حتى لا نتعرض لسُنة الإستبدال

أمة ينتهك عرضها فى أقصى شرق الصين ويباد هناك كل من نطق بالشهادتين، أمة تقطع فيها رقبة المسلم وجزارها الكافر فى كامل ثيابه مع أهل الإجرام فى قصر الحكم بعاصمة الدولة الأموية دمشق! أي أمة هذه؟

أمة قلة من شعوبها تأكل الكافيار وتدخن السيجار ومعظم شعوبها تبحث فى صناديق الزبالة عما يشبع بعض جوعها...

أي أمة هذه؟ ألاّ يستحى حكام هذه الأمة من تصرفاتهم وهم يرفلون في ثيابهم الأنيقة وابتساماتهم الرشيقة مرسومة بدقة وعناية على صفحة وجوههم!

الأناقة والشياكة والعطور لا تحل قضايانا ولا العرى والسفور والتبذل والانحطاط كذلك لن يحل قضايانا.

هذه الأمة أكرر .. ألا يستحى معظم حكامها من تصرفاتهم والجزارة المستمرة فى دمشق حاضرة الدنيا وحاضنة الفكر. عرضنا المنتهك فى مانيمار التى فتحها التجار العرب بأخلاقهم الرفيعة قبل قرون.

مآسي العراق أم مآسي المصالحة الفلسطينية بين حماس ورام الله. ما يحدث للمسلم فى شمال نيجيريا من قتل وإبادة وتشريد.

بدلاً من أن تنتج الدول الإسلامية الأفلام والمسلسلات وتنفق الأموال الطائلة على التفاهة فلتوجه هذه الأموال إلى إنقاذ الشعوب المسلمة الفقيرة الضائعة المشردة فى كل أنحاء الأرض والتي لا تجد لقمة العيش فى الوقت الذي ترمى فيه الدول الطافحة بالبترول ما تبقى من طعامها وهو 4/3 مائدتها – فى صناديق الزبالة!

ليس هناك ما يبرر صمتنا نحن أمة الإسلام. الأمم قاطبة تضحك ملء شدقيها علينا كأمة قوامها مليار وأكثر من نصف مليار مسلم لا تملك من أمرها شيئاً – نحن أمة فقدت هدفها وانحرفت بوصلتها.

نضحك كثيراً. نشبع الغرائز بشكل جنوني كما أرادت لنا (الثقافة) الوافدة. لا ضابط لنا ولا رابط. أسقطنا كل الحدود وأصبحت حياتنا خالية من أي شكل من أشكال الانضباط.

نحن أمة لا نشبع غريزتنا إلا طبقاً لقيود شريعتنا وقد (فك) السفلة القيود وانطلقت كل الغرائز... بلاء عظيم تتعرض له الأمة الإسلامية كلها ومنها مصر أمنا وأم الدنيا.

إطلاق الغرائز سيدمر الأمة التى لا تعمل ولا يراد لها أن تعمل.

ليست مصر فقط هي التي يراد لها ألا تعمل!

كل الأمة الإسلامية لا يراد لها أن تعمل ولا تقوم من رقدتها التى طالت.. ليست مصر يا سادة هي التي يراد لها ألا تعمل. الأمة الإسلامية التي قوامها مليار وأكثر يدبر لها ألا تعمل لتظل تابعة لما يطلق عليه الدول الكبرى (الاستعمارية) الدول التى تنهب ثروات الأمم وتحفر لها قبرها كما يقول الأستاذ روحية جارودي.

ناهبو ثروات الأمم أو ما يطلق عليه رجال الكشوف الجغرافية!!! اللصوص الكبار الذين نهبوا الثروات الأمم ونقلوها إلى بلادهم.

أن بيننا وبينهم مطارق الحداد.

الضحك فن جميل وقد يغنى مجرد الإبتسام عن كلام كثير.

ليس فى حياتنا ما يعد ضحكاً.

فقط مليئة هى بالسفالات وكل أنواع الحماقات.

