الإخوان وقضية السلمية، موقف ثابت لن نحيد عنه

إلى كل من يسأل عن موقف جماعة الإخوان المسلمين من السلمية والعنف

فكرها يقرر

ومنهجها يشهد

وسيرتها تثبت

وتصريحات قادتها ومسئوليها عبر التاريخ تؤكد

ومرشدها يصرح

" سلميتنا أقوى من الرصاص "

وإليك أخي القارئ الكريم التصريح التالي:

فضيلة المرشد العام الصابر المحتسب

نهجنا سلمي وموقفنا ثابت تجاه الإنقلاب

ثورتنا سلمية ولا تفريط في شرعية الرئيس

وجَّه فضيلة المرشد الصابر المحتسب الدكتور محمد بديع، الأحد 17 صفر 1437 ه- 29 نوفمبر 2015م من قاعة محكمة جنايات الإسماعيلية المصرية، المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، رسالة إلى الشعب المصري، حث فيها جموع الشعب على الاستمرار في النهج الثوري السلمي لاسترداد ثورة 25 يناير، وتوحيد الصف الثوري والحفاظ على مكتسبات الثورة، والحفاظ على الشرعية وعدم التفريط فيها مهما كانت المساومات.

وشدد فضيلته خلال الرسالة على أن جماعة الإخوان المسلمين، طالما انتهجت الخط السلمي في حلمها وهدفها نحو إصلاح الأمة، وأنها مستمرة في النهج السلمي حتى تحقيق أهداف الثورة، وحث جموع الشعب المصري على الاستمرار والثبات في ثورتهم حتى زوال الانقلاب العسكري واسترداد الثورة.

**************

ركن الثبات..

أساس انتصار الدعوات

لا يمكن لأي دعوة بأي حال من الأحوال، أن تصل إلى مرحلة الانتصار والتمكين، ما لم تتعرض إلى الكثير من الابتلاءات والمحن. وعلى قدر الصبر والثبات على المبدأ تكون قوة الانتصار وعظم آثاره،

ولهذا اعتبر الإمام الشهيد حسن البنا ركن الثبات أحد الأركان العشرة التي تقوم عليها جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنه أساس لنجاح الدعوات وقوتها، فبدونه لا تبقى دعوة، ولا ينعقد للأمة أي نصر، ونظراً لما ستتعرض له من محن وابتلاءات في المستقبل.

فدعوة الإخوان المسلمين والتي تحمل في ثناياها كل خير للأمة، لا شك أنها ستتعرض للكثير من العقبات ومحاولات إسكات صوتها، وما تتعرض له الجماعة ومن يقف معها في مصر من مجازر يومية مروعة خير مثال على ذلك.

حقيقة الثبات..

يقصد بالثبات أن يظل الأخ عاملاً مجاهداً في سبيل غايته، مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام، حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنين، إما الغاية، وإما الشهادة. وهو يحتاج إلى رجال من تكوين خاص، يتصفون بالإخلاص والتضحية والمجاهدة والصبر على ذلك، مع الصمود أمام المحن والابتلاءات، والإغراءات والتهديدات.

والثبات كان سمة بارزة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الكرام، حيث لم يتنازل عليه الصلاة السلام، عن أي من مبادئ دعوته، رغم كل ما تعرض له من الأذى والتضييق، طيلة سنوات عديدة، وعلى هذا الحال سار صحابته رضوان الله عليهم، فقدموا الشهداء تلو الشهداء، وصبروا على ما تعرضوا له، حتى مكن الله لهم دينهم، ونصرهم نصراً مؤزراً. وذلك كله نتيجة لأوامر إلهية تأمرهم بالثبات والصبر. كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}  [آل عمران:200]،

وقوله تعالى: {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [البقرة: 177]

ففي هذه الآيات درس للمؤمنين، أن لا تجزع قلوبهم عند كل فاجعة، ولا تتراجع عن خطواتها إن تعرضت لحدث جلل، أو شدة من القمع والاضطهاد، بل تصبر وتتحمل حتى تزول تلك المحنة، وترحل تلك النازلة، فيجعل الله لهم بعد عسر يسراً.

و تطبيقاً لما سبق، يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه:  ((شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا، فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد، ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)) (رواه أحمد)”

الثبات ليس أمراً هينا، أو سهلاً على النفوس، بل له تكلفة غالية، تتمثل بالتضحيات الجسام، والصبر على العراقيل والأذى، وهو لا يتم على وجه السرعة.

ولهذا استحق أولئك الصابرون والثابتون أن ينالوا وصف الربانيين؛ لأنهم توكلوا على الله، وتحملوا في سبيل دعوته كل الأذى والألم. قال تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ما استكانوا والله يحب الصابرين. وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين} [آل عمران: 146-148]

أهمية الثبات

لتطبيق ركن الثبات أهمية كبيرة على الدعوات، وقوتها واستمرارها، فهو ينشر في الأفراد الصبر والطمأنينة، والثقة بنصر الله، والبعد عن اليأس والإحباط، والقبول بأنصاف الحلول وغيرها من صور الذل والمهانة. ”

 كما أنه يحمي الدعوة، من مجموعة من الظواهر، منها ظاهرة المستعجلين، الذين يريدون تحقيق النتائج بأسرع وقت، وإلا سرعان ما استسلموا وعادوا على دعوتهم بالانتقاد لثباتها.

أيضا للثبات دور في تنقية الدعوات من أولئك الذين ما دخلوا الدعوة إلا نفاقاً وطمعاً للحصول على منصب أو جاه، فإذا تعرضت الدعوة إلى محن وابتلاءات، وشدائد وتضييق، قفز من الركب، وانقلب على عقبيه، وحاله كمن يعبد الله على حرف، قال تعالى : {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} [الحج 11]

والثبات يحمي الدعوة من أولئك الذين تغريهم الدنيا والمناصب، فقد يصمد أمام الابتلاءات والمحن، لكنه في حالة الرخاء، يسعى للبحث عن طريق جديد يصل فيه إلى أعلى المراتب، ويبني لنفسه مجداً شخصياً، فيخرج من دعوته، وربما ينقلب على أفكارها، فيفقد منهجه مبادئه التي كان يدعو إليها ويدافع عنها.

وبناء على تطبيق ركن الثبات، فإن جماعة الإخوان المسلمين ما زالت ثابتة على مبادئها، لم تتحول عن أي منها، فهي تعرضت للأذى والمحن على مر عقود، سواء على يد الإنجليز أو اليهود، أو حتى ممن يتسمون بأسمائنا ويقولون بأنهم مسلمون، وفي نفس الوقت، بقيت الجماعة ثابتة على مبادئها، رغم وصولها إلى الحكم في عدد من الدول، فلم تحرف الدنيا وما تحويه من مناصب وملذات بوصلتها عن أفكارها وغاياتها. ولم ترض أن تتنازل عن مبادئها، مقابل أن تكون تابعة لجهة معينة، أو حفنة من المال أو شيء من عرض الدنيا.

والله وأكبر ولله الحمد

وسوم: العدد 650