فضيلة المفتى الإمام النووي

م. أسامه عبد الحفيظ السيد

عندما يكون مفتى الأمة ومفتيك أنت وعموم الرعية الإمام النووي فالأمة وأنت وعموم الرعية ذوى حظ عظيم إذ أنكم أمام ركن ركين وعلم خبير وذو علم عليم  وعندما يكون السائل ملك من الملوك او حاكم من الحكام  فلابد ان ترتعد فرائسه إذ أوقعه قدره العاثر أمامه

لانه كما  يقول تلميذه ابن العطار :

كان مواجهاً للملوك والجبابرة بالإنكار لا يأخذه في الله لومة لائم

 ويكفي أن نذكر الواقعة الشهيرة التي دارت بين الأمام النووي و الملك الظاهر بيبرس لما خرج الملك الظاهر لقتال التتار بالشام طلب فتاوي العلماء بأنه يجوز اخذ مال من الرعية ليستنصر به على قتال العدو فكتب له بعض فقهاء الشام بذلك وفيما قتل من العلماء بسبب إفتائهم له بعدم الجواز فقال الملك:هل بقي احد؟

 فقالوا:نعم بقي الشيخ محي الدين النووي فطلبه                           

فقال:اكتب خطك مع الفقهاء ( اى وقع على الفتوى)

فامتنع وقال: لا                                         

فقال: ما سبب امتناعك؟

فقال: أنا أعرف انك كنت في الرق للأمير بندقدار, وليس لك مال, ثم منّ الله عليك وجعلك ملكاً وسمعت ان عندك ألف مملوك كلهم عنده حياصة من ذهب وعندك مائتا جارية لكل جارية حق من الحلي فإذا أنفقت ذلك كله وبقيت مماليكك بالبنود الصوف بدلاً عن الحياصات الذهب وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي ولم يبق في بيت المال شيء من نقد اومتاع أو ارض أفتيك بأخذ المال من الرعية

وإنما يستعان على الجهاد و غيره بالافتقار إلى الله تعالى و إتباع آثار نبيه صلى الله عليه وسلم.
فغضب السلطان من كلامه وقال: اخرج من بلدي –يعني دمشق

فقال: السمع و الطاعة وخرج إلى نوى

 فقيل للملك ما سبب عدم قتلك له؟

 فقال:كلما أردت قتله أرى على عاتقه سَبعين يريدان افتراسي فأمتنع من ذلك

فقال الفقهاء :إن هذا من كبار علمائنا وصلحائنا وممن يقتدي به فأعده الى دمشق فأذن بيبرس برجوعه

ولكن المفتى الكبير رفض العودة وقال : لا ادخلها وبيبرس بها فمات الظاهر بعد شهر

ويعلق شيخنا الراحل الفضيل محمد الغزالي رحمه الله وألحقنا به فى الصالحين على الموقف قائلا : ذلك حاكم عظيم انتصب لمحاربة الهمجية الجارفة التي أشاعها التتار فى الأرض والتي أصاب الإسلام منها بلاء كبير وشر مستطير طوى لواء الدولة العباسية فى بغداد ويوشك ان يطوى أعلام الإسلام المرفوعة فى دمشق والقاهرة وغيرها  ويريد الحاكم باسم الإسلام وفى سبيل هذه الغاية النبيلة ان يستولى على ما يشاء من الأموال والثروات فيتصدى له عالم باسم الإسلام ولوجه الله ويقول له على رسلك

نح مظاهر الترف من حولك حتى اذا استنفدت ما يتمتع به الأغنياء من الكماليات النافلة عدت الى جمهور الشعب فصادرت ما عنده من ضرورات لازمة ويوم تفعل ذلك يعطيك الشعب قوته قرير العين كما أعطاك دمه رضي النفس اما الافتيات على الفقراء وترك الناعمين المترفين يأكلون كما تأكل الأنعام فذلك ما لا يرضاه الإسلام !!

ويختم : إن الفتوى حسن تطبيق قبل ان تكون حفظ نصوص

اين هذا العملاق من عموم مفتى عصرنا الذين سوغوا للظالمين والمفسدين – على طول البلاد الإسلامية وعرضها -  استحلال واستعباد البلاد والعباد !! تارة بحجة الاستقرار !! وأخرى بأنه ليس فى الإبداع أفضل مما هو كائن أو كان وربما مما سيكون !!! رجما بالغيب !!

او الباسا للحق بالباطل وربما كتمانا للحق وهم يعلمون !!!

وأين هذا العملاق من عموم مفتى عصرنا الذين يرغون ويزبدون فيما لا طائل ورائه !! وما لا ينبني عليه عمل !! وما لم يحضر وقته ولا رجاله ولا مكانه !! اللهم الا تفريقا للكلمة وتمزيقا للجهد  وإثارة للشبهات !! وربما طلبا للشهرة وبحثا عن المزيد من الأضواء والفضائيات !!

 وبعد

فإنا نرفع اليوم سؤالنا الى فضيلة شيخ الأزهر وفضيلة المفتى وصاحب كل فضيلة أينما كان والأمة كلها تأمل ان تعيد سيرة الإمام النووي

1-    ما حكم  مصادرة الأموال التى نهبها المفسدين من أقوات الشعب  لتعود الى خزينة الدولة من جديد ؟؟

2-    ما حكم مصادرة الأراضي والعقارات والشركات والقصور وكافة المقتنيات التى نهبها المفسدين بغير حق لتعود الى خزينة الدولة من جديد ؟؟

3-    ما حكم المفسدين فى الأرض ؟ وهل أقطاب النظام البائد منهم  شرعا ؟

4-    ما حكم من يخططون وينفذون للثورة المضادة ؟

5-    كيف نحيا الأمة بعد موات على هدى الإسلام ؟

6-    ما هى منظومة الحكم فى الإسلام ؟ وما غاياتها ؟ وما موقع العدالة والشورى والمساواة والحرية والكفاية والأمن منها ؟ أليس ذلك أولى وأجدر ؟

أفتونا يرحمكم الله

إن كان مازال لديكم ما تفتون به عموم الرعية بعدما سكتم رغبا و رهبا و أولتم سرا وجهرا مفاسد النظام البائد ؟

 ومن اين تكون الثقة بكم ؟

أليس الأكرم لكم التنحي والاستقالة بدلا من ان تنحوا أو تقالوا !! ؟

أفتونا أو اصمتوا أو ارحلوا اثابكم الله.