سأل الأستاذ محمد أحمد المصرى (أبو لمعة) الأستاذ الكبير عباس العقاد وهو فى زيارته وكان يتأمل المكتية وقد امتلأت بكتب علم الحشرات فقال له: مكتبتكم مليئة بكتب تخص علم الحشرات وأنت تكتب فى الأدب؟

فقال العقاد: ألا تعلم أنني أكتب فى السياسة!!

(عن كتاب مع الأدباء للأستاذ الصحفي محمد نصر رحمه الله).

أما الأقوال الساقطة التى يطلقها الخاصة والعامة بلا خجل أو حياء فماذا نقول عنها إلا أنها سفالات تؤدى إلى تحطيم وكسر منظومة القيم العليا.

حياتنا كلها تحتاج إلى إعادة نظر.

سلوكياتنا تحتاج إلى تقويم.

لابد لهذه الأمة أن تنضبط على منهج الله وإلا فإنه السقوط الأكيد والإستبدال الذى هو من سنن الخالق تعاظم وارتفع.

أمة استهلك بعضها الترف المجنون وغاب عنها العدل والإنصاف بعد إلغاء المحاكم الشرعية واستبدال القوانين الشرعية بالقوانين الوضعية وهو يعد من الضلال المبين عند كبار العلماء ورغم كل ما كتب عن هذا الأمر من نقد لا تزال أمتنا غائبة عن تفعيل شرع الله ويؤذينا كثيراً أن نقرأ ونسمع ونشاهد (العقد شريعة المتعاقدين)!! لا شريعة إلا شريعة الله أيها الناس – لا شريعة معها أو بعدها أو فوقها وهي ناسخة لما قبها. ويمكن الرجوع إلى مؤلفات العلامة محمد عبد الله دراز فى كتابة القيم (مقارنة الأديان) وكذا العلامة على جريشة فى كتابة الرائع (المشروعية الإسلامية العليا) الذي نال بسببه ما نال من العذاب – رحمه الله رحمه واسعة.

لقد بلغ بنا الاستهتار حداً نخاف معه أن يستبدل الله بنا قوماً آخرين. أمه تملك كل مقومات النهوض لأنها الأمة الشاهدة ولكن ماذا نفعل مع صبيان الاستعمار وأفكارهم الهزيلة وإصرارهم وعنادهم أن يجعلوا من الأمة مسخاً مقابل ضخ الأموال حرصاً على أوضاعهم ومصالحهم إلا تضار.

رسالة إلى وزير (الثقافة) الجديد :

فى أوائل عشرينيات القرن الماضي تعرضت الأمة لعملية تفريغ قادها رجال أطلق عليهم (كتاب البعث) كان هدفهم جميعاً إقصاء الدين من حكم الحياة فوضع على رأس الثقافة رجال كانت مهمتهم الأساسية تفريغ العقول من كل ثقافة الأمة وثقافة الأمة هي دينها ودينها هو أمنها بلا جدال.

لذا أتمني أن تعود للأمة ثقافتها المستمدة من دينها وأن توقف كل البذاءات والسخافات والتطاول المستمر على الدين تحت مسمى الحداثة وأن تقدم مكتبة الأسرة أعمال الدكتور جمال حمدان، الدكتور المسيرى، الإمام محمد أبو زهرة، الشيخ محمد الغزالى، الدكتور القرضاوي، الدكتور سليمان حزين، الدكتور سيد عويس، وكفانا سلامة موسى الذي أفقدتنا كتبه توازننا العقلى وأتلفت عقول الكبار والناشئة وأن يضبط مهرجان القراءة للجميع وأن نكتفى بمهرجان البراءة للجميع الذي نراه بلا ضابط ! لابد من إتاحة الفرصة للكتاب الجاد حتى يمكن إعادة الوجه الحضاري لثقافة الأمة بدلاً من ثقافة (رل ديورانت) الهزلية.

والله يقول الحق وهو يهدي إلى الصواب !!!

وسوم: العدد 630