العروبيّة والشّعوبيه على شاطئ الفرات

عبد السلام السلامة

ثورة العشائر في العراق..

لماذا لم تكن في سوريا؟

عبد السلام السلامة

يتساءل كثيرون من أبناء العشائر السورية بمرارة عن السبب في الفارق الكبير بين مواقف زعماء العشائر العربية في العراق وبين موافق زعماء العشائر في سوريا..

السؤال يبدو بسيطاً وعفوياً، ولكنّ نظرة متعمّقة في منهج البعثيين في حكم سوريا ومنهج أقرانهم في حكم العراق يفسّر الفارق الكبير في المواقف على طرفي الحدود.

بداية ، فإن أكثر العشائر في العراق وسوريا هي من قبائل واحدة. بل إن بعضها هي من أفخاذ عشائرية واحدة.. بل ومن عائلات واحدة.. وبالتالي فإن الخلاف في المواقف ليس ناتجاً عن قيم عشائرية سامية هنا أو منحطّة هناك.. وإنّما الأمر يعود إلى أن صدام حسين كان يرى أن قوة العشائر تعزز قوّته خاصّة وقد خاض حربا طاحنة مع إيران الفارسية التي عمل زعماؤها على توظيف المذهبية في حربهم معه. فعمل على تعزيز مكانة زعماء العشائر ليضمن ولاء أبناء العشائر في الجيش والأجهزة الأمنيّة ومؤسسات الدولة. أمّا في سوريا فإن الأقليّات المذهبية والدينية هي التي صنعت انقلاب 8آذار في عام 1963 ثم عملت تلك الأقليات على أحكام سيطرتها على مقاليد البلاد شيئاً فشيئاً إلى أن أنشبت براثنها في كل مؤسسات الدولة وشرايين المجتمع من أجل أن تضمن بقاءها في السُلطة..

وطبيعي في مثل هذه الحالة أن يكون أخظر عدوّين على البعثثين في سوريا هما :

الإسلام وقد حاربوه منذ الأسابيع الأولى لاستيلائهم على الحكم، عندما قصفوا مسجد السلطان في حماة واقتحموا المسجد الأموي في دمشق بالدبابات بعد ذلك بأشهر قليلة،

العروبة، وقد حاربها الرفاق في سوريا منذ اللحظات الأولى للانقلاب حيث تم تسريح مئات الضباط من أبناء العشائر في يوم 8 آذار واستجلاب مئات غيرهم من أبناء الأقليات ليأخذوا مكانه الضباط المسرحين في الجيش والأجهزة الأمنية.. ولقد عمد البعثيون على تمزيق أواصر العشائر بل وحتى العائلات الكبيرة وجعلوا الساقطين المنحطيّن من أبنائها عملاء وجواسيس على أقاربهم. ولقد رأينا وسمعنا عن اعتقال وإهانة ومطاردة رجالات العشائر الكبار منذ بدايات استيلاء البعثيين على الحكم . بل لقد كان المجرمون يستشعرون أن قوة الترابط العشائري سوف تهدد سبطرتهم على البلاد، فمزقوا العشائر وأهانوا زعماءها ليسهل عليهم استعباد أبنائها..

إن في عشائر سوريا رجالاً قادرين على الفعل المؤثر في دعم الثورة، بل وفي قيادتها..

ويبقى المطلوب هو العمل على الوصول إلى هؤلاء.. وهنا لابد من التنبيه إلى أمرين:

الأول هو أن الكثيرين ممن لبسوا عباءات الشيوخ هم من الساقطين الذين صنعتهم أجهزة البعث. أمّا الذين يمكن التعويل عليهم فهم الذين نأوا بأنفسهم عن أن يتكسّبوا أو يتنصّبوا وهم يرون بلدهم يدمّر.. وليس من الصعب الوصول إليهم. بل إن بعضهم بادروا بإمكاناتهم الضعيفة، وحققوا نجاحات ..

والثاني هو أن يدرك الثوار المقاتلون على الأرض أن وقوف المقاتل إلى جانب أخيه وابن عمه أجدى له من الاستعانة بأشباح مجهولين يلبسون لباس الإسلام، ولا أحد يعرف ماذا يخفي ذلك اللباس.