هل طبقت إيران الشعار الذي رفعته «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل» ؟

الموت لأمريكا والموت لإسرائيل هما شعاران رفعهما موالو إيران في المنطقة في كل تظاهرة يقيمونها معلنين كرههم لهاتين القوتين رياء والحقيقة أن الرياء اذا دخل على عمل أفسده وربما أحبطه.

فلا نكاد نرى مظاهرة أو تظاهرة أو خطابا لأحد الموالين لإيران الا ويهتف أنصاره بهذين الشعارين اللذين أصبحا وردا لهم جعل كل المتعاطفين مع القضية الفلسطينية يصرخون معهم بأعلى أصواتهم.

ولكن الحقيقة التي يخفيها الشعار أن الموت لم يكن لا لإسرائيل ولا لأمريكا فرافعو الشعار قد اختاروا الموت لأعداء إسرائيل من أولئك الضعفاء الذين تقلبت قلوبهم نحو حب إيران التي رأوا فيها المارد المقبل لتحريرهم وتحرير أراضيهم، ولكن المشاهد اليوم أن المارد قد دخل بيوتنا وأكل من خيراتنا وتزود منها ثم انقلب علينا ودمر مناطقنا وأشعلها نارا وحربا طائفية كان هو البادئ بها.

وهنا يعلق أحد الباحثين اليمنيين واصفا الشعار الذي يردده الحوثيون «الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود .. النصر للإسلام»،قائلا: «شعارٌ براقٌ جميلٌ، لا غبار عليه، والخلاف ليس عليه، ولا على كلماته ونظْمه ومعناه، لكن الخلاف حول حقيقته وتطبيقاته، ووسائله على أرض الواقع».

هذا الشعار كان قد فنده محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيرانى للشؤون القانونية والبرلمانية في حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي فى ختام اعمال مؤتمر عقد بإمارة أبو ظبى مساء الثلاثاء في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير 2004 بقوله «ان بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد افغانستان والعراق»، كما شدد على أن تنامي ما أسماه بالتيارات الدينية المتطرفة في الشرق الأوسط يرجع للسياسة الامريكية غير العادلة في المنطقة.

وفي المحاضرة التي ألقاها في ختام اعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي نظمه مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، أشار أبطحي الى أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة.

فيكفي لكل منصف أن يكون هذا التصريح دليل إدانة لإيران التي أسقطت دولتين وسلمتهما للأمريكان وشاركت في الجريمة التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء.

ربما يرى بعض النحاة واللغويين أن في الشعار المرفوع من الحوثيين «حذفا» تقديره «لأعداء» فتكون الجملة كاملة «الموت لأعداء إسرائيل الموت لأعداء أمريكا» وربما يشهد لهذا التركيب الجديد الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية التي فقدت «عروبتها» عندما كشرت إيران عن أنيابها وكشفت حقيقتها حينما عاثت في المنطقة فسادا وإفسادا ولم تترك مكانا إلا وخلقت فيه فتنة طائفية لأجل تحويله الى ولاية لها.

فها هي البحرين تتحول الى بلد طائفي سقط فيه المئات من القتلى والجرحى ممن خرجوا مطالبين بأن تكون إيران ولاية تابعة للفقيه بعد أن أصبحت العراق وسوريا واليمن ولبنان احداها.

فهذا لبنان قد دُمر في حرب تموز/يوليو 2006 وكان السبب في تدميره حزب الله الذي أشعل حربا فتتت معظم البنية التحتية للجنوب اللبناني راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن سقطوا جراء 34 يوما من القصف المستمر دفعت حسن نصر الله الى الاعترف في تصريحاته لقناة المنار التابعة للحزب في 27 من شهرا حزيران/ يونيو من العام نفسه قائلا» لو كنا نعلم أن خطفهما سيؤدي إلى ذلك، لم نكن لنقدم بالتأكيد على هذا الفعل» في إشارة الى خطف الجنديين الإسرائيليين.

فلقد سقط أكثر من ألف قتيل جراء اختطاف جنديين إسرائيليين أراد من خلالهما حزب الله أن يستعرض قوته معلنا للعالم عن وجوده وعن قدرته على اختراق العدو الإسرائيلي وإيلامه لكن الأسد اذا فقد أنيابه لا فرق بينه وبين النعامة وهو ماحصل فلقد اقتلعت إسرائيل أنيابه وجعلت منه أحد خدمها الحامين لحدودها مع لبنان رفقة قوات اليونيفيل ودفعت لبنان إلى تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة يطالب فيه إسرائيل بتعويضات «وافية» عن تدمير البنية التحتية وتلويث الشواطئ اللبنانية خلال الحرب.

