حربها المسعورة على ما يسمي بالإرهاب أستخدمت كافة أنواع السلاح للقضاء على تنظيم القاعدة ،وزعيمه أسامة بن لادن، لمدة عشرة أعوام كاملة ،ففشلت فى تحقيق أهدافها لكنها من خلال إجادتها لأستخدام وسائل الإتصال الحديثة ،وقدرتها  الفائقة على تحليل المعلومات،التى توفرت لديها ، نجحت فى الفتك برموز التنظيم ،وتمكنت  أخيرا من  إغتيال زعيم التنظيم)  ويضيف الخزرجي فى سياق عرضه للكتاب :أن البعض مع اكتناز خزينة النصوص الإسلامية للكثير من الدرر العلمية ،غير واعين لأهمية هذا الكنز النفيس، ولهذا كلما أستجد على ساحة العلم جديد تباروا لبيان أفضيلة الإسلام، وعدم تقاطعه مع العلم ، وإلى التأكيد بأن هذا المكتشف العلمي أو ذاك من صميم الإسلام، وأن الإسلام سبق الآخرين في البت فيه، وما إلى ذلك من أقوال ،تعبر عن حسرة وغصة، لكننا نعدم الوسائل التي تترجم هذه النصوص إلى حقائق علمية تجريبية وحسية، فانشغلنا بلعبة التفاخر والإعجاز وتفرّغ الآخر لآلة التطور والإنجاز.

ويري أن الأسوأ من هذا هو  أن البعض لا يكتفون برفض النصوص الحديثية أو القرآنية التي تستبطن مظاهر المدنية العلمية،أو تستظهرها وتحث المسلمين على الولوج في تلافيفها، بل  يرفضونها بدعاوى كثيرة جاعلين الشيطان هو المدخل إلى رفض الجديد حتى وإن كان في خدمة الإنسان.

لقد جرت قاعدة الإباحة مجرى المسلمات، فكل شيء مباح للإنسان تصنيعا واستعمالا، إلا ما قيده نص وأخرجه من الإباحة والحلية، وهذه القاعدة هي المبتنى في كل جزئية من جزئيات الحياة الدنيا، فلا يمكن وصم الجديد بالبدعة بحجة أن الأجداد لم يعهدوه وجوداً واستخداماً،(هل نستطيع القول مثلا أن اسلافنا كانوا يمتطون الجمال والحمير والخيول والبغال  وبالتالي لاينبغي  لنا أن نركب نحن الطائرة أوالسيارة؟) أو أن البعض استعمل الشيء الجديد في موارد غير صحيحة، معارضة للشرع والعرف، فالآلة تبقى هي آلة صماء يستنطقها لسان الإستعمال، فإن استعملت في الخير كانت لسان حق، وإن استعملت في الشر كانت لسان باطل، وحسب تعبير آية الله الكرباسي: (فإن الآلات الحديثة والتأليت الحادث عبر التطور المستمر يخضع للنظام الإسلامي العام، فما استخدم في وجوه الصلاح والإصلاح فجائز، وما استخدم في وجوه الفساد والإفساد، فهو محرّم، فالاستخدام هو المهم، أما الآلة فهي جامدة كالسكين إن استخدمتها لأغراض مباحة وإنسانية فهي محللة، وان استخدمتها للقتل والطعن، فهي محرمة، فهي ذات وجهين تتحدد بنوعية الاستخدام، إلا إذا خصصت لأجل ما هو محرّم دون شك ولا ريب).

فالعبرة إذن في نوعية الاستخدام لا في أصل الجهاز، فوسائل الاتصال، ومنها القنوات الفضائية، منها ما ينشر الفضيلة ومنها ما ينفث الرذيلة، والأمر نفسه مع آلة الهاتف، وكل شئ صنعه الانسان ،من طائرة وسيارة  وصاروخ ومذياع  وغيرها ،العبرة فيها بكيفية الاستخدام ،ولذلك  يؤكد الفقيه الكرباسي أن: (الاستخدامات المحرّمة لا توجب حرمة الأدوات، فلو أن الهاتف أصبح وسيلة للدعارة فإن الهاتف لا يصبح محرماً بل استخدامه في هذا الغرض محرّم) ).

