رسالة حماس للشباب العربي وصلت!!

حسام مقلد *

[email protected]

ما يحدث في غزة من حرب إبادة جماعية، ومجازر وحشية مروعة، وصمت رسمي مريب: عربي وإسلامي ودولي، وحرب إعلامية مفضوحة على المقاومة وعلى حماس ...!! كل هذا  يؤكد أن هناك قرارا اتُّخذ بشن حرب شعواء على الإسلام هدفها الآتي:

1.    اجتثاث جماعات الإسلام السياسي (وفي القلب منها الإخوان المسلمون) التي تتبنى نموذجا حضاريا إسلاميا يتسم بالإنسانية والرحمة والعدل والإنصاف والتسامح الحقيقي، وتحاول تطبيقه عمليا لتُهديه للعالم أجمع كبديل رائع للنموذج الرأسمالي المتوحش المهيمن على البشرية الآن والذي يعد سر شقاوتها ومصدر آلامها وأحزانها ومتاعبها!!

2.    استئصال شأفة المقاومة الفلسطينية تماما (وفي القلب منها طبعا حماس التي هي فرع الإخوان المسلمين في فلسطين).

3.    إنهاء القضية الفلسطينية والتسويق لمهزلة الاستسلام، وإرغام الفلسطينيين والعرب والمسلمين على قبول حل نهائي لهذه القضية المزمنة يلقي بالفتات للفلسطينيين، مع إيهامهم بأن لهم حكما في شبه دويلة، لكنها تكون بلا أية صلاحيات ولا أية مظاهر للسيادة على الأرض!! مع إلغاء عودة اللاجئين وفلسطينيي الشتات، وعدم عودة القدس الشريف، ووضع المسجد الأقصى المبارك تحت إشراف دولي!!!

4.    إيهام العالم بأن قضية فلسطين قد حلت بهذا الاستسلام والخنوع، وإلزام الأمم المتحدة بحماية أمن إسرائيل بموجب هذا الاتفاق، واعتبار أن أية مقاومة بعد ذلك من الجانب الفلسطيني عدوانا على دولة جارة اسمها (إسرائيل) ... يعني باختصار تصفية القضية الفلسطينية!!

5.    الدعوة للتطبيع مع اليهود وإدماج دولتهم اللقيطة في المنطقة، والاعتراف بسيادتها وتفوقها الديني والاجتماعي والعلمي والسياسي فضلا عن العسكري، وإخضاع الجميع لها!!

6.    قمع الشعوب العربية، وتوصيل رسالة إليها مفادها: أنه لا سبيل لكم لتبني أي مشروع يهدف إلى الاستقلال أو تحرير الإرادة الوطنية، ولن يسمح لكم سوى بالإذعان لهيمنة السادة الأقوياء لأنكم مجرد عبيد ... مجرد تروس حقيرة تافهة في آلة العولمة الجهنمية!

والسؤال الآن هل سينجح الصهاينة وأذنابهم في تمرير هذا السيناريو وكسر إرادة الشباب الفلسطيني والعربي والإسلامي؟!

هيهات ...!! نعم هيهات فصمود حماس الأسطوري ضخ دماء العزة والكرامة في كل شاب وطفل عربي مسلم ... لقد اجتاح جيش إسرائيل الجيوش العربية خلال خمسة أيام أو أقل في نكسة 1967م ... لكن ها هي بقعة صغيرة المساحة اسمها غزة محاصرة منذ نحو ثمان سنوات، قليلة العدد والعدة والعتاد العسكري، وهي بلا جيش وتفتقر للدعم اللوجستي، بل تفتقر لأبسط مقومات الحياة ـ ها هي تصمد شهرا كاملا في وجه جيش الصهاينة المدجج بأعتى أنواع الأسلحة، ويهاجمها من كل مكان، من الجو والبحر والبر بترسانة عسكرية هائلة، ويشن عليها هجمات شديدة الضراوة...، ومن خلفه جيوش حلف الأطلنطي وأمريكا التي تمده بأحدث الأسلحة والعتاد العسكري... وكل أجهزة المخابرات الدولية تمده بالمعلومات، وتوفر له أدق التفاصيل... ومع ذلك فشل هذا الجيش الصهيوني في النيل من غزة العزة والصمود والكبرياء!! ليس هذا فحسب بل أنزلت المقاومة الفلسطينية بروحها الإسلامية خسائر فادحة مؤلمة جدا بالعدو الصهيوني لم تنزلها به الجيوش العربية مجتمعة...!!

 كل ذلك فعله شباب فقير معدم بنى قوته بعد التوكل على الله تعالى بالعرق والدماء، وها هم أطفال الحجارة في الثمانينات الذين قاموا بانتفاضتهم لحماية أرضهم وعرضهم، ها هم الحين أسود الوغى الذين يحملون راية الجهاد المقدس لتحرير المسجد الأقصى المبارك، والقدس الشريف، ويتولون الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحمايته من بطش الصهاينة وجبروتهم ...!!

 ودرس حماس والمقاومة البليغ قد وصل تماما إلى قلب وعقل وروح كل شاب وطفل عربي مسلم، فمن الحجارة صنعوا الصواريخ وطائرات الاستطلاع، ومن الجوع والفقر والعوز الشديد صنعوا الصمود والتحدي والوقوف في وجه الطغيان... ومن الحصار الخانق من جميع الجهات صنعوا المستحيل وشقوا الأنفاق، وأوجدوا لأنفسهم شرايين الحياة... فاستبشري يا أمتي وانتظري النصر القريب القادم... "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ" (آل عمران:126).

               

 * كاتب إسلامي مصري