متى تلتئم جراح المصريين؟!!

يبدو أن هناك في أجهزة المخابرات والأجهزة السيادية الأخرى في مصر من أدرك خطورة استمرار الانقسام المجتمعي الحاصل لاسيما في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة ... ويبدو كذلك أن هؤلاء قرروا استخدام أدواتهم المختلفة عبر عدة وسائل لتهدئة الأوضاع الداخلية في مصر لإيجاد الحد الأدنى من الاستقرار المجتمعي والتماسك الداخلي في ظل كل هذه التحديات التي تعصف بالمنطقة ... وقطعا من قنوات التواصل مع الشعب رموز سياسية ما تحتفظ معها هذه الأجهزة بعلاقات معينة (مثل: أ/حمدين، د/أيمن نور، ...إلخ).

وفي الحقيقة علينا أن نعترف بما يلي:

1.تجيد الأجهزة السيادية والاستخباراتية إلى حد بعيد توجيه الرأي العام وتوجيهه.

2.تمتلك تلك الأجهزة قدرة كبيرة على التلاعب بالنخب السياسية والثقافية في مصر واستدراجها إلى اللعب في المنطقة التي تريدها (ومن ذلك الكلام عن موت السيسي في17/10/2013 وأن الموجود هو بديله، وخروج العديد من معارضي الانقلاب في وسائل الإعلام آنذاك لتأكيد ذلك ... وقبل ذلك شائعة تأييد الجيش الثاني الميداني للرئيس مرسي ووقوف اللواء أحمد وصفي معه ... وهذا قيل على منصة رابعة ...).

3.هناك قدرة كبيرة لتلك الأجهزة على المراوغة السياسية بحكم امتلاكها لأدوات اللعبة، وعلاقاتها الواسعة بمختلف الأطراف، وتنوع روافد المعلومات التي تصب لديها كلها في النهاية.

ولكن على هذه الأجهزة السيادية والاستخباراتية أن تدرك ما يلي:

1.جميع أبناء الشعب المصري يسعدون ويفخرون بلا شك بأن يكون جيشهم قوي، وأجهزة مخابراتهم محترفة وقوية وفاعلة وتعمل لمصلحة الوطن وجميع أبنائه دون تفرقة.

2.تأكد للجميع من كلام أ/حمدين صباحي أن أجهزة المخابرات والأجهزة السيادية التي استدعته للحديث الآن تدرك الحقيقة كاملة وهي أن الإخوان ظُلموا، وأنهم وهم جزء لا يتجزأ من الشعب المصري المسالم الطيب، وقد تم على أيدي السيسي وعسكره الفتك بهم وسفك دماء الآلاف منهم واعتقال وتشريد مئات الآلاف ظلما وعدوانا.

3.رغم قدرة هذه الأجهزة على الحركة والفعل لكنها لن تستطيع التحكم في ردود أفعال ملايين الشباب الغاضبين الذين يشعرون بأن هذه الأجهزة تلاعبت بهم وبطموحهم، وأنها دمرت مستقبلهم ومستقبل مصر.

4.رغم نجاح هذه الأجهزة حتى الآن في تنفيذ خطتها للانقلاب على ثورة يناير وتصدير الإخوان كعدو للشعب بدلا من الحزب الوطني والعسكر إلا أن قطاعات كبيرة جدا بدأت تفهم الحقيقة (وانزلوا للميدان واعملوا دراسات ميدانية مسحية لتدركوا صحة ما أقول ...!!).

5.خطة الخداع الاستراتيجي التي نجحت فيها هذه الأجهزة باتت في مهب الريح فالناس يتساءلون: سقط مرسي، وقُتل واعتقل عشرات الآلاف من الإخوان، وهرب مئات الآلاف وتدفقت مليارات (رز) الخليج على السيسي والعسكر ومع ذلك فالفشل حليفهم، والكوارث تتلاحق والمعيشة تزداد سوءًا أضعاف أضعاف ما كانت عليه أيام الرئيس مرسي ... وانفجار الشعب المصري بات وشيكا (وانزلوا للميدان لتعرفوا صحة هذا الكلام ...!!).

6.انفجار الأوضاع في مصر هذه المرة لن يتم السيطرة عليه بسهولة .. فالموتورون كثر، والشعب يعاني، والثقة من الجميع في الجميع منزوعة، والعسكر خصم الآن وليسوا حكما نزيها محايدا، بل الشعب يدرك أنهم الخصم الحقيقي وليس الإخوان وأن مبارك كان مجرد قناع.

