الإفطار في شهر رمضان.. بين الحرية و التجريم

الإفطار في شهر رمضان..

بين الحرية و التجريم

د. حمزة رستناوي

[email protected]

بداية سنقوم بعرض التعميم الصادر عن الهيئة الاسلامية لإدارة المناطق المحررة في محافظة ادلب.و من ثم سنقوم بتقديم قراءتين نقديتين له:

القراءة النقدية الاولى : استنادا لمرجعية البداهة الحيوية الكونية , و هي مرجعية تشمل عامة الناس عبر العصور - للكاتب : حمزة رستناوي.

القراءة النقدية الثانية : استنادا لمرجعية العقد الفئوي الاسلامي – للكاتب علي الأمين السويد.

*

بسم الله الرحمن الرحيم

الهيئة المركزية

تعميم

يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.

و لما كان صوم رمضان فريضة محكمة , و يحرم الافطار فيه من غير عذر , و كذلك المجاهرة في الافطار فيه , فإن الهيئة الاسلامية لإدارة المناطق المحررة في محافظة ادلب تكلف الفصائل المجاهدة بإلقاء القبض على كل مفطر من غير عذر شرعي , و تحويله الى المحاكم الشرعية لتطبيق حكم الله فيه.

رئيس مكتب القضاء

أبو كلال .

المصدر : الصفحة الشخصية – على الفيسبوك - لرئيس مكتب القضاء في المحكمة المركزية : عبد الرحمن الأحمد , أبو كلال . و التعميم موقع باسمه.

(1)

القراءة النقدية الأولى : بالاستناد لمرجعية البداهة الحيوية الكونية -  للكاتب : حمزة رستناوي.

الحكم : وجود قرائن نفي للبداهة الحيوية الكونية (البرهان الحيوي) , و القرائن هي التالية:

أوّلا : إن عامة الناس و عبر العصور , يرفضون الزامهم بطقس تعبدي مُخصص لفئوية دينية معيّنة , و تعريضهم  للعقاب بسبب ذلك.

ثانياً : المصالح المعروضة تتنافي مع أولوية و برهان فطرة الحريّة , حيث أن الحرية هي ارادة الحياة , و إن التقييد الوارد في مصالح التعميم , لا تقره ضرورة حيوية , يقبلها أو يقدّرها عموم الناس عبر العصور. و الأصل في الحياة هو الافطار و ليس الصيام , و الاصل في الاعتقاد هو الحرية " لا إكراه في الدين " .

ثالثاً : نفي برهان الحدوث , حيث أن المصالح المعروضة تتحوّى (تعرض) لمصالح تطبيق " حدود الله " بالإطلاق , من دون قرينه – يقبلها عموم الناس – على كون معاقبة الشخص المُفطر هي من حدود الله , و من دون برهان حدوث أن الله قد كلّف المعنيين بإصدار هذا التعميم باسم الله (تعالى ) او تنفيذه كوكلاء عن الله (تعالى) .

(2)

القراءة النقدية الثانية : استنادا لمرجعية العقد الفئوي الاسلامي – للكاتب علي الأمين السويد.

"كفّر الحمار لعدم نطقه بالشهادتين و قتله "

كمسلم أعتقد و أؤمن بأن الله خلق الناس جميعا , و عرض عليهم طريقي الخير و الشر , و عرفهما لهم , و أوضح نتائج اتباعهما بعد الحياة , و ذلك من خلال عدة طرق. قال تعالى :" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " البلد 10 , فآمن بعض الناس بما عرض الله و رفضه معظم الناس. و مع ذلك لم يغضب ذلك الله و استمر في إدارة هذا الكون دون أن يعاقب من رفض فكرة و جوده هو من الناس عقوبة مباشرة ، وقد قال تعالى في سورة في الآية 17 من سورة الاسراء:

كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا.

أي أن الله صاحب الشأن و المعني الاول بالعبادة لم يأبه لــ "هولاء " الرافضين له و لم يحظر عطائه عنهم و لم يعاقبهم أو يقتلهم في الدنيا.

الشرع الاسلامي عقد بين الشخص و بين ربه. و العقد شريعة المتعاقدين و هو ملزم للطرفين. فما كان من هذا العقد احترم و ما كان ليس من العقد اهمل. ناهيك بأن العقد لا يلزم غير المتعاقد فيه.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله ، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله ، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله."

فمن قول النبي صلى الله عليه و سلم ندرك بأن انتهاك حدود الله للمسلمين "أصحاب العقد " ممكن أن يتم في السر فاتحا المجال للتوبة. ولكن الحديث عن "انتهاك " "حدود الله " و ليس الحديث عن ما هو ليس حدوداً لله. 

فالاكل و الشرب في نهار رمضان بالنسبة للمسلم ليس انتهاكا لحد من حدود الله التي تعاقب عليها السلطة الحاكمة بوصف الافطار في نهار رمضان "حداً ". لذلك هي ان فعلت فهو من قبيل تطبيق ارادة الحاكم المستبدة.

فما بلك بتطبيق عقوبة اشهار الاكل و الشرب على غير الموقعين على العقد ، أي غير المسلمين ؟ فهذا مخالف لبدهية ابرام العقود. فكيف يعاقب ملحداً على إشهاره لإفطاره في رمضان "وهذه ليس لها عقوبة عند اصحاب العقد ذاتهم اصلاً " بينما ذاك (الملحد) لا يؤمن بوجود طرف العقد الآخر بالاصل ؟ وهذا ما حصل مع داعش الارهابية حين عاقبت نصرانيين بتهمة الافطار و البست نسائهم الحجاب الداعشي.  و هم بذلك كمن يكفر ويقتل الحمار لأنه رفض النطق بالشهادتين.

*المصدر : الفيسبوك – موقع مدرسة دمشق للمنطق الحيوي – مجموعة مفتوحة.