لذلك فكل  ما في الوجود مسخر لخدمة الإنسان، فحريته وكرامته مقدمة على كل شيء، والتنوع في الملل والنحل، والأبدان والأديان، واللغات والصفات، مدعاة للتقارب البشري ، وكذلك التعاون على البر والتقوى، لإعمار الأرض وإحيائها، ولا وسائل علمية كوسائل الاتصال، أدل على مركزية التقارب البشري، الذي يقرب البعيد ويعزز القريب، مما يجعل البشرية بقاراتها السبع أسرة واحدة، إذ جمعتها السياسة في منظمة الأمم المتحدة ،وجمعها العلم عبر وسائل الاتصالات والإرسال، من هاتف بكل تفريعاته من مسموع ومقروء ومرئي ومصوّر أو مذياع أو عدسة فضية (تلفزة) أو بريد (إلكتروني) أو شبكة بينية (الإنترنيت)، لأن من مفاهيم الاتصالات كما يشير مؤلف الكتاب أن: (الإتصال هو تقارب الشيئين واقترانهما، ومنه اتصال النيّرين الشمس والقمر، أي اقترانهما واستقبال أحدهما بوجه الآخر).

ومن الاتصال يحصل التقارب، ومن التقارب يتحقق التفاهم ،على تذليل الصعوبات والتوافق على تحييد الاختلافات، ولهذا  فإن أي تطور باتجاه تقريب النفوس يعد خطوة مباركة، من حيث أن التطور المعرفي الخاص بالاتصالات كما يعتقد د/ الكرباسي له مدخلية كبيرة في تقليص الخلافات بين الأمم  وهو: (الطريق الأنجع إلى تلاقي الحضارات وفهم الشعوب والأمم بعضها للآخر).

 ولا شك أن استخدام وسائل الاتصال الحديثة يدخل في نطاق حرية الإنسان، بيد أن الحرية ليست مفتوحة النهايات والمديات، وليست مقيدة قصيرة المساحات والمسافات، وإنما هي حرية مسؤولة ،تقدر حق الأنا وتحترم رغبة الآخر، فلا يجوز على سبيل المثال استخدام الهاتف المصور من غير رضا الطرف الآخر، قريبا كان أو بعيدا، ومن ذلك كما يشير الكرباسي: (هناك أشخاص لا يرغبون الاتصال بغير مكاتبهم )جعلوا بيوتهم  مكاناً للراحة وللعائلة، وهذا حقهم ، فالاتصال بهم، مع العلم بعدم رغبتهم لا يجوز ، فالناس مسلطون على أنفسهم، فلا يصح التدخل في شؤونهم بلا رقيب أو حسيب، ومن ذلك تعمد بعض الشركات الإعلانية إلى أستئذان صاحب البريد (الالكتروني) فيما ترسل إليه من إعلانات وتعطيه الخيار في الاستمرار أو رفضه، لإدراكها بأهمية حرية التلقي وتلافيا للإزعاج.لكننا اليوم بسبب عدم احترام البعض لحرياتنا يرسل الينا الكثير من المواد عبر صناديق البريد الالكتروني(إسبام).

وعلى مستوى الأمة، فإن اختراق قوانين البلد، أو التعدي على حقوقه جريمة يعاقب عليها القانون الوضعي، فضلا عن الحرمة الشرعية، وكمثال  فإن: (نشر أية أخبار كاذبة ،أو كشف أية أسرار لأشخاص، أو دول محترمة الحقوق ،عبر هذه الوسائل لا يجوز) ويخالف  القانون ولا يحترمه، وعلى الإنسان احترام قوانين البلد، ذلك أن: (مخالفة القوانين العامة التي وضعت لأجل الحفاظ على البيئة أو الإنسان، لا يجوز كما لو منعت السلطات الخاصة استخدام  الهاتف النقال، أثناء القيادة ،فإن مخالفة ذلك أمر يحاسب عليه القانون(بحسبان أن الطريق حق للجميع وليس حكرا عليكوحد) فالالتزام  العام يقتضي رعاية جميع القوانين الموضوعة لأفراد المجتمع)