7.التأخر والتباطؤ في تحقيق الحد الأدنى من العدالة الناجزة ليس في مصلحة أحد لا العسكر ولا الشعب، ولا الاستقرار في المنطقة والعالم.

8.لابد من قول الحقيقة للشعب المصري ... لابد من المكاشفة والمصارحة ... لابد من الاعتراف بالدور القذر الذي تم لعبه منذ اندلاع ثورة يناير وحتى الآن ... سواء على مستوى الإعلام أو على مستوى العسكر وتشويههم المتعمد لثورة يناير وللرئيس الشرعي المنتخب الذي جاءت به !!

9.لابد من اللجوء لعقول جديدة ... نعم يا أجهزة العسكر المختلفة ابتعدوا فورا عن تلك العقول العقيمة التي ورطتكم وورطت مصر، تلك التي على شاكلة هيكل، والنمنم، وميزو، وخالد يوسف، والزند ... إلخ ... إلخ ... نحتاج لعقليات جديدة من الأجيال المختلفة، ولن تعدم مصر الشرفاء المخلصين كطارق البشري، وحسام الغرياني، ... وغيرهما الكثيرون.

10.لو كانت هذه الأجهزة مخلصة وجادة في استنقاذ مصر، واستنقاذ العسكر، والحفاظ على البلد في هذه الظروف والأوضاع الإقليمية المضطربة فالمجال مفتوح وكل الأطراف أمامها: الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي بين أيديهم هو ورفاقه ... والمعارضة المطاردة بالخارج موجودة ... والإعلام مسخر تحت أيديهم ... والكل على استعداد للحل ولديهم رغبة حقيقية صادقة لإنقاذ البلد ... والطريق للتواصل مع كل هؤلاء سهل ومعروف ... فأين المخلصون والشرفاء من العسكر الذين بأيديهم مفاتيح الحل الآن بحكم ما يمتلكون من قوة ... لكن غدا مفاتيح الحل ستكون بأيدي الشباب الغاضب ...!!

11.بإمكان كل هذه الأجهزة الاستمرار في خطط الخداع الاستراتيجي والمراوغة واللعب بالجميع لكسب مزيد من الوقت لحماية السيسي والعسكر وتزييف وعي الجماهير ... قد ينجح هذا مؤقتا لكن الناس بدأت تستيقظ وتفهم ... والمستقبل للشباب الواعي الذي يزداد وعيا وعددا ... والوقت ليس في صالح الانقلاب ولا العسكر بكل ما يمتلكونه من قوة.

كلمة أخيرة أقولها مخلصا للجميع والله على ما أقوله وكيل: يا قومنا اعتبروا بأحداث التاريخ سواء للأمم أو الأفراد:

1.لقد استكبر قوم نوح عليه السلام، وكفروا به، وسخروا منه واستهزؤوا به وبالفُلك الذي كان يصنعه، لكن الله تعالى نصره وأعزه وأهلكهم بالطوفان.

2.لقد استكبر قوم إبراهيم عليه السلام، وكفروا به، وأحرقوه، فنجاه الله تعالى من النار، ونصره وأعزه.

3.لقد كاد أخوةُ يوسف لأخيهم بعد أن حسدوه، وأكل الحقد قلوبهم عليه فرموه في البئر .. لكن الله تعالى نصره عليهم.

4.لقد بطش فرعون ببني إسرائيل، ورفض الإيمان بموسى الذي نشأ في بيته، وطارده وقومه، فشق الله لموسى ومن معه البحر، وأغرق فرعون وهامان وجنودهما.

5.لقد حسدت قريش وكفارها وأشرافها محمدا صلى الله عليه وسلم وآذوه وأصحابه ودفعوه للهجرة لكن الله نصره وأعزه وأعز دينه.

6.والتاريخ العسكري لمختلف الأمم مليء بالعبر والعظات ...  اقرؤوا تاريخ الفراعنة والحيثيين، والفرس والروم، والصين واليابان وكوريا، والسلتيين والتوتونيين والهونيين والقوط والغال ... وغيرهم من الجماعات التي ولدت منها أوربا المعاصرة.

7.واقرؤوا تاريخ الجبابرة: ستالين، وهتلر، وموسيليني، وتشاوشيسكو، ومليسوفيتش، وبينوشيه، ... وغيرهم ... وغيرهم ...

فلنتق الله ولنصبر ... "إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (يوسف: 90) ... "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21)

وسوم: العدد 650