الغرب يخلع وكلاءه  المستبدين الفاسدين

الغرب يخلع وكلاءه  المستبدين الفاسدين

ليس لأنهم استبدوا وفسدوا ..

بل لأنهم عجزوا عن الوفاء باستحقاقات الاستبداد والفساد

زهير سالم*

[email protected]

ثلاثون سنة ظل حافظ الأسد وكيل الغرب الأوربي و الأمريكي على سورية يمارس الطائفية والاستبداد والفساد والإرهاب في سورية  ولبنان  . وكان طوال تلك العقود ، رغم الغبار المثار ، محل إعجاب وتقدير وإكبار كل الساسة الأمريكيين . يكفي أن تراجع فقط ما قاله فيه كبار السياسيين والدبلوماسيين ، بمن فيهم الرئيس الطيب ( كارتر )  ، لتدرك حجم العشق الأوربي والأمريكي  لحافظ الأسد ، الذي كان هؤلاء يذوبون عشقا فيه ، ربما أكثر من ذوبان الكاهن المصري القبطي في السيسي ..

كافأ الأمريكيون حافظ الأسد في ولده ، ونقلوا وكالة العمالة إليه دون تردد او ريث ، وحسب وصية الرئيس الفرنسي ( جاك شيراك ) نفسه الذي اكتشف فيما بعد أن وصيه كان كذابا وقاتلا ، قال لهم جاك شيراك يوما عن حافظ الأسد : لا تنظروا إلى قتيل يقتل هنا ( يقصد رجالهم في لبنان ) أو طائرة تخطف أو تفجر هناك ( يقصد طائرة لوكربي ) التي كان الكل يعلم أن مفجرها هو حافظ  الأسد ، ولبّست للقذافي لأن الغربيين يعرفون كيف يستخرجون الدبس من النمس . قال لهم جاك شيراك الذي كان عراب بشار الأسد ومرشده حتى 2005 في عام 1987 لا تنظروا إلى رجل يُقتل هنا ولا إلى طائرة تخطف أو تفجر هناك ولكن انظروا إلى ما يقدمه لنا بما يفعله بأعدائنا ( الأصوليين ) .

بعلم الأوربيين والغربيين قتل حافظ الأسد في لبنان رؤساء جمهورية ( رينيه معوض وزعماء كمال جنبلاط وعلماء حسن خالد وصبحي الصالح وصحفيين سليم اللوزي ، وبعلمهم دمر في سورية مدنا وذبح عشرات الآلاف ، ومع ذلك لم نجدهم غضبوا ولا قلقوا ولا اجتمعوا ولا قرروا ..

وورث بشار الأسد أباه يرشحه للوراثة جاك شيراك وتكرسه في حفل تتويجه يدا مادلين أولبرايت المتغضنتين من جرها رحى الحرب على الإنسانية وأحلام الإنسان. وخلال السنوات العشر الأولى  من رئاسته مارس بشار الأسد كل الرذائل الطائفية والحقوقية والإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي مارسها أبوه من قتل ؛ استبد فبالغ في الاستبداد ، وفسد فأمعن في الفساد ، قتل من أبناء المنطقة كل من وقف في طريقه ، استخف بدماء الناس وحياة البشر فقتل أناسا أبرياء لكلمة عرضت  وقتل زعماء وقادة ورؤساء حكومات ، قتل مسلمين ومسيحيين قتل ، قتل جبران تويني وسمير قصير والحاوي ، قتل رجالا ونساءً قتل فلم يغضب من تماديه في القتل أحد ولا في تحديه لكل شرائع الله والإنسان أحد  بل ظل الرئيس القوي التي تجد كل رذائله عند رجال الساسة الغربيين ما يبررها ويسوغها بل ما لا يزال الكثير منهم – شاهت وجوههم ممسكا بها  ..

ودخلت الولايات المتحدة العراق غضبا من ممارسة الظالم المستبد الفاسد ، ولإقامة حكم ديمقراطي رشيد – زعموا –

عشر سنوات والأمريكيون في العراق . صنعوا من نوري الماكي ( وثنا ) من برغر ( ماكدونالدز ) ولا أريد أن أقول وثنا من تمر . زعموه صانعا للديمقراطية ، ومدافعا عنها ، وحاميا لمشروعهم فيها . وتقلد المالكي المهمة بمهارة ..

ومرت السنوات والمالكي بحضور الأمريكيين ثم بغيابهم يمارس أفظع الرذائل التي مارسها في التاريخ المستبدون الفاسدون ، مارس الطائفية والتمييز والاستئصال والإقصاء والانقضاض على الشركاء وتخريب العيش المشترك  ، ومارس الاستبداد والاعتقال والسجن والتعذيب والاغتصاب  ، ومارس الفساد في بلد ثري يحسب دخله اليومي بالمليار وما تزال شوارع مدنه ترابية وما يزال الكثير من أطفاله في الجنوب ( الشيعي ) حفاة . فسرق هو وشركاؤه وتضلعوا ..

كل هذا الذي جرى في سورية وفي العراق لم يغضب الأمريكيين ولا الغربيين ولم يثر قلق أحد منهم  ، ولم يستدع لقاء لمجلس الأمن ..

والذي يثير غضب القوم اليوم ، ويبعث قلقهم ، ويبلبل خاطرهم  ويشغلهم بالهم  أن وكلاءهم هؤلاء في سورية وفي العراق عجزوا عن إحكام السيطرة ، وكبت الثورة ، وكتم الأنفاس ، وسحق إرادة الشعوب  أكثر ...

الذي يقلق أوباما وبقية كهنة العالم الحر قدرة هذه الشعوب على الثورة ، وعجز الوكلاء المستبدين الفاسدين عن الوفاء باستحقاقات فسادهم واستبدادهم . يقول لوكلائه الفاسدين المستبدين ( العاجزين ) لو كان فيكم بقية من رجاء لسحقتم كما ينبغي السحق ولسيطرتم كما تقتضي السيطرة   ، السنوات تمر  وأنتم عاجزون عن إطفاء جذوة ( الفتنة ) وتخليصنا من هؤلاء ( الفوضويين ) تركنا لك الزمن مفتوحا والوسائل  تختارون منها ما تشاؤون ، وتركنا لداعميكم المدى مفتوحا بلا حسيب  ؛  كل الفرصة  كانت وما زالت لكم لتنجحوا ، فلم ...

ولذا يجب أن ترحلوا ، يجب ان ترحلوا ليس لاستبدادكم وفسادكم ، ففاسدين ومستبدين أردناكم ، يجب أن ترحلوا  لعدم قدرتكم على الوفاء باستحقاقات الاستبداد والفساد ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية