قضية الأخ الأكبر

ريمه الخاني

وتلك القضية التي تحمل عدة اتجاهات ،وتنسى أنها قضية أكثر من خطيرة.

ففيها يكبر الأخ الأكبر قبل أوانه، وقد يحرم لذة التمتع بالطفولة، وقد تجعله عميق الخبرة التربوية, مقابل استغلال بعضهم لها للاستيلاء على حقوق الاخوة, قضية لم تعالج العلاج المطلوب ,ولم ينشر عبر انلت معالجة لها عميقة/فهي خطيرة لأنها تحمل هم تربوية جسيم يرفع عن ظهر الوالدين ليحط على الكبير ويؤنب من خلال اخطاء ما كان هناك من يتابعها ويقيمها ويوجهها, وتبقى بصماتها قابعة في نفسه وروحه، لأنه مضطر لتحمل نتائج  تلك التربية, مما يؤثر على كباعه في المستقبل وجديته المفرطة, فضلا عن حساسيته من جراء قبوله مرغما تلك المهمة الصعبة بناء على سنه الصغير.

تقول جمانة سليم عن تأثير ذلك على الأخ الأكبر حياتيا:

يتحمل الابن الاكبر سواء كان ذكرا او انثى مسؤولية اسرته في حال غياب الاب سواء بالوفاة او لعدم وجوده داخل الاسرة لظرف ما. ويجد الابن الاكبر نفسه مضطرا للقيام بالواجبات الاجتماعية من مشاركة اقاربه في المسرات والاتراح، حتى ان نسبة كبيرة منهم يضحون بأمورهم الخاصة ومصالحهم من اجل تأمين لقمة العيش لإخوتهم الصغار وتزداد هذه التضحية عندما يكون احد افراد الاسرة انثى كأن تكون الاخت الوحيدة فيكون جل تركيزه على توفير اسباب السعادة لها حتى يطمئن عليها سواء تعليميا او لإيصالها الى بيت الزوجية.

وهذا الوضع يتطلب منه ان يتراجع في تحقيق خطواته الخاصة مانحا الاولوية لمصالح اخوته فتكون النتيجة عند الكثيرين هي التأخر في سن الزواج معطيا الاولوية والاسبقية لمن يليه في العمر لكي يتزوج.[1]

وإن كان هذا يؤثر على مستقبل الأخ الكبير، فإنه تضحيته بالدراسة وبتأخر سن الزواج يجب ان يكون مدعاة للتقدير وقد لا يتوفر هذا لأطفال تعودوا الدلال دون دفع الثمن بعد ذلك: تقول الأستاذة جمانة حول ذلك:

اما في حال غياب الاب بالوفاة او بالسفر او بالانفصال عن الاسرة فان الابن الاكبر يشعر بانه تسلم دور الاب والحامي لأسرته وهو شعور فطري لا يمكن لأي شخص ان يتغافل عنه او يتجاهله او يتركه لغيره؛ ولهذا نجد بان الكثير من الابناء يضحون بتعليمهم وبزواجهم وبالجوانب الترفيهية في حياتهم من اجل تأمين حياة افضل لأسرهم بعد غياب الاب. [2]

ولكن يحدث احيانا تمرد الإخوة تجاه الحزم الزائد من الاخ الأكبر الذي يشعر بثقل تلك المهمة خاصة لو تركت الام المهمات الثقال عليه دون مبادرة قوية:

نقتبس جملة حول هذه القضية:

  وإذا ما سلمنا جدلاً  أن هناك  ابناً لهذا الأب الراحل شاباً يافعاً  تولى زمام الأمور،  وأصبح هو الأب البديل  فإن أقل الأضرار التي ستحدث بشكل شبه يومي  هي أضرار معنوية نفسانية فمثلاً المشادة الكلامية بينه وبين إخوته أو أحدهم في شكل شبه يومي، إضافة إلى تمرُّد المراهق  الذي يرى في أخيه صورة للظالم  المتجبر المسيطر عليهم، ومن خلال قناعته الذاتية أن لا أحقية لأحد غير والده أن يفرض عليه سيطرته ويطيعه ويمتثل لكلامه، وهنا تكون طامة الأم ومصيبتها.[3]

وعلى هذا نجد كيف يفخر الأخ الأكبر بما قدمه و ما نتج عنه من نجاح الأخوة الصغار لاحقا، ولكن هذا لا يعني أن كل أخ أكبر يشعر بالمسؤولية وخاصة في عصرنا الحديث الذي نمت فيه الاستقلالية والأنانية بشكل مفرط ,ودونا نعيد هذا للعالم التربوية أولا:

تقول الأستاذة ناهدة عبد الكريم:

وتشير عبد الكريم الى ان المجتمع الشرقي يعطي للأخ الكبير فرصة لأن يثبت وجوده كأب ثانٍ او الاخت الكبرى كام ثانية وربما يدفع ثمن انشغاله بأمور اشقائه الى التقصير تجاه نفسه والتضحية في سبيل توفير الرفاهية المادية او المعنوية لهم وهنا لابد من وقفة نشدد فيها على ضرورة عدم نكران جميله هذا بالمستقبل الى ان اغلب ما يحدث الان على العكس تماما جراء تغير الظروف واستحداث ظواهر جديدة طرأت على المجتمع العراقي مؤخرا ما دفعه يتغيب عن مسؤوليته التي حددها الطابع التقليدي بالمجتمع بالتخلي عن اهله بما فيهم الام والاب اما عن طريق الزواج والاستقلالية والهجر والسفر وغيرها ولا يستطيع التحكم بمجريات الامور او حل المشاكل اذا غادر والداه الحياة فتتأثر الاسرة كثيرا واحيانا تتعرض للانهيار لان ليس هناك من يقودها وخصوصا اذا تفرعت الى اسر صغيرة بزواج اولادها وفي حالة ثباته امام مغريات الحياة واحتفاظه بالحكمة التي تقوده لان يستمر بدوره المثالي حتى اخر لحظة بعمره قد يصطدم بواقع مرير ويصاب بالخيبة من قبل اخوته الذين ربما يختلفون معه ولا يقدرون او يحترمون ما يفعله تجاههم وتلك باتت من مشكلات العصر لدينا.[4]

وقد أثارت نتاج غير مرضى حفيظة بعض المربية فطرحوا سؤالا هاما:

-الولاية للأكبر أم الأجدر؟, ومهما كانت الإجابة فنجد ان الأم الراشدة هي من يقرر بالطبع إن لم يكن هناك سطوة غير قرية على حقها في القرار والأمر يحتاج دراسة عميقة تبتعد عن العرف لتحط بيد الأهمية والضرورة.[5]

ولاية الأخ الأكبر شرعا:

أولاً:

الولاية هي قيام شخص كبير ، راشد ، على شئون قاصر ، الشخصية منها ، والمالية ، فهي على هذا نوعان :

الأولى : ولاية على النفس .

والثانية : ولاية على المال .

والولاية على النفس تشمل : شؤون التربية ، والتعليم ، والتطبيب ، والتزويج ، والأنوثة هي أحد أسباب هذه الولاية .

ففي " الموسوعة الفقهية " ( 45 / 168 ) :

الولاية على النفس عند الفقهاء : سلطة على شؤون القاصر ، ونحوه ، المتعلقة بشخصه ، ونفسه ، كالتزويج ، والتعليم ، والتطبيب ، والتشغيل ، ونحو ذلك ، تقتضي تنفيذ القول عليه شاء أم أبى .

وعلى ذلك قرر الفقهاء أن أسباب الولاية على النفس ثلاثة : الصغر ، والجنون - ويلحق به العته - ، والأنوثة .

انتهى

وقولهم في التعريف " شاء أم أبى " مع اشتمال الولاية للتزويج " هو باعتبار قول جمهور الفقهاء أنه يجوز للولي أن يجبر موليته على الزواج بمن شاء ، وهذا قول ضعيف ، وانظر جواب السؤال رقم : ( 47439 ) .

وقد فرَّق العلماء بين الولاية على الذكر ، وعلى الأنثى ، فقال جمهورهم باستمرار ولاية أهلها عليها ، ووجوب العناية بها ، حتى بعد بلوغها ، وبعد زواجها .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 8 / 204 ، 205 ) باختصار :

عند الحنفيّة : تنتهي ولاية الأب على الأنثى إذا كانت مسنّةً ، واجتمع لها رأي ، فتسكن حيث أحبّت حيث لا خوف عليها ، وإن ثيّباً لا يضمّها إلاّ إذا لم تكن مأمونةً على نفسها ، فللأب والجدّ الضّمّ ، لا لغيرهما كما في الابتداء .

وعند المالكيّة : ... ، وبالنّسبة للأنثى : فتستمرّ الحضانة عليها ، والولاية على النّفس حتّى تتزوّج ، ويدخل بها الزّوج .

وعند الشّافعيّة : تنتهي الولاية على الصّغير - ذكراً كان أو أنثى - بمجرّد بلوغه .

وعند الحنابلة : ... ، وإن كانت أنثى : لم يكن لها الانفراد ، ولأبيها منعها منه ، لأنّه لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها ، ويلحق العار بها وبأهلها ، وإن لم يكن لها أب : فلوليّها وأهلها منعها من ذلك .[6]

بشكل عام تربية الأخ الكبير في الصغر هي التي ستخدمنا عند الحاجة إليه، فنحن نمنعه من اللعب من اللعب بقوة الخ.. لأنه الاخ الكبير...فماذا يعني هذا؟, ألا يؤثر هذا على تركيبته النفسية لو كان هذا منذ الصغر؟،ومعاملة كتلك هي التي تجعله حمالا للمسؤولية، قادرا على تحملها بصرف النظر عن أنه بات جديا بعيدا عن التمتع بحقوقه كاملة فيصبح معطاء احيانا لدرجة ظلم نفسه برضى، لذا نجده غالبا يحمل ثقة  بالنفس زائدة ، لكنه لا يحمل الصواب في رأيه دوما، إنما ما حصل نتيجة كونه قيما مشرفا ومربيا.

وللموضوع بقية تضيفها الردود والنقاشات حوله.

               

[1]  المصدر جريدة الدستور:  الدستور

[2]  المصدر السابق ذاته.

[3] المصدر:        اضغط الرابط 

[6]  المصدر:

الموسوعة الفقهية. أو يمكن الاستئناس بالرابط:

http://vb.tgareed.org/t/225946/