لا... ما جاء بعدُ وقت ( قلنا لكم ...)

بل نحن الذين نقول لكم

زهير سالم*

[email protected]

كمواطنين سوريين مهتمين بمصير وطننا وأهلنا بل ومصيرنا وإن كنا بعيدين عن الديار ، ما زلنا نسمع التقريع بعد التقريع من السيد حسن نصر وأضرابه من نوع ( قلنا لكم ..شرحنا لكم .. وضحنا لكم ...) في دعوات مفتوحة وشامتة  إلى الاستسلام أو إعلان الانكسار أو الاعتراف بالهزيمة  فيما يعتبره البعض جزءً من الحرب النفسية التي يشنها حسن نصر الله ومحازبوه على الشعب السوري والثورة السورية .

حزب حسن نصر الله اعتبر وجوده في سورية بالأمس ( مطلبا دوليا ) معوَّلا عليه مركونا إليه ، عندما فسر محللوه طلب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري  من إيران أن يكون لها دور إيجابي في صنع السلام  والاستقرار في سورية ، وهشّ الحزب للرغبة الأمريكية وبشّ . التفسير الغبي للتصريح الأكثر غباء يؤكد حقيقة ما فضحته الثورة السورية المباركة من أمر الحلف ( الأمريكي – الصفوي ) ، الذي أثبت تقدمه في ظلال هذه الثورة على الحلف ( الأمريكي – الصهيوني ) .

ومع ذلك نقول ليس المقصود في  بيان هذا المقام هو حزبَ الله ومحازبيه وبشار الأسد وطوابير أنصاره طبقا عن طبق من يساريين وقوميين وليبراليين وعلمانيين وملاويين وملامتية وحزبللاويين . وإنما المقصود هم قوم آخرون من الذين استخفهم غرورهم وطموحوهم فسبقوا إلى مقاعد القرار في قيادات المعارضة السورية علوا واستكبارا أو إقصاء واستئثارا مع عجز ظاهر ، وقصور غالب ، وسوء تقدير كان ثمنه الكثير من الدم والانتهاك والتفريط والتضييع . وانخطفت بسوء تصرفهم وبسنا غرورهم الأبصار وانعقدت الألسن فالمقام عند العقلاء لا يحتمل أخذا ولا ردا ولا شقاقا ولا نزاعا  . لم يكن المقام يحتمل إلا اللواذ بالصمت فلاذوا ، ولا يقبل في مثله إلا اللجوء إلى اللطيف الخبير فلجؤون يُلظُّون  : اللهم سلم ..اللهم سلم ..

صمتوا وهم  يرون موضع الخلل ، والتهافت على النشب ، والتنافس والتراقص على سنا اللهب ، والجري وراء  السراب حيث أصبح لبشار الأسد في عالم الثورة المحترق أهلها المئون من ( المشتقات ) أو ( المشتقين ) الكل  يريدها ويديرها ويرددها على هواه ( أنا ..) وتدور الحميا بأربابها فإذا الرؤوس من النشوة خمار .وكان الصمت سيد الحلماء  لكي لا يسيء امرؤ تقديركلمة يقال فيها – وقد قيل - ينافسون على ما ينافس عليه الناس . ويخاصمون على ما عليه يتخاصمون ..

فتُرك للمستبد ين الصغار أمرا أرادوه  خالصا لا شية فيه .  وكان الشعور بالإثم وما زال يلاحق القلوب والضمائر ويؤرق أصحاب الأبصار والبصائر فيرجعون إلى أنفسهم فيجدونها بين قابي قوس المفسدتين اللتين لا بد من احتمال أصغرهما لدرء الأعظم ، وكان فساد ذات البين بالنسبة إليهم هو المفسدة الأعظم والأكبر ..

منذ شهر تقريبا بدأت الرسائل التقريعية على طريقة السيد حسن نصر الله تصلنا من نظرائه على الطرف الآخر ، يقرعوننا وهم الذين كانوا أصحاب كل قرار المنفردين  بكل موقف ، المتصرفين بكل  إمكانية ، المسيطرين على كل شيء ثم يقرعوننا اليوم  : ألم نقل لكم ..؟! الم نشرح لكم ...؟!

لا ...لا تبدؤوا هذه من جديد ..

إن قدسية دماء الشهداء التي تلجم ألسنتنا اليوم يجب ألا تغركم وألا  تغيّب عنكم فاتورة السؤال غدا ..

غدا حيث ستطول الفاتورة عن كل قرار وكل موقف وكل كلمة وكل ابتسامة في غير موضعها وكل درهم وكل دينار ..

تخطئون إذ تظنون الصمت رضا ، والسكوت إقرار ولكن الأهم يلجم عن المهم ، وفي أمر اليوم لنا شغل عن الغد فلا تتعجلوه ...

غدا حيث سيكون عليكم أن تجيبوا على كل الأسئلة بوصفكم المسئولين عن كل الذي يسجله واقعكم اليومي ونعدكم أن يكون ذلك ببر وقسط وعدل ووفاء ..

لا لم تقولوا لنا . وليس دوركم في مواقعكم أن تقولوا دوركم أن تفعلوا ..

نحن الذين قلنا و سنقول لكم ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية