ثانياً: الزواج من نسائهم

الحقوق الاجتماعية لغير المسلمين

في المجتمع الإسلامي

ثانياً: الزواج من نسائهم

دندل جبر

أولاً – الزواج من نساء أهل الكتاب:

1- ذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف إلى: جواز نكاح المعاهدة إذا كانت من حرائر نساء أهل الكتاب.

- يقول ابن المنذر: "لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك، وبه قال سائر أهل العلم.

2- ذهب عبدالله بن عمر والإمام مالك إلى كراهية الزواج من نساء أهل الكتاب.

- وقد استدل جماهير أهل العلم من السلف والخلف بما يلي:

أ- قوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان...) (المائدة – 5).

5) وفي هذه الآية دلالة واضحة على حل نكاح النساء العفائف الطيبات من أهل الكتاب، والمحصنات في الآية هن العفائف دون الزانيات والبغايا.

ب- زواج عثمان بن عفان رضي الله عنه بنائلة الكلبية – وهي نصرانية – على نسائه وزواج طلحة بن عبيد الله بيهودية من أهل الشام، وتزوج حذيفة بن اليمان، وكعب بن مالك والمغيرة بن شعبة وطلحة بن الجارود بن المعلى وأذينة العبدي نساء من أهل الكتاب (انظر الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر – ص56 وما بعدها.. الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة لأبي الأعلى المودودي – ص111).

جـ- روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "يتزوج المسلم اليهودية والنصرانية، ولا يتزوج المجوسية ولا المشركة" (الروض النضير في فقه الزيدية – جـ4 ص6 -63).

ثانياً: الزواج من نساء المجوس:

أ- جمهور الفقهاء قالوا: بعدم حل زواج المسلم من نساء المجوس لأنهم ليسوا من أهل الكتاب، وحل الزواج من غير المسلمات خاص بنساء أهل الكتاب، واستدلوا على ما ذهبوا إليه بقوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم (المائدة – 5) واستدلوا على التحريم بقوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) (البقرة – 221) وقوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) (الممتحنة – 10).

ب- ذهب الظاهرية إلى زواج المسلم بالمجوسية بحجة أنها من أهل الكتاب عندهم (المحلى لابن حزم الظاهري – جـ 9 – 445).

- وقال أبو ثور: يباح الزواج بالمجوسية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" ولأنه روي أن حذيفة تزوج مجوسية ولأن المجوس يقرون بالجزية فأشبهوا اليهود والنصارى (الدكتور عبد الكريم زيدان – أحكام أهل الذمة والمستأمنين – ص345).

ثالثاً: الزواج من نساء الصابئة:

اختلف الفقهاء في حل نساء الصابئة: فمن اعتبرهم من أهل الكتاب قال بحل زواج نساء الصابئة ومنهم أبو حنيفة، ومن اعتبرهم من غير أهل الكتاب قال بعدم جواز زواج نساء الصابئة لأنهم يعبدون الكواكب، وممن قال بهذا صاحبا أبي حنيفة أبو يوسف ومحمد.. أما الحنابلة والشافعية فلم يجزموا بالحل والحرمة وإنما قالوا فيهم: إن كانوا يوافقون النصارى أو اليهود في أصل دينهم ويخالفونهم في فروعه كانوا منهم فتحل نساؤهم للمسلم، وإن كانوا يخالفونهم في أصول دينهم لم يكونوا منهم فلا تحل نساؤهم للزواج من المسلم (المغني لابن قدامة – جـ6 ص591. المهذهب جـ2 ص47. الكاساني – بدائع الصنائع – جـ ص271، وانظر الدكتور عبد الكريم زيدان – أحكام الذميين والمستأمنين ص346).

رابعاً: الزواج من نساء عُباد الأوثان ونحوهم: (انظر الدكتور عبد الكريم زيدان – أحكام الذميين والمستأمنين – ص346).

لا خلاف بين أهل العلم في تحريم زواج المسلم من نساء سائر الكفار من عُبّاد الأوثان والأصنام والأحجار والأشجار والحيوان ونحوهم لقوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) (الممتحنة – 10) وقوله تعالى: (ولا تنحكوا المشركات حتى يؤمن) (البقرة – 221).

لقد أباح الإسلام حل نكاح نساء أهل الكتاب لما يبنى على ذلك وينتج عنه من توطيد القرابة وتمتينها وتوثيق عرى المودة وحسن العشرة، وتآلف أبناء المجتمع الواحد وتعاونهم على ما فيه خير.

ففي مصاهرة أهل الكتاب والتزوج من نسائهم المحصنات العفيفات ما يترتب عليه أن "تصبح الكتابية ربة بيت المسلم وشريكة حياته وأم أولاده، وأن يكون أخوال أولاده وخالاتهم من غير المسلمين" (إدوار غالي الذهبي – معاملة غير المسلمين في المجتمع الإسلامي – ط1 – 1993م – ص99).

ثالثاً: إقامة المؤسسات الاجتماعية

إن الإسلام يسمح لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي بمزاولة التعليم والتربية الدينية للأبناء، وذلك من خلال مؤسسات خاصة بهذا الشأن، وتيسيرها لمن أرادها منهم على أن لا يتعارض ذلك مع سياسة التعليم الإسلامية وفلسفته، وكذلك يسمح لهم بإقامة المؤسسات الاجتماعية الخاصة بهم، كملاجئ العجزة ودور الأيتام ونحوها، ويسمح بكل ما تتطلبه هذه المؤسسات من أوقاف أو تبرعات تساعد على إنشائها وتسييرها واستمراريتها، وفق ضوابط تحول دون تعارض أعمال هذه المؤسسات وأنشطتها مع دستور الدولة ونظامها العام.

رابعاً: الوفاء بالعهد

الإسلام كان من الوضوح الساطع في حرصه على أن يكون عدلاً في تصرفه مع الآخرين محترماً للكلمة والعهود والمواثيق التي يرتبط بها معهم.

وقد شدد الإسلام وأكد على الالتزام بالوفاء بالعهد الذي يقطعه المسلمون على أنفسهم حيث يقول سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (المائدة – 1).. ويقول جل شأنه: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها) (النحل – 91) ويقول أيضاً: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً) (الإسراء – 34).

- ويقول صلى الله عليه وسلم: "من كان بينه وبين قول أجل فلا يحلن عقده حتى ينقضي أمدها" (تفسير ابن كثير – جـ2 – ص606).

والوفاء بالعهود من صفات المؤمنين التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز حيث يقول: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) (المؤمنون – 8) ويقول أيضاً: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) (الرعد – 20).

وقد جعل عليه الصلاة والسلام الغدر بالعهود والمواثيق من صفات المنافقين.

حيث يقول: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خَلّة (وفي رواية خصلة) منهن كانت فيه خلة (وفي رواية خصلة) من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر" (صحيح مسلم – كتاب الإيمان – باب بيان خصال المنافقين – رقم 122. صحيح البخاري – كتاب الإيمان – باب علامة المنافق – رقم 34).

وقد تحقق الوفاء بالعهد لغير المسلمين – وخاصة أهل الذمة (العهد) في المجتمع الإسلامي، في سلوكيات الخلفاء والفقهاء المسلمين – وقدمو معنا كثير من ذلك.