مأمن الله في رحاب الله

بدون مؤاخذة

جميل السلحوت

[email protected]

صباح الأول من رمضان هذا العام قامت اسرائيل الرسمية، -وفي جنح الظلام- بتجريف ما تبقى من مقبرة مأمن الله-ماميللا- دون أن تأخذها رحمة بعظام الموتى التي هرستها جنازير الجرافات،

وهذه المقبرة كانت تحتوي رفات عدد من الصحابة الذين شاركوا في فتح القدس –رضي الله عنهم وأرضاهم- ورفات الآلاف من علماء وأعيان ومفكري فلسطين وبلاد الشام، اضافة الى الآلاف من أبناء القدس، ومن ضمنهم رفات سبعين ألف مقدسي –هم جميع سكان القدس القديمة- الذين قتلهم الفرنجة وهم يحتمون في المسجد الأقصى عند احتلالها في العام 1097م، في حرب أطلق عليها الأوروبيون –في حينها- الحروب الصليبية، وتجريف هذه المقبرة لم يبدأ الآن بل منذ عشرات السنين، فعليها يقوم بيت الصحافة الاسرائيلي وفندق وموقف للسيارات، وشوارع وحديقة عامة يرتادها الشاذون جنسيا والمومسات، ويأتي التجريف هذه المرة من أجل بناء متحف أسموه "متحف التسامح- وكأن الدنيا ضاقت على "التسامح" فلم يجد له مكانا الا على رفات الآباء والأجداد.

وسياسة تجريف المقابر والمقدسات ودور العبادة الاسلامية ليست جديدة على السياسة الاسرائيلية، فمئات المقابر والمساجد والمقامات والمدارس والأبنية التاريخية دمرت وجرفت مع حوالي 540 قرية وتجمع سكاني فلسطيني، وزالت عن الخريطة بعد قيام دولة اسرائيل في 15 ايار 1948م، حتى أن مقبرة البروة- مسقط رأس الراحل محمود درويش- قرب عكا جرفت وسويت بالأرض وتقوم عليها حظيرة للبقر.

وبما أن حرمة الأموات هي من كرامة الأحياء، فقد استغلت اسرائيل تخلي العرب والمسلمين عن كرامتهم، فجرفت قبور آبائهم وأجدادهم دون رحمة، وجاء التجريف هذا في مقبرة مأمن الله في الأول من رمضان ، كبطاقة معايدة وتهنئة لأمة غثاء السيل بمناسبة الأول من رمضان.

مما يذكر أن اسرائيل التي تقوم بتجريف مقابر العرب والمسلمين تحافظ على مقابر اليهود، وتنظفها وتزرعها بالورود، وتحيطها بالأسوار، وتنيرها ليلا لتجعل منها مشهدا يسر الناظرين.