الدنيا أجمل من الجنة... تصوروا

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

علمنا ديننا أن الدنيا ممر ودار بلاغ , وأن الآخرة دار قرار, وعلمنا أن نأخذ من دار ممرنا لدار مقرنا, وأن الآخرة للمؤمنين خير لهم من الأولى , وأن الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر .

ولكن صحيفة المفاجآت "أخبار اليوم" حملت للناس نظرية أو بشرى جديدة , وهي أن الدنيا أجمل من الجنة بكثير.. بكثير.. جاء ذلك على صفحتين كاملتين عرض فيهما السيد جمال الغيطاني كتابًا يحمل هذا العنوان "الدنيا أجمل من الجنة" , ومؤلف الكتاب ـ كما يقول الغيطاني ـ كان "أصوليًا وتاب" . وحتى تصح توبته كتب هذا الكتاب ؛ ليفضح خبايا الأصوليين في الجماعات الإسلامية، وسلوكهم الشائن , وشذوذهم البشع الذي رآه بعينيه , وباشر بعضه بنفسه قبل توبته . والمؤلف ـ كما يذكر الغيطاني ـ واحد من قياديي الجماعات الإسلامية , وهو مصري الجنسية .

 وهذا العرض ـ من وجهة نظري ـ يعد حلقة في مسلسل إثارة غبار التشويه حول كل ما يطلق عليه وصف إسلامي , بصرف النظر عن حظه من القصد والاعتدال ,أو حظه من الغلو والتطرف.

**********

وعرض السيد الغيطاني يعتبر صورة ساقطة بشعة لمجتمع الجماعة، أو الجماعات الإسلامية، كما رسمها المؤلف ـ على حد زعم الغيطاني ـ وهي صورة من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يصدقها العقل ومن هذه الوقائع أو هذه الملامح المعروضة:

1 ـ من هؤلاء الأعضاء من كان يتعمد لمس فتى "أمرد" , واحتضانه في حمام السباحة بصورة فاضحة.

2 ـ ومنهم الشاذ جنسيًا الذي تحكم عليه الجماعة بالجلد.

3 ـ ومنهم من حاول ممارسة الجنس "عنوة" مع أخ صغير داخل المسجد , ولم ينقذ الصغير منه إلا الهرب.

4 ـ ومنهم من قبض عليه في "قضية آداب" بسبب شذوذه الجنسي السلبي.. وقد حضر بعض الجيران ليخبروا أحد كبار القادة أن هذا الأخ عرض عليهم نفسه ليلوطوا به ولكنهم رفضوا.

5 ـ وبالجنازير يمنعون "شخصية بارزة" منهم أن يؤمهم في صلاة العصر, وينهالون عليه ضربًا حتى أسالوا دمه , وألقوه خارج المسجد، والسبب أنه مصاب بالشذوذ الجنسي , وبعد عامين وجد مقتولاً وملقى في الحقول.

 وكان يمكن أن نصدق هذا الأصولي المصري التائب , لو أنه وثق ما قدمه من الوقائع بالتواريخ وأسماء الأشخاص الذين عرض لهم , وشهادات آخرين مشهود لهم بالحياد والموضوعية، أو أنه كان ذا شخصية سوية يمكن الميل إلى تصديقها .

 وأقدم للقارئ بعض ما قاله هذا المؤلف عن نفسه في كتابه الذي عرضه السيد الغيطاني:

1 ـ كان في سن المراهقة يطلق بندقية الصيد على الفتيان والفتيات الذين يلعبون الكرة حتى لا يقعوا في الخطيئة.

2 ـ كان يقف خلف الزجاج في منزله , ليراقب الفتيات اللائي يخلعن ملابسهن , فيشاهد أجسادهن ويمتع نفسه بما يرى.

3 ـ كان يجلس مع أصدقائه لمشاهدة صور جنسية , ويكشف كل منهم عن عضوه ؛ ليظهر من هو أكبر عضوًا من الآخر.

4 ـ كانت الرغبة الجنسية تهيمن عليه حدة وهياجًا , حتى إنه كان يشعر بالإثارة حين يستمع إلى الآيات القرآنية التي تحكي قصة النبي يوسف مع امرأة العزيز.

5 ـ ويقول المؤلف بالحرف الواحد ـ كما يقول الغيطاني ـ " كنت أثار جنسيًا لأتفه الأسباب , وقد وصلت مرة إلى الإثارة الكاملة من ملمس الماء على جسدي وأنا أستحم . حدث هذا بين صلاتي المغرب والعشاء في يوم من شهر رمضان ".

**********

هذه هي شهادة المؤلف على نفسه . والشخص العادي ـ ولا أقول دارس عـلوم النـفس ـ يرى نفسه أمام شخصية مهتزة متخبطة غير سوية , ومن ثم تسقط شهادته على غيره . هذا إذا كان صادقًا في شهادته على نفسه . فإذا كان كاذبًا فيها كانت النتيجة واحدة؛ لأن شهادة الكاذب المزور مرفوضة عقلاً وشرعًا . ومع ذلك يقول الغيطاني عن هذا الكتاب إنه من أهم الوثائق الحية.

 وأنا لا أدافع عن الجماعات الإسلامية ؛ فهم ليسوا معصومين من الخطأ . ولنا عليهم مآخذ متعددة، ولكنها كلمة أقولها قاصدًا بها وجه الله , ثم أقول إن نشر مثل هذا العبث والإعلان عنه في هذا الوقت الذي تضرب فيه أمريكا وأذنابها من الحكام الطغاة كل ما هو إسلامي في عدوانية وإصرار يجعلنا ننظر إليه نظرة ارتياب واتهام. وأقول للسيد الغيطاني : أعتقد أن كل ماذكرت أملاه عليك خيال روائي مريض , وإلا فأين هذا الكتاب ؟ وأين طبع ؟ وما اسم هذا التائب الشاذ المجنون؟