المشروع الصفوي على خطا المشروع الصهيوني

المنطلقات – والأهداف – والأساليب

زهير سالم*

[email protected]

1 - مدخل

نسطر هذه الدراسة في توقيتها وسياقها إبراء للذمة : لله ثم للأجيال والتاريخ . ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) كلمة قالها مؤمن آل فرعون من قبل وتركها باقية لمدكر أو معتبر .

لقد عاش العرب والمسلمون حتى نهاية الشطر الأول من القرن العشرين يتمارون في المشروع الصهيوني بين مكذب ومشكك ومتوان ومحذر . ويوم كان الصهاينة يحكمون غرس أنيابهم في طين فلسطين وفي لحم أبنائها كانت صورة المشهد العربي تدور في أفلاك أخرى . كما هو حال الأمة اليوم . 

يتجاوز المشروع الصفوي في خطره المشروع الصهيوني بوصفه تهديدا ( جوانيا ) يقيم معسكره في قلب الوجود الداخلي للأمة . ينازعها عناوينها ، ويزاود عليها في أهدافها ومطالبها . وإذا كان المشروع الصهيوني قد استهدف منذ البداية وجود الأمة في ( بقعة ) محددة من أرضها ، أرادها بؤرة سيطرة ونفوذ ؛ فإن المشروع الصفوي يعتبر كل قرية أو مسجد على خطوط الطول الإسلامية هدفا لمشروعه الذي يريد أن يستبيح كل شيء ، التاريخ  والجغرافيا والإنسان . حتى وصل الأمر بحسن نصر أن يعترف في لحظة انفعال   : أن معركتهم في سورية هي معركة وجود.

لا يزال هناك الكثير من أبناء الأمة لا يريدون  أن يسمعوا وأن يعلموا ان المعركة الوجودية التي أشار إليها حسن نصر الله في سورية هي نفسها معركتهم في العراق ومعركتهم في لبنان ومعركتهم في البحرين ومعركتهم في اليمن ومعركتهم في ساحة الحرم عند الحجر الأسود ومعركتهم عند ضريح الصاحبين في قلب المسجد النبوي ومعركتهم في القاهرة وفي الخرطوم وفي تونس  وفي الجزائر وشنقيط وتطوان وأندونيسيا وما ليزيا وفي كل مكان يذكر فيه اسم الله الحق ..

ولقد كان لهذه الحرب ( المشروع ) أبعاده التاريخية منذ سقوط قيصر وكسرى ، يومها قرر الأولون أن يواجهوا وقرر الأخيرون أن يخاتلوا . وأن يندسوا تحت عباءة الأمة ، وأن يزاودوا عليها في إيمانها وإسلامها في منقولها ومعقولها ، في مشاعرها وسلوكها .  ولم يكن لمن يديرون هذه الحرب المشروع  على مدى التاريخ معركة تحت راية من رايات الفتح ، أوتحت راية من رايات مقاومة الغزو . لم يقفوا يوما في مواجهة الجهل أوالوثنية أوالشرك بل كانوا دائما حملة رسالة الجهل والتجهيل أنصارا للوثنية المتحالفين مع هولاكو بكل تشخيصاته التاريخية  ، ضد الأمة وحضارتها وعقيدتها حتى وهم يتوسدون الأمر فيها فيحكم ابن العلقمي اللعين بأمرها .

لقد أسسوا منذ أيام الفتح الأولى باسم الإسلام وتحت رايته دينا خاصا بهم هو أقرب إلى  ( تراكم الخرافة والجهل ) ، ونسج الأساطير وإغراق العامة من الأتباع في سيل من الروايات المختلقة المكذوبة التي لا ترقى لأفق شرعي ولا عقلي ولا علمي ...

وفي العصر الحديث وبعد الثورة الخمينية في طهران سنة / 1979 ،أصبح  المشروع الصهيوني بالنسبة لقادة المشروع الصفوي ، ولاسيما بعد فشل تجارب تصدير الثورة المباشرة ، انموذجا لتجربة ناجحة  قرر قادة المشروع الصفوي المنسل من الإسلام الدين والعقيدة والحضارة  أن يستنسخوها وأن يسيروا على خطا قادتها ومؤسسيها .

يكتشف المسلمون اليوم حجم التغلغل الذي حققه قادة المشروع الصفوي على المستويات الدولية والإقليمية ، وحجم النصر الذي أحرزوه في الكثير من أقطار المسلمين ولاسيما في العراق ولبنان والشام والبحرين واليمن ولا تزال المسيرة في بدايتها وما زال الجاهلون في الحق يمارون ...

هذه الدراسة محاولة علمية موضوعية لاكتشاف ما يمكن اكتشافه من نقاط التقاطع بين المشروعين الاستحوازيين على أرضنا وإنساننا وعقولنا وقلوبنا .نقول ما يمكن اكتشافه لأن المستجدات في كل يوم تطلع علينا بالمزيد الذي يصعب على الدارس الجاد أن يتصوره  أو أن يتوقعه في عالم من التقية والنفاق والذهاب بعيدا في سياسة الادعاء والكذب  والتكذيب ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية