الأمنُ السعودي والأمنُ السوري

د. حامد بن أحمد الرفاعي

ما علاقة ما يجري في سورية بأمن بلادنا ليكون دفاعاً لا مناط منه ؟ لا أفهم؟أحسب أن من يتساءل مثل هذا التساؤل الآنف الذكر..وبعد ما يقرب من خمس سنوات على مشاهدات رقعة الشطرنج الفارسي - الصهيوني وأحجارها المحتدمة الصراع مع القوى السياسية على أرض سورية..بحاجة ملحة لأن يراجع فهمه وموقفه وتساؤله..أمّا أن كون سعادته (لا يفهم) حالة ارتباط أمن السعودية بل وأمن الأمة العربية والإسلامية بأمن الدفاع عن الحالة السورية..؟؟؟فهذا أمر فيه من الغرابة ما يكفيه..والأكثر غربة وتعجباً قوله:فلنتخيل أسوء الاحتمالات حيث تتمدد إيران حتى يصل فضاؤها الحيوي لبنان واللاذقية على شواطئ شرق البحر المتوسط؟ ما الذي يضيرنا في هذا؟حتى لو تحكمت إيران بالمنافذ المائية والبحار المحيطة بنا،ماذا يضيرنا هذا؟ ولماذا توقف سعادته في تأملاته وعجائب تساؤلاته..؟! فليقل:وماذا لو احتلت إيران اليمن..؟ وماذا لو احتلت إيران البحرين وباقي إماراتات  الخليج..؟وماذا لو تحقق -لا سمح الله - حلمها الأكبر وغايتها الأقدس باحتلال مكة المكرمة وإقامة إمامتها الكبرى المحبوسة تنتظر هذا الوعد الرباني المزعوم منذ قرون..؟؟؟!!!إن مثل هذه التساؤلات من سعادة الأستاذ الكريم والتي لا تضيره نتائجها..تذكرني بجواب بعض الغيورين من أبناء عزوتنا وجلدتنا من مستشاري الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في اواسط الأربعينات من القرن المنصرم حين سألهم:(وش الراي يا الربع ببرقية تشرشل هذه ..؟)كان تشرشل بعث برقية لابن سعود يستأذنه بمرور وحدات من الجيش البريطاني المتجهة من الأردن إلى العراق..فقالوا رحمهم الله تعالى جميعاً:يا طويل العمر حِنَّا مالنا ومال بلى تشرشل وجيوشه ..؟قله يا طويل العمر يجنب عَنَّا وعن بلادنا ..حِنَّا مالنا لا ناقة ولا جمل باللي يصير..حِنّا ترانا آمنين في بلاد بيت الله وهو حامينا سبحانه..!!!فالتفت عبد العزيز إلى ضيفه(طارق بيك الإفريقي)وهو خبير عسكري كان قد أحضره ليستفيد من خبرته بشأن تشكيل جيش سعودي..قائلاً:وش راي طارق بيك باللي سمع..؟فأجاب:أمّا قول الأخوة(لا ناقة ولا جمل لهم باللي يصير)فأقول:هم الناقة والجمل باللي يصير..وأمّا برقية تشرشل فلها معنى أبعد بكثير مما ذكر واستأذن من أجله..إنها تعبير عن اعترافه بسيادة سلطانكم على بلادكم .. وأنه يرغب في فتح حوار وتفاهم مع جلالتكم..فرفع ابن سعود رأسه يتأمل بعمق ما قاله طارق بيك..وأترك التعليق لأولي الألباب..كما تذكرني تساؤلات سعادة الأستاذ الفاضل بما قاله من قريب أحد طلبة العلم من مشايخنا الأجلاء في إحدى الديوانيات الأسبوعية بجدة..حيث فاجأنا - سلمه الله - فقال:(نحن أمة قد تكفل الله برزقها وأمنها وحفظها لنتفرغ نحن للدعوة وتعريف الناس بدينه سبحانه..؟؟؟!!!!!!)وبعد فإن مرارة اضطراب المفاهيم التي تواجهنا لتلجم اللسان عن الاستمرار في المزيد من التعليق على تساؤلات الأستاذ الفاضل..نسألك اللَّهم العون والسداد لإمام البلاد وجميع ولاة أمرها..اللَّهم قيض لهم من يعينهم على تذليل تضاريس التحديات الكبرى التي يواجهونها بسبب من إصرارهم على التمسك براية(لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتحكيم شرعتها..وإعلاء صروح بنيانها وسيادتها وأمنها..اللَّهم آمين. 

وسوم: العدد 644