ويجب أن نقف وقفة صادقة مع النفس ؟؟؟..

ويجب أن نقف وقفة صادقة مع النفس ؟؟؟..

عقاب يحيى

لم يفكر أحد من المعارضة، والمحللين أن تتهاوى الأوضاع السورية إلى هذا الدرك الخطير ، وأن يقوم التطاحن بين قوى خارجة عن الثورة، مناقضة لها.. ثم بينها وبين النظام بطريقة مختلفة، ولأهداف مغايرة عن جوهرها ومبادئها..

ـ لقد نظّرنا طويلاً في طبيعة الشعب السوري : الحضارية. المنفتحة. التعايشية. الرافضة للتشدد والاقتتال المذهبي، وركنّا بقوة على جدار تلك الطبيعة في دحر ونحر مشاريع الطغمة الفئوية ومحاولاتها المركّزة لجرّ الثورة نحو ما تريد : الفتنة.. والحرب الأهلية ..

ـ وحين بدأت تنمو، وتنتشي حركات إسلامية مسلحة اعتبرنا ذلك طبيعياً، ونبتاً عادياً لحواضن مناسبة تتواءم وطبيعة شعبنا، والأجواء التي تتدفق والمتسمة بمسحة دينية محفزاً، وملجأً، وحتى سبيلاً للصمود والشهادة والتجميع.. وحين حدث التغول في بروز اتجاهات متشددة بدأت خجولة الطروحات في أحاديتها، ومرجعياتها دبّ الخلاف بين أوساط السياسيين بين من يعتبر أن المعركة موجهة ضد عدو رئيس، وان هؤلاء جزء من القوى التي تواجه، بل هي الجهة الأقوى والأكثر ثباتاً.. وشجاعة، وتضحيات.. وكثرت دعوات التأييد، وواجب فتح الحوار مع تلك الجهات، وكانت"جبهة النصرة" العنوان العريض، والقصد العميم .

ـ في حين كانت هناك وجهات نظر أخرى تنبّه غلى مخاطر ما يجري، وإلى مجموعة العوامل : الذاتية والموضوعية التي تدخل على الخط لتقوية تلك الاتجاهات على حساب الخط الوطني، وتشكيل جيش وطني حقيقي موحد القرا، والتشكيل والاستراتيجية .

ـ لقد انهمرت الإعانات من الدول الخليجية باتجاه قوى متشددة، وفتحت آلاف الجيوب والوسائل للتمويل والتسليح، وكان واضحاً الانحياز والتمييز في الدعم والتسليح لجهات بعينها، ومحاربة آخرين.. لدرجة حدوث انهيارات متتالية في قوى وكتائب تمسكت بالخط الوطني وبمرجعية الثورة لصالح التشدد والمرجعية الإسلامية الأحادية التي راحت تفصح أكثر فأكثر عن تلك الأحادية على شكل إمارات، وخلافة، وأحكام ومحاكم وكثير من التصرفات.. 

ـ وحين قبل الإئتلاف طائعاً بعد ولادته بشهر واقعاً مفروضاً : تشكيل هيئة للأركان لا علاقة له بها، ولم يكن له فيها اي دور.. راح يحاول الملامسة عبر الترقيع، ثم بسياسة شراء الولاءات غير الثابتة، وتقريب وإبعاد هذا وذاك.. بينما كانت هيئة الأركان تواجه قاعاً صفصفاً تحولها إلى مركز بريدي، ووسيلة وغطاء..بينما القوى المسلحة على الأرض تتصرف ـ كل منها ـ وفق أجندة خاصة، وتتطاحن فيما بينها لتحصيل نصيب أكبر من المغانم، والمال، والسلاح، والجغرافيا، وهي لذلك كانت مستعدة للتواطؤ والتخاذل وبيع المواقف مقابل صفقات مشبوهة تخلت فيها عن الأرض، وعن مواقع حساسة.. كالقصير وحمص.. وعديد.. بينما كانت" داعش" تتقدّم.. ومعها قوات النظام المدعومة من قبل إيران وأحزاب الله، وهذا الزخم المستفيد من حالة الفوضى، والرخاوة في الجسم الهلامي المحسوب على الجيش الحر.. والذي ليس أكثر من يافطة فضفاضة تستخدم للتوظيف لا أكثر..

************

ربما جميعاً لم نكن لنقدر على فعل الكثير، لكن التقديرات المبكرة حول قوة "داعش" وخزين إمدادها، وقواها، والتركيز على أنها بضعة مئات، فآلاف من الغرباء..كان يصبّ في ذات المنحى الخاطئ، ويبعد الإئتلاف عن الواقع مسافات تتسع حتى إذا ما فاجأت "داعش " الجميع، وظهرت ك"الغول" الشره، القوي، ووصلت العراق، وسيطرت على معظم المناطق التي تقع خارج تحكم النظام.. رحنا نضرب كفاً بكف اللاحول ولا قوة، ونلعن ونشتم.. وظهرت الأركان ـ كما عبّر بعض اركانها ـ كشاهد زور، ولا علاقة لها أبداً بكل الذي يجري، ولا تقدر على إنجاد حلب وسواها.. وهي تنتظر " رحمة ربي" وما تنويه داعش .. وصراعها الذي فتح مع نظام الطغمة..

************

اليوم والسكين على رقبة الثورة، والبلد ومستقبله، والإئتلاف السجين بتلك الرهانات والعقليات.. والمناطق التي كانت تحت السيطرة تنزاح تدريحياً لأقل من عشرة بالمائة، وأخطار داعش ، والنظام تقترب من بقية المناطق.. وصولاً لريف دمشق، وحوران، وما تبقى من ريف إدلب هل يمكن الاكتفاء بسياسة الهروب للأمام، والإشادة"بانتصارات" جزئية في مواقع وبقع صغيرة، أو حقن الناس بوعود ضخمة عن تشكيل " جيش وطني" بآلاف الأعداد، أو "قوة تدخل سريع" ولا أعرف بقية التسميات ؟؟، أم المطلوب جلسات تقويم واقعية للأوضاع بعيدة عن ردود الفعل والكيدية، أو الانحياز تدرس الواقع الميداني، وتستخلص النتائج والممكن من الحلول، وتبدأ بتطبيقها بالصمت اللازم، والسرية المطلوبة البعيدة عن الاستعراض، وإبراز عضلات منفوخة تصلح للصراخ والتهويل.. والتعمية أكثر منها لمعالجة واقع لا يمكن لأي غربال أن يغطيه.. هذا دون الحديث الواجب عن حجم الفساد، والفوضى، والنهب، وأمراء الحرب الذين يتوالدون كالأفاعي والعقارب..