أما في اليمن فلقد كان الحوثيون ذراعا عسكريا قويا لإيران في المنطقة للسيطرة عليه لموقعها الاستراتيجي الهام القادر على خنق التجارة العالمية اذا ما أحكمت قبضتها عليه،فلقد أرسلت لجماعة أنصار الله الحوثية الأسلحة ودربتهم ومولتهم ودرستهم ولم تبخل عليهم بأي شيء يحتاجونه، ولقد صبرت إيران ونالت الجائزة بعد سنوات حين سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومعظم المدن اليمنية فارضين سياستهم ومعلنين ولاءهم لإيران لتكون اليمن ولاية جديدة لها دُمرت مؤسساتها واشتعلت الطائفية بها.

أما سوريا التي أصبحت ظلاما وركاما بعد ان كان النور يميزها والكرم يزينها، أضحى شعبها إما مهجرا أو نازحا وإما مهاجرا غارقا في البحار بسبب الحرب الأهلية التي راح ضحيتها أكثر من مائتي ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى وملايين النازحين.

سوريا بلد الكرم والشيم والرجولة أصبح فيها السوري يبحث عن رغيف خبز يابس يسكت به جوعه ويملأ به بطنه الذي ربما ظل لأيام طوال لم يدخله من الطعام شيئا.

كل هذه الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بدعم إيراني كان هدفها الدفاع عن نظام ديكتاتوري فاشي مستعد لتدمير بلد كامل من أجل السلطة وكانت الميليشيات الإيرانية في الوقت نفسه تدافع عن المراقد الشيعية التي أسمت بعض كتائبها على اسمها.

أما عراق الأمجاد والأجداد كتب عليه أن يعيش في الفساد والإفساد بأنواعه فهذه بغداد أسيرة وهذه النجف وكربلاء وسامراء تحتشد فيها إيران وميليشياتها والمتعاطفون معها متوعدين كل من يقف أمامهم بالدحر والقتل والسحل والعرب نيام.

هذه هي هدايا إيران للمنطقة العربية للسيطرة على كل شبر فيها وإقامة الامبراطورية الإيرانية الكبرى فلن تهنأ إيران حتى تكون المنطقة كاملة بقراها ومدنها تحت سيطرتها وحتى يكون كل العرب محكومين من قبلها ولو كلفها ذلك الكثير فما من منطقة دخلتها إلا وأفسدتها وحلت الطائفية محل السلم.

والمشكلة الكبرى بعد كل هذه الحقائق أن إيران لم تخدش لا أمريكا ولا إسرائيل رغم الشعارات التي رفعها أنصارها، بل قتلت كل أهوازي خرج عن سلطتها معدمة اياه في الساحات العامة غير محترمة لشيبته أو شبابه.

لقد بان بالكاشف لكل منصف أن إيران تقود معركة حقيقية مع كل الدول في المنطقة وما تهديداتها المتواصلة الا دليل على ذلك فما من يوم يمر إلا ولإيران فيه طامة جديدة اما بتصريحات سياسييها أو بالخلايا النائمة التي سرعان ما يتم الكشف عنها وآخرها خلية حزب الله في الكويت التي أدخلت الأسلحة من إيران للقيام بعمليات مسلحة في البلاد.

أما تصريحات سياسييهم فسرعان ما تفند الشعارات المرفوعة من قبل الموالين لها والمتعاطفين معها آخرها ما نقله الكاتب بصحيفة «الاندبندنت» البريطانية كيم سنغوبتا عن دبلوماسي إيراني، لم يسمه، قوله «إن الوقت قد حان لننحي جانبا خلافات الماضي ونواجه العدو المشترك. لقد توصلنا إلى اتفاقية حول الملف النووي البالغ التعقيد، فلماذا لا يمكننا التوصل إلى اتفاق بشأن محاربة ارهاب تنظيم الدولة».

فمحاربة العدو المشترك بينها وبين الشيطان الأكبر الذي أعلنت الموت له ولحلفائه أولى عندها من سحب مقاتليها من العراق وسوريا وأولى عندها من ترك الاحوازيين يقررون مصيرهم وترك الدول الشقيقة تواجه سياستها دون ايقاد نار الفتنة التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء. وفي الأخير أعتقد أن حقيقة الشعار هي الاتي :

«الموت لليمنيين .. القتل للعراقيين .. الذبح للسوريين .. النصر لإيران»

فهل يمكن أن يفند المستقبل هذه المزاعم ؟

وسوم: العدد 630