واحترام القوانين الموضوعة لخدمة الإنسان، لذلك فإن تنظيم عمل وسائل الإتصال واجب على الإنسان، بغض النظر عن البلد موطنا كان أو مهجرا، بلدا مسلما كان أو غير مسلم، و يرى الفقيه الغديري أن احترام القانون سيان، في البلد المسلم أو غير المسلم، ذلك أنه: (إذا كانت الدولة غير مسلمة، والتزم الإنسان برعاية قوانينها، ضمن القرار العام، فيجب العمل حسب التعاقد، كما هو الحال للمسلمين المقيمين في البلاد الغربية ،فإنهم ملزمون باحترام قوانين تلك الدول التى يقيمون فيها  ) و مسؤولية المسلم في البلدان غير المسلمة تعظم وتكبر، لأن وسائل الإعلام على الأعم الأغلب، وهي جزء من وسائل الاتصالات، ناظرة إلى فعال المسلمين وأدائهم لا إلى أصل الإسلام وقواعده، ولهذا فأية إساءة للقوانين تنعكس سلبا على الإسلام والمسلمين، لأن المجتمعات غير المسلمة تقرأ الإسلام عبر صفحات كف المسلم، وما تجنيه يداه فإن أحسن أحسن للإسلام، وإن أساء أساء للإسلام!اليست امريكا تحارب المسلمين اليوم بما فعله ثلة من شباب المسلمين حينما استقلوا طائرات وهاجموا بها مواقع مدنية وعسكرية هناك؟

ومن الطبيعي أن كل وسيلة أو آلة خاضعة لقانون المنفعة والمضرة، دون أن تدخل حيز التحريم الكلي، كما أن إحترام القوانين لا يعطي الحق الكامل للسلطة للإعتداء على حقوق المجتمع وحريته، وإن كانت الحكومة منتخبة، إلا في إطارات ضيقة للغاية، تفرضها المصلحة العامة، من باب تغليب العام على الخاص، فكما لا يجوز استخدام وسائل الاتصال في أي وجه من وجوه الحرام، فإنه وبنظر الفقيه الكرباسي: (لا يجوز للشركة المسؤولة أو الدولة التنصت على المكالمات الهاتفية ،وكل وسائل الاتصال، إلا في ظروف استثنائية ،وبإذن حاكم الشرع والسبب في ذلك كما يشير الفقيه الغديري: ) لكونه من مصاديق التجسس المحرّم، ولا يجوز التدخل في الشؤون الشخصية إلا أن يكون هناك داع آخر من حفظ الدين والبلد  وأمثاله، فيتوقف الأمر حينئذ على الإذن من الحاكم الشرعي، وفي ظروف معيّنة وشرائط خاصة، من غير تعدٍّ للقيود المحدّدة). )(لكن كثير من حكوماتنا تستغل هذا الحق وتضيق على وسائل الاتصال اشد التضييق)

وفي جانب آخر لا يصح استخدام وسائل الاتصالات الحديثة للترويج إلى ما هو محرّم  ومناف للأخلاق والفطرة الإنسانية، والأعراف الإجتماعية السليمة، كالدعاية للخمر والفاحشة  وادخال الخوف في قلوب الناس وسلب الأجواء الأمنية في المجتمع ونقض السلام وهدم بُنية الحياة الإجتماعية، وغصب حقوق البشر، وتقوية روح الإرهاب وتنمية فكرة العنف)

ويري د/ الخزرجي أن (شريعة الإتصالات) التي تضمنت (76) مسألة فقهية حديثة تتناول قضية إفرازات الثورة العلمية، في مجال الإتصال مع (82) تعليقاً غنيا بمفاهيم إسلامية وشرعية، تواكب العصر وتطوره، تمثل قفزة نوعية في مجال التأسيس لفقه معاصر، يعالج كل مستجدات العلم الحديث، بما يغني المجتمع ويضع المرء على جادة الصواب ،ويحمي المعمورة من سلبيات العلوم الحديثة وتداعياتها.