أمريكا تتضامن مع الشعب الفلسطيني ظاهراً وتطعنه باطناً

استضاف المسرح الكبير بمقر الجامعة الأمريكية بميدان التحرير بالقاهرة مساء الاثنين 30 نوفمبر احتفالية يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني بحضور مسؤولين من منظمة الأمم المتحدة ومصر وفلسطين وحشد كبير من الفلسطينيين المقيمين بالقاهرة.

 وتحدث مساعد وزير الخارجية المصري السفير هشام بدر مؤكداً أن القضية الفلسطينية لا تزال على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية رغم الصعوبات التي تواجهها المنطقة العربية في اللحظة الراهنة.

وقال: يمعن الاحتلال في تكريس واقع جديد على الأرض تبرز أهم معالمه في تصاعد غير مسبوق للأنشطة الاستيطانية غير عابىء بالرفض الدولي لهذه الأنشطة وغيرها من ممارسات محمومة هدمت المنازل وصادرت الأراضي على الرغم مما يتمتع به الفلسطينيون من احترامهم للمواثيق الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الموقع عليها عام 1949م.

وتأتي الاعتداءات على الأطفال والنساء وحرمة أماكن العبادة الإسلامية لا سيما المسجد الأقصى المبارك في مقدمة تلك الانتهاكات.

هذه الممارسات تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية من شأن استمرارها فتح أبواب الصراع الديني الذي تنمو على جوانبه قوى التطرف والإرهاب.

لقد طرحت القضية الفلسطينية عام 1974 على جدول أعمال الأمم المتحدة كقضية وطنية تتضمن تأييد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب لفلسطيني.

وقد توافقت الجمعية العامة في قرارها 3236 الصادر في 22 نوفمبر 1974 على إقرار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره دون تدخل خارجي، وحقه في الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية، وحقه في العودة إلى أرضه وممتلكاته التي شرد عنها واقتلع منها.

وذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك الحين أن تنفيذ هذه الحقوق أمر لا بد منه لحل القضية الفلسطينية وأصدرت قرارها رقم 3376 الصادر في 10 نوفمبر 1975م بإنشاء اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف.

أصدرت اللجنة بيانها الأول الذي تضمن توصيات تم رفعها إلى مجلس الأمن للتصويت عليها، ومما جاء فيه أنه لا يمكن تصور أي حل لا ينظر إلى حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في حق العودة وحق الاستقلال وتحقيق المصير.

لكن مجلس الأمن لم يعتمد هذه التوصيات بسبب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراض عليها.

وبالتالي لم تجد أي توصية من هذه التوصيات طريقها إلى التنفيذ برغم موافقة الأغلبية الساحقة في الجمعية العمومية التي لا تزال تتلقى التقارير تلو التقارير وكلها تطالب بذات الحقوق الغير قابلة للتصرف أو التغيير.

وهذا يعني، تجميد الاستيطان، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، وعلى رأسها القدس الشرقية، وتوفير حماية دولية للفلسطينيين فيها.

واستشهد مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين د. إبراهيم عوض في مستهل حديثه ببيتين من الشعر، هما:

فلسطين إذا ما ذكرتك... أورق في شفتي الشجر

فكيف سألغي شعوري وحبك... مثل القضاء ومثل القدر

وقال إن التضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني هو تضامن مع الحقوق الإنسانية التي تقرها كافة العهود والمواثيق الدولية.

وأشار إلى أن قرار التقسيم الصادر منذ زهاء سبعين عاماً لم ينفذ إلى اليوم.

وقالت مديرة مركز الأمم المتحدة للإعلام سوسن غوشة إن المستوطنات تزيد وإن الاعتقالات مستمرة وإن القهر اليومي الواقع على الشعب الفلسطيني مستمر لكن في مقابل ذلك يزداد التضامن مع الشعب الفلسطيني كل يوم وفي كل مكان.

شركات أوروبية أصبحت تقاطع منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وجامعات أوروبية باتت تقاطع الجامعات الإسرائيلية، وعلى الدرب ذاته سار الفنانون والكتاب والمثقفون.

ومن ناحيته، قال سفير فلسطين بالقاهرة جمال الشوبكي إن المجتمع الدولي عندما يقرر يوماً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني فإنه يعترف ضمنياً بأن شعب فلسطين تعرض للقهر والظلم وهو ومنذ عام 1948 والنكبة لا تزال تعيش فيه وتتعمق يوماً بعد آخر.

وإن لم ينصف شعب فلسطين من جلاديه، فإن إسرائيل ستبقى فوق القانون الدولي تتحداه ووتحدى واضعيه.

وقبل أيام صوتت 171 دولة على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في إطار هذه اللجنة الدولية التي تدعم الحقوق الفلسطينية وهذا يعني أن المجتمع الدولي مع هذه الحقوق لكن الذي يتحداه في الواقع هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنع تطبيق القرارات الدولية ضد إسرائيل.

فوجود إسرائيل اليوم حسب القانون الدولي هو وجود غير قانوني وغير شرعي ويشكل بناء المستوطنات جريمة من جرائم الحرب.

