ديمستورا 30 % من المقاعد في جميع المؤسسات للنساء

المطلوب فوراً : مبادرة لتتأهل وتتقدم أصايل النساء

مبدأ غريب بل مريب مر في وثيقة ديمستورا بمبادئها الاثني عشر . يكاد يكون مدخلا للتمييز والإقصاء ، ومصادرة إرادة الشعب السوري على طريقة المادة الثامنة من الدستور المقبور : ( حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع ) .

والأغرب في الأمر ، والأكثر بعثا على الريبة والتوجس ، محاولة السيد ديمستورا تفسير أو تقديم تصوره لما يريد من خلال ما اسماه ( مجلسه النسوي الاستشاري ) ، المصنوع بطريقة انتقائية تمييزية ، تفضح المستقر في (لاوعيه) ، وحرصه على الالتفاف على إرادة المجتمع السوري ، وإجهاض التطلعات المشروعة للسوريين ..

في مبادئ ديمستورا الاثني عشر ، مبدأ يستحق الدراسة المتأنية ، والمتابعة الدقيقة والحثيثة ، مبدأ يشكل تحديا حقيقيا وجادا لقوى الثورة والمعارضة يقتضي استجابة إيجابية على طريقة إيقاد الشموع وليس على طريقة لعن الظلام . نواجه التحدي بالقبول وليس بالرفض ، ( ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ) .

ينص المبدأ السادس من مبادئ ديمستورا على أن ( تتمتع النساء بالمساواة بالحقوق والتمثيل العادل في جميع مؤسسات الدولة بنسبة تمثيل : 30 % على الأقل ...) أي في حكومة من ثلاثين وزيرا نحتاج إلى عشر وزيرات ، ليس للتصوير ، وإنما للإنجاز والتعمير ..

وقبل الخوض في دراسة أي تفصيل ينبغي أن نوضح أننا لسنا ضد أن تمتع المرأة السورية بحقوقها على كل المستويات . فنحن ننتمي إلى شريعةِ ( النساء شقائق الرجال ) ، والشقيق هو ما اشتق طولا ، وليس قُطع عرضا بنسبة ثلث إلى ثلثين كما يريد السيد ديمستورا ، ولفيفه الأدنون .

ولكشف ما وراء أكمة ديمستورا ، نحب أن نقول ، للرجل القادم من حضارة لم تتمتع فيها المرأة بحق في المشاركة السياسية إلا منذ قرن من الزمان : إننا أبناء حضارة استشيرت فيها النساء في ( علي أو عثمان ) منذ ألف وخمس مائة عام . يقول عبد الرحمن بن عوف لعلي : يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا فقد استشرت حتى العواتق ( الصبايا ) في خدورهن ، فوجدت الناس لا يعدلون بعثمان أحدا ..) ، رضي الله عن الصحابة أجمعين .

ثم نذكر السيد ديمستورا ، بأن المطلوب منه بوصفه دبلوماسيا عريقا ألا يضع عربة أمام حصان ، بل أن يضع حصانا أمام عربة . لتسير القافلة إلى غايتها المرجوة ، إن كان لقافلة هو حاديها أن تسير ..

يريد السيد ديمستورا وهو يؤسس لحكومة انتقالية في وطن يعصف به الدمار وتسفك فيه الدماء ، أن يذهب إلى تحقيق المعايير الدولية بتوفير نسبة تمثيل 30 % من النساء ، متناسيا آثار الجراح التي خلفتها حملات الاغتصاب المنظمة التي يريد السيد ديمستورا التستر عليها ، وإعفاء مرتكبيها من مسئولياتهم الإنسانية والقانونية ..

يريد السيد ديمستورا وهو يتوسط للتأسيس لدولة خارجة من عصر اليباب أن يحقق المعايير الدولية 30 % من النساء في جميع المؤسسات . نسبة تذكرنا بعهود التهريج الاشتراكي ( 25 % عمال وفلاحون ...)

أيها السوريون والسوريات جميعا ..

لقد وجدت زمرة الكيد لهذه الثورة ، على كل خطوط العرض جميعا ، في عنوان تمثيل المرأة مدّخلا إضافيا للكيد والتآمر فحاولت أن توظفه ، كما حاولت أن توظف موضوع الأقليات . وكما أثبت الكثير من أبناء الأقليات أنهم وطنيون وسوريون وأحرار وشرفاء حان الوقت لثبت النساء السوريات أنهن سوريات حرائر مقتدرات .وأنهن الحاملات الحقيقيات لمشروع الثورة ، الرافضات لنظام الاستبداد والفساد ، اللواتي تحملن العبء وقدمن الكثير لكي لا تضام أم ولا زوجة ولا شقيقة ولا بنت في سورية بعد اليوم .

إنه التحدي اليوم أمام القائمين على أمر الثورة بشكل عام ، وأمام حفيدات خديجة وعائشة وفاطمة وخولة بشكل خاص ، أن يتقدمن ، وأن يحملن العبء بما يستحق ، وأن يكن الوفيات للأمانة التي خلفها وراءهم الشهداء من الأبناء والأزواج والأشقاء ، ولصرخات المعذبات في أقبية الامتهان لم يستمع إلى أصواتهن ديمستورا قط..

على الأصايل من نساء سورية اليوم أن يتقدمن ، لأن غيابهن سيفرغ الساحة لديمستورا أن يملأها بمن يريد ويحب ، وواجبهن أن يملأنها عليه بمن تريد سورية الثورة وتحب .

ولكي تتقدم المرأة السورية لا بد لنا من مبادرات متسارعة ، فيها التجمع ، وفيها النشاط ، وفيها اكتشاف الطاقات ، وفيها التأهيل المتسارع للزج بجيل من السوريات المؤهلات بحق لتمثيل سورية الوطن والإنسان والثورة باقتدار ، يقطع على المتقولين الطريق. 

ولا بد للتأهيل من معايير، معايير جد وصدق واقتدار وإنجاز تليق بسورية وبالسوريات والسوريين .

لا بد من مبادرة سريعة يتأهل من خلالها جيل من السوريات يتكون من مشاركات من المنتهكات والمعتقلات والأرامل والثكالى والمشردات والمثقفات يجتمعن في إطار وطني واحد ، يعطين للسيد ديمستورا وللذين خلفه ، حقائق قد لا يعلمها عن القدرات الإبداعية للمرأة السورية ، التي تستطيع أن تقود وتنجز كما تنجب وتعطي .

لقد ظلت المرأة السورية على مدى نصف قرن المتضررة الأولى من نظام الاستبداد والفساد ، وآن لها أن تتحمل مسئولية حقيقية في الدرء عن نفسها ، بتحويل سورية إلى جنة سلام موفّرة للكرامة والهناءة والعيش والرشيد ...

قال ديمستورا : ( إن في فريقه نساء يلبسن ثيابا تقليدية ... ) !! وعلينا ان نرد عليه بالقول ، ومع إيماننا بأهمية الثياب ، إن آخر ما نفكر فيه هو الثياب ، بل نحن نفكر في سلامة العقول ، واستقامة المنطق ، وطهر القلوب ، وصدق الانتماء ، ومضاء العزيمة ، والقدرة على الإنجاز، محفوفا كل ذلك بما يليق به من جلال ومهابة وحرمة واحترام . 

إلى السيد ديمستورا : لن تتمكن في أي مجتمع المرأة ما لم يتمكن الإنسان وهذه هي الحقيقة التي تأبى ويأبون ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 661