في عام 1947 أعطى قرار التقسيم الجائر إسرائيل 56% من مساحة أرض فلسطين العربية، بينما أعطى أصحاب الأرض 44% والآن نقبل بـ 22% وحتى الآن ترفض إسرائيل!!

ونحن لا نزال نضمد جراحنا من جراء الحرب القذرة على أبناء شعبنا عام 2014  والتي خلفت أكثر من 2000 شهيد و12 ألف جريح وهدم أكثر من 13 ألف منزل، إذا بالاحتلال يحاول تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانياً فيثور شعبنا ويغضب الشباب حديث العمر معلنين سخطهم على الاحتلال ورفضهم له.

وقال جمال الشوبكي إننا نتمسك بعروبية قضيتنا وإسلاميتها كما نتمسك بمركزيتها وبأن حلها هو حل لجميع مشاكل منطقة الشرق الأوسط.

وفي تصريح خاص لـ "رابطة أدباء الشام" أجاب الباحث المختص بالشؤون الفلسطينية م. محمد عصمت الدولة عن سؤالي له: لماذا يجب علينا أن نحيى ذكرى قرار تقسيم فلسطين الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧؟

1)   لأنها فرصة لننقل القضية وحكايتها وحقيقتها إلى أولادنا الذين لم يتعرفوا عليها بعد، خاصة بعد أن توقفت غالبية الأنظمة العربية عن القيام بهذ الدور، وحين تفعل فإنها تلقنهم روايات مضللة ومزيفة.

2)   كما أن لإحياء ذكرى هذا العام أهمية خاصة، وهى دعم الشعب الفلسطينى فى انتفاضته الثالثة المتفجرة اليوم فى الأرض المحتلة، والتى وقع فيها حتى يومنا هذا ما يزيد عن 100 شهيد.

3)   وكذلك لنتذكر ونتعظ ونتفكر ونتدبر فى أكبر جريمة استعمارية إرهابية دولية شاهدها العالم فى تاريخه، إذ تحالف الجميع ضدنا، لا فرق فى ذلك بين أمريكان وسوفييت.

4)   وللتأكيد على فشل المشروع الصهيونى، فبرغم مرور ٦٨ عاما من الاحتلال وسيول الدعم العسكري والاقتصادى والغطاء الدولى من أقوى دول العالم ومؤسساتها الدولية المصبوبة عليه صباً، لا يزال أصحاب الأرض هنا، لم يتوقفوا لحظة واحدة عن المقاومة.

5)   كما أن فى إحياء ذكرى قرار التقسيم ٤٧ والنكبة ٤٨، تأكيد على حقيقة الصراع وطبيعته وهدفه النهائى المتمثل فى تحرير كامل الأرض المحتلة منذ 1948، فى مواجهة الصهاينة العرب الذين يروّجون أن فلسطين التى تخصنا تقتصر على أرض ٦٧ فقط.

6)   ولنتعاهد ونجدد التزامنا بإنهاء هذا الكيان الصهيونى ومشروعه، وما يترتب على ذلك من رفض الإعتراف بـ (إسرائيل) أو الصلح معها. والعمل على إسقاط كل الاتفاقيات العربية معها، بداية من كامب ديفيد ومرورا بأوسلو ووادى عربة وانتهاء بمبادرة السلام العربية والدعوات الحالية لتوسيع السلام معها. مع الحرص على تقديم كل الدعم للمقاومة الفلسطينية، والعمل على إحياء الحركات واللجان الشعبية العربية لنصرة فلسطين ومناهضة إسرائيل والصهيونية.

7)   وللرد على العرب من أصدقاء إسرائيل، الذين ينشرون روح الهزيمة والاستسلام ويهاجمون رفض أسلافنا الإعتراف بإسرائيل ورفضهم لقرار التقسيم. ففى إحياء الذكرى تأكيد على صواب الموقف العربى الرسمى والشعبى فى ذلك الوقت، الذى أجمع على رفضه للقرار 181 والتفريط فى أى جزء من فلسطين إلى العصابات الصهيونية وهو الموقف الذى صمد واستمر إلى أن بدأ السادات بكسره والانقلاب عليه فى اتفاقيات كامب ديفيد، ثم لحقه الحكام العرب واحدا تلو الآخر.

8)   ولنؤكد أن قضية فلسطين ومواجهة الكيان الصهيونى، ستظل دائما هى القضية المركزية لدى الشعوب العربية، حتى بعد أن تخلت عنها الأنظمة العربية. وتتجاهل مؤسساتها الإعلامية أى إشارة إلى هذه الذكرى الأليمة.

9)   كما أنها البوصلة الوحيدة الصحيحة والنبيلة، فى ظل غابة كثيفة من الانقسام والصراع والاقتتال العربى/ العربى.

10)  وأخيرا وليس آخرا، لكى نواصل فرز صفوفنا وطنيا وعربيا، بين أنصار فلسطين وبين أصدقاء إسرائيل.

وسوم: